أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
لقد أردنا أن نتكلّم في هذا الموضوع الهامّ، وذلك لورود أسئلة عديدة من موظفي وزارات الدولة حول الشروط الشكلية والموضوعية للتظلّم من القرارات الإدارية، وذلك حتى يتلافوا ما يمكن أن يقف عقبة أمام حصولهم على حقوقهم المشروعة.
ونحن نعلم أن الموظف العام يقوم بأداء الخدمة الوظيفية العامّة، ويتحمّل ما يتصل بها من التزامات وأعباء، وهو في مقابل ذلك يتمتّع بعدد من الحقوق أغلبها مالي كالمرتبات والعلاوات والترقيات، وبعضها غير مالي كالأجازات السنوية والمرضية، وحقوق الموظف لا تخضع للمساومة، فهي لا تختلف بالنسبة لأصحاب المراكز المتشابهة، وتستقلّ الحكومة بتحديدها ووضعها قواعد عامّة يخضع لها الموظف دون منافسة أو جدال.
الموظف يقوم بأداء الخدمة الوظيفية في مقابل تمتّعه بحقوق مالية أو غير مالية تحدّدها الحكومة
يجوز للمتظلّم أن يرفع تظلّمه إلى الجهة المصدرة للقرار خلال ستين يومًا من تاريخ نشر القرار
يجوز للموظف الذي لم يعلم بالقرار أن يتظلّم منه خلال ستين يومًا، وذلك من تاريخ العلم اليقيني
هناك جهات رقابية تراقب الجهة الإدارية وتبدي رأيها في التظلّم المرفوع من الموظف بما يتفق مع الواقع والقانون
يجوز للموظف رفع دعوى قضائية من القرار المتظلّم منه، وذلك بعد استيفاء كل المراحل والإجراءات الواجب اتباعها بعد تقديم التظلّم
إلا أنه قد يثور التساؤل حول صدور قرار من جهة الإدارة يقضي بتخطّي أحد الموظفين في الترقية إلى الدرجة الأعلى، على الرغم من أحقيته واستيفائه لكافة الشروط المطلوبة، ففي هذا الشأن: ماذا عساه أن يفعل؟ هل يجوز له أن يتظلّم للجهة الإدارية؟ وهل هناك مواعيد عليه أن يتقيّد بها عند تقديمه التظلم للجهة الإدارية؟ وهل هناك إجراءات معيّنة يجب اتباعها لتقديم هذا التظلّم؟ وهل يحق له عند رفض التظلّم أن يرفع دعوى قضائية من هذا القرار؟ وما هي شروط ذلك؟
وللإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها نقول: إنه من الجدير بالذكر أن المرسوم بقانون رقم20/81 بتاريخ17/2/1980 والمعدّل بالقانون رقم61 لسنة82 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكليّة لنظر المنازعات الإدارية، وتختصّ بإلغاء القرارات الإدارية المتعلّقة بشؤون الموظف، مثل المنازعات الخاصّة (بالمرتبات والمعاشات والمكافآت والعلاوات المستحقة للموظفين المدنيين أو لورثتهم، والقرارات الخاصّة بالترقية أو بإنهاء الخدمة أو توقيع جزاء تأديبي) وبهذا تكون تلك الدائرة هي المختصّة بنظر الدعوى المتعلقة بتخطّي الموظف في الترقية المستحقة له.
ضرورة التظلّم للجهة الإدارية قبل رفع الدعوى القضائية والشروط الواجب توافرها فيه..
أشارت المادة (8) من المرسوم المشار إليه: بأنه لا تقبل طلبات الإلغاء الخاصّة بالتعيين والترقية وإنهاء الخدمة أو توقيع جزاءات تأديبية قبل التظلّم منها إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو الجهات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة.
الشروط الواجب توافرها:
أولا: من الناحية الشكلية: ميعاد الطعن في القرارات الإدارية وميعاد رفع الدعوى ستون يومًا من تاريخ العلم، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلّم إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار إلى الجهات الرئاسية لها، ويجب أن يشتمل التظلّم المقدّم على البيانات الآتية:
1- اسم المتظلم.
2- وظيفته.
3- عنوانه.
4- تاريخ صدور القرار المتظلّم منه.
5- تاريخ نشره.
6- أسباب التظلّم.
ثانيًا: من الناحية الموضوعية (أسباب التظلّم)
حدّد القانون أسبابًا للطعن على القرار الإداري وهي:
1- عدم الاختصاص.
2- مخالفة القانون.
3- مخالفة القوانين واللوائح والخطأ في تطبيقها أو تأويلها.
4- إساءة استعمال السلطة.
وممّا تقدم يتضح لنا أنه يجوز للمتظلّم أن يرفع تظلّمه إلى الجهة المصدرة للقرار خلال ستين يومًا من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية أو النشرات التي تصدرها المصالح الحكومية، وإلا فإنه يتحصّن القرار ولا يجوز التظلّم منه حتى وإن كان باطلا... ولكن قد لا يعلم الموظف بالقرار إلا بعد فوات الستين يومًا فهل يجوز له أن يتظلّم من القرار؟ والجواب: أنه يجوز للموظف الذي لم يعلم بالقرار أن يتظلّم منه، وتحسب له مدة ستين يومًا أخرى، وذلك من تاريخ العلم اليقيني، وهو ما أشارت إليه المادة (117) من المرسوم، حيث جاء فيها: (أو ثبوت علمه علمًا يقينيًا).
الإجراءات التي يجب على الجهة الإدارية اتباعها بعد تقديم التظلّم
أشارت المادة (3) من ذات المرسوم: بأنه على الجهة التي تتلقى التظلّم أن تقيّده في سجلٍ خاصّ برقم مسلسل، تبيّن فيه تاريخ تقديمه، ويسلّم للموظف إيصال مبيّن فيه رقم التظلّم وتاريخ تقديمه، أو يرسل بكتاب مسجّل بعلم الوصول، وعلى الجهة التي أصدرت القرار المتظلّم منه أو على الجهة المذكورة أن تحرّر مذكرة بوجهة نظرها في التظلّم وأن ترسلها إلى ديوان الخدمة المدنية خلال عشرة أيام من تاريخ تقديم التظلّم مع صورة من القرار المتظلّم منه وجميع الأوراق والمستندات المتعلقة بالموضوع، وإذا كان التظلّم مقدمًا للجهة الرئاسية فعلى تلك الجهة أن تحيل التظلّم إلى الجهة التي أصدرت القرار لاتباع ما ورد في الفقرة السابقة، ويرسل ديوان الخدمة المدنية التظلّم مشفوعًا برأيه ووجهة نظر الجهة التي أصدرت القرار المتظلّم منه وجميع الأوراق والمستندات المتعلقة بالموضوع إلى إدارة الفتوى والتشريع خلال عشرون يومًا من تاريخ ورود التظلّم إليه، وتقوم إدارة الفتوى والتشريع بفحص التظلّم وموافاة السلطة المختصّة برأيها خلال عشرون يومًا من تاريخ وروده إليها، وتبتّ السلطة المختصّة في التظلّم- سواء بقبوله أو رفضه- خلال عشرة أيام من تاريخ ورود رأي الفتوى والتشريع، وتقوم بتبليغ المتظلّم بكتاب مسجّل بعلم الوصول بالقرار الصادر في تظلّمه وكذلك الأسباب التي بُني عليها إذا صدر القرار بالرفض.
وممّا سبق يتبيّن لنا أن هناك جهات رقابية تراقب الجهة الإدارية وتبدي رأيها في التظلّم المرفوع من الموظف بما يتفق مع الواقع والقانون، إلا أن رأي الفتوى والتشريع غير مُلزم للجهة الإدارية، ويجوز لها أن تخطر المتظلّم برفضها للتظلّم شريطة أن يكون مسببًا.
شروط رفع الدعوى القضائية لإلغاء القرار الإداري المتظلّم منه
وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة رفض جهة الإدارة للتظلّم المقدّم من الموظف، فإن له بعد ذلك أن يقوم برفع دعوى قضائية من القرار المتظلّم منه طالبًا إلغاءه، وذلك بعد أن يكون قد استوفى كل المراحل والإجراءات التي قمنا بشرحها، حيث لن يتمكن من رفع الدعوى إلا بعد استيفائه تلك الإجراءات والمواعيد المشار إليها.
ولكن قد يثور التساؤل في حالة عدم قيام جهة الإدارة بالردّ إيجابًا أو رفضًا في التظلّم المقدّم؟
فقد جرى قضاء التمييز على جواز رفع دعوى الإلغاء للقرار المتظلّم منه بعد فوات الستين يومًا ولو لم يصله ردّ من الجهة الإدارية، حيث يجب عليه التربّص بفوات الميعاد المقرّر للبتّ في التظلّم، فإذا انقضت تلك المدّة دون ردّ فإن الأصل أن ترفع دعوى الإلغاء خلال الستين يومًا التالية لتقديمه التظلّم، والتي يُعتبر فواتها دون إجابة من السلطة المختصّة على التظلم بمثابة رفض ضمنيّ أو حكميّ، حتى ولو أعلن صاحب الشأن بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام أن الميعاد سبق جريانه قانوناً بأمر تحقق وهو القرار الحكميّ أو الضمنيّ.