أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
الإقرار
التّعريف :1- من معاني الإقرار في اللّغة : الاعتراف . يقال : أقرّ بالحقّ إذا اعترف به . وأقرّ الشّيء أو الشّخص في المكان : أثبته وجعله يستقرّ فيه .وفي اصطلاح الفقهاء ، الإقرار : هو الإخبار عن ثبوت حقٍّ للغير على المخبر ، وهذا تعريف الجمهور . وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه إنشاء ، وذهب آخرون منهم إلى أنّه إخبار من وجهٍ ، وإنشاء من وجهٍ .والإقرار عند المحدّثين والأصوليّين هو : عدم الإنكار من النّبيّ صلى الله عليه وسلم على قولٍ أو فعلٍ صدر أمامه . وتنظر أحكامه في مصطلح ( تقرير ) ، والملحق الأصوليّ .الألفاظ ذات الصّلة :أ - الاعتراف :2 - الاعتراف لغةً : مرادف للإقرار . يقال : اعترف بالشّيء : إذا أقرّ به على نفسه . وهو كذلك عند الفقهاء . يقول قاضي زاده : روي في السّنّة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « رجم ماعزاً بإقراره بالزّنى ، والغامديّة باعترافها » ، « وقال في قصّة العسيف : واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها » . فأثبت الحدّ بالاعتراف . فالاعتراف إقرار ، وقال القليوبيّ : إنّه تفسير بالمرادف .ب - الإنكار :3 - الإنكار : ضدّ الإقرار . يقال في اللّغة : أنكرت حقّه : إذا جحدته .ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ ( ر : مصطلح : إنكار ) .والمنكر في الاصطلاح : من يتمسّك ببقاء الأصل .ج - الدّعوى :4 - الدّعوى في الاصطلاح : مباينة للإقرار ، فهي قول مقبول عند القاضي يقصد به طلب حقٍّ قبل الغير ، أو دفع الخصم عن حقّ نفسه .د - الشّهادة :5 - الشّهادة هي : الإخبار في مجلس الحكم بلفظ الشّهادة لإثبات حقٍّ للغير على الغير . فيجمع كلّاً من الإقرار والدّعوى والشّهادة أنّها إخبارات ، والفرق بينها أنّ الإخبار إن كان عن حقٍّ سابقٍ على المخبر ويقتصر حكمه عليه فإقرار ، وإن لم يقتصر : فإمّا ألاّ يكون للمخبر فيه نفع ، وإنّما هو إخبار عن حقٍّ لغيره على غيره فهو الشّهادة ، وإمّا أن يكون للمخبر نفع فيه ، لأنّه إخبار بحقٍّ له ، فهو الدّعوى .كما تفترق من ناحية أنّ الإقرار يصحّ بالمبهم ويلزم تعيينه .أمّا الدّعوى بالمبهم فإن كانت بما يصحّ وقوع العقد عليه مبهماً كالوصيّة فإنّها تصحّ . وأمّا الدّعوى على المدّعى عليه المبهم فلا تصحّ ، ولا تسمع .وأمّا الشّهادة بالمبهم فإن كان المشهود به يصحّ مبهماً صحّت الشّهادة به كالعتق والطّلاق ، وإلاّ لم تصحّ ، لا سيّما الشّهادة الّتي لا تصحّ بدون دعوى .الحكم التّكليفيّ :6 - الأصل في الإقرار بحقوق العباد الوجوب ، ومن ذلك : الإقرار بالنّسب الثّابت لئلاّ تضيع الأنساب ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال حين نزلت آية الملاعنة : « أيّما رجلٍ جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللّه عنه وفضحه اللّه على رءوس الأوّلين والآخرين » ،وكذلك الإقرار بالحقّ الّذي عليه للغير إذا كان متعيّناً لإثباته ، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب . دليل مشروعيّة الإقرار :7 - ثبتت حجّيّة الإقرار بالكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول .أمّا الكتاب فقوله تعالى : { وليملل الّذي عليه الحقّ } أمره بالإملال ، فلو لم يقبل إقراره لمّا كان لإملاله معنًى .وقوله تعالى : { بل الإنسان على نفسه بصيرة } أي شاهد كما قاله ابن عبّاسٍ .وأمّا السّنّة : فما روي أنّه عليه الصلاة والسلام « رجم ماعزاً والغامديّة بإقرارهما » ، فإذا وجب الحدّ بإقراره على نفسه فالمال أولى أن يجب .وأمّا الإجماع : فلأنّ الأمّة أجمعت على أنّ الإقرار حجّة قاصرة على المقرّ ، حتّى أوجبوا عليه الحدود والقصاص بإقراره ، والمال أولى .وأمّا المعقول : فلأنّ العاقل لا يقرّ على نفسه كاذباً بما فيه ضرر على نفسه أو ماله ، فترجّحت جهة الصّدق ، في حقّ نفسه ، لعدم التّهمة ، وكمال الولاية . أثر الإقرار :8 - أثر الإقرار ظهور ما أقرّ به ، أي ثبوت الحقّ في الماضي ، لا إنشاء الحقّ ابتداءً ، فلو أقرّ لغيره بمالٍ والمقرّ له يعلم أنّ المقرّ كاذب في إقراره ، لا يحلّ له أخذ المال عن كرهٍ منه فيما بينه وبين اللّه تعالى ، إلاّ أن يسلّمه إيّاه بطيب نفسٍ منه فيكون تمليكاً مبتدأً على سبيل الهبة . وقال صاحب النّهاية ومن يحذو حذوه : حكمه لزوم ما أقرّ به على المقرّ . حجّيّة الإقرار :9 - الإقرار خبر ، فكان محتملاً للصّدق والكذب باعتبار ظاهره ، ولكنّه جعل حجّةً لظهور رجحان جانب الصّدق فيه ، إذ المقرّ غير متّهمٍ فيما يقرّ به على نفسه .قال ابن القيّم : الحكم بالإقرار يلزم قبوله بلا خلافٍ .والأصل أنّ الإقرار حجّة بنفسه ، ولا يحتاج لثبوت الحقّ به إلى القضاء ، فهو أقوى ما يحكم به ، وهو مقدّم على البيّنة . ولهذا يبدأ الحاكم بالسّؤال عنه قبل السّؤال عن الشّهادة . قال القاضي أبو الطّيّب : ولهذا لو شهد شاهدان للمدّعي ثمّ أقرّ المدّعى عليه حكم بالإقرار وبطلت الشّهادة . ولذا قيل : إنّه سيّد الحجج .على أنّ حجّيّته قاصرة على المقرّ وحده لقصور ولاية المقرّ عن غيره فيقتصر عليه . فلا يصحّ إلزام أحدٍ بعقوبةٍ نتيجة إقرار آخر بأنّه شاركه في جريمته . وهذا ما جرى عليه القضاء في عهد الرّسول صلى الله عليه وسلم . فقد روي أنّ « رجلاً جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنّه قد زنى بامرأةٍ - سمّاها - فأرسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فدعاها فسألها عمّا قال ، فأنكرت فحدّه وتركها » .غير أنّ هناك بعض حالاتٍ لا بدّ فيها للحكم بمقتضى الإقرار من إقامة البيّنة أيضاً . وهذا إذا ما طلب تعدّي الحكم إلى الغير . فلو ادّعى شخص على مدين الميّت أنّه وصيّه في التّركة ، وصدّقه المدين في دعوى الوصاية والدّين ، فإنّ الوصاية لا تثبت بهذا الإقرار بالنّسبة لمدينٍ آخر ينكر الوصاية وإنّما يحتاج إلى بيّنةٍ .وفي الدّرّ المختار : أحد الورثة أقرّ بالدّين المدّعى به على مورثه ، وجحده الباقون ، يلزمه الدّين كلّه إن وفّت حصّته من الميراث به ، وقيل : لا يلزمه إلاّ حصّته من الدّين رفعاً للضّرر عنه ، لأنّه إنّما أقرّ بما يتعلّق بكلّ التّركة . وهو قول الشّعبيّ والبصريّ والثّوريّ ومالكٍ وابن أبي ليلى ، واختاره ابن عابدين ، ولو شهد هذا المقرّ مع آخر أنّ الدّين كان على الميّت قبلت شهادته ، ولا يؤخذ منه إلاّ ما يخصّه .وبهذا علم أنّه لا يحلّ الدّين في نصيبه بمجرّد إقراره ، بل بقضاء القاضي عليه بإقراره . يقول ابن عابدين : ولو أقرّ من عنده العين أنّه وكيل بقبضها لا يكفي إقراره ، ويكلّف الوكيل إقامة البيّنة على إثبات الوكالة حتّى يكون له قبض ذلك . ثمّ الإقرار حجّة في النّسب ، ويثبت به النّسب إلاّ إذا كذّبه الواقع ، كأن يقرّ بنسب من لا يولد مثله لمثله .