أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
للعمل الجماعي مزايا كثيرة قد لا نستطيع حصرها، تجعل من طبيعة هذا العمل أكثر نجاحا من أساليب العمل الفردي الذي غالبا ما يقوم على نزعة الاستئثار والتفضيل الذاتي مما يقود الى نتائج سيئة وربما غير متوقعة أحيانا.
ولعل الملاحظ من لدن المعنيين باحثين أو غيرهم أن هناك جفوة لهذا النوع من العمل في مجتمعاتنا لاسيما الاسلامية منها، حيث يقول أحد المختصين في هذا المجال، إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم يجد بعدا عن الأعمال الجماعية، حيث تجتمع الطاقات وتحتشد الجهود، ويستفيد كل واحد من الآخر، وسبب ذلك عدم ترسخ مفهوم العمل المؤسسي الجماعي، الذي يقوم على الجهد المشترك لإخراج أعمال لا يستطيع الفرد القيام بها، وإن فعل فسيكون إنتاجه ضعيفا.
ولهذا فإن أحد أهم أسباب حالات التخلف التي تعاني منها مجتمعاتنا تعود إلى نزعة التفرد في العمل ومحاولة إبعاد الآخرين في التشارك والابداع في الفكر أو العمل، على الرغم من أننا نعرف بأن العمل المؤسسي خير وأولى من العمل الفردي الذي لا يزال مرضاً من أمراض التخلف الحضاري في مجتمعات المسلمين، مع أنها قد توجد عناصر منتجة في المستوى الفردي أكثر مما تجدها حتى عند أولئك الذين يجيدون العمل الجماعي، وربما وجدت الكثير من الأعمال التي تصنف بأنها ناجحة.
إن القول أو الشعور بأن العمل الجماعي يقضي على مميزات العمل الفردي لا صحة لها في الواقع، إذ يمكن للفرد أن يبدع في مجال عمله ضمن العمل التشاركي العام، لذلك نحن بحاجة إلى تحقيق التوازن، بين الروح الفردية، والروح الجماعية، عن طريق التربية المتوازنة التي لا تحيل الناس أصفاراً، وأيضاً لا تنمي فيهم الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناسب لتنمية شخصياتهم، مع اختيار أساليب العمل، التي تحول دون التسلط وتنمية المبادرة الذاتية، وترسيخ مبدأ الشورى.
إن الفرد هو العنصر الأساسي في بناء المجتمع، لكن بشرط قيامه بدوره الأكمل وهو تعاونه مع بقية أفراد المجتمع، والأمة بتعاون أفرادها، هي أمة الريادة؛ لأن تعاونهم يضيف كل فرد إلى الآخر، إضافة كيفية وكمية، فمن ثم تتوحد الأفكار والممارسات من أجل تحقيق الاهداف التي يتطلع اليها المجتمع على نحو عام.
إذن ليس هناك تعارض بين الابداع الفردي والجماعي، بل لابد أن نتعلم كيف نوظف العمل الفردي في خدمة العمل الجماعي، وبالعكس، وهذا يتطلب بطبيعة الحال نوعا من ثقافة السلوك والفكر معا تصب في هذا الاتجاه.
إذ يؤكد أحد الكتاب على إن العمل المؤسسي يمتاز بمزايا عدة عن العمل الفردي: منها أنه يحقق صفة التعاون والجماعية، التي حث عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية، بقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-:"يد الله على الجماعة".
وقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً".
والعبادات الإسلامية التي تؤكد معنى الجماعية، والتعاون، وكل ذلك يبعث رسالة للأمة مفادها أن الجماعة، والعمل الجماعي، هو الأصل.
أما العمل الفردي فتظهر فيه السمات البشرية لصاحبه واضحة من الضعف، في جانب، والغلو في جانب والإهمال في جانب آخر.
وقد يقبل بقدر من الضعف والقصور في عمل الأفراد، باعتبار أن الكمال عزيز، لكن لا يقبل المستوى نفسه من القصور في العمل الجماعي المؤسسي.
ولابد أننا نعرّج قليلا على مفهوم العمل الجماعي وماذا يعني، فالعمل المؤسسي كما يشير إليه الكاتب محمد ناجي هو: شكل من أشكال التعبير عن التعاون بين الناس، أو ما يطلق عليه العمل التعاوني، والميل بقبول العمل الجماعي وممارسته، شكلاً ومضموناً، نصاً وروحاً، وأداء العمل بشكل منسق، قائم على أسس ومبادئ وأركان، وقيم تنظيمية محددة.
ويمكن تعريفه، بأنه: التجمع المنظم بلوائح يوزع العمل فيه على إدارات متخصصة، ولجان وفرق عمل، بحيث تكون مرجعية القرارات فيه لمجلس الإدارة، أو الإدارات في دائرة اختصاصها؛ أي أنها تنبثق من مبدأ الشورى، الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي.
إذن فأهم مزايا العمل الجماعي تكمن في الرأي التشاوري المتواصل بين الجميع وصولا إلى أفضل النتائج، كما أنه يتيح للخبرات الجماعية بالتقارب والتلاقح فيما بينها تحقيقا لأفضل النتائج في الانتاج، ولا يعني هذا تغييبا للمواهب الفردية التي يمكن أن تأخذ مجالها كاملا بين الحركة الجماعية المتعاونة.
وهنا لابد أن يتنبه المعنيون الى جوهر العمل الجماعي او المؤسسي وطبيعته؛ لأن مجرد ممارسة العمل من خلال مجلس إدارة، أو من خلال جمعية أو مؤسسة خيرية، لا ينقل العمل من كونه عملاً فردياً إلى عمل مؤسسي، فكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية التي لها لوائح وأنظمة، ومجالس إدارات وجمعيات عمومية، إنما تمارس العمل الفردي، إذ أن المنظمة أو الجمعية لا تعني إلا فلاناً من الناس؛ فهو صاحب القرار، والذي يملك زمام الأمور والتصرف بالموارد، وهذا ينقض مبدأ الشورى الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي، لذا ينبغي التنبّه إلى مثل هذه الأخطاء التي قد ترافق هذا النوع من العمل.
لهذا نحن بحاجة إلى إشاعة هذا النوع من الثقافة التشاركية التي تلغي التقاطع بين العملين الفردي والمؤسسي، وتزاوج بينهما، وتجعلهما يدعمان بعضهما من أجل الوصول إلى أفضل النتائج المرتقبة.
روح الفريق والتعاون تحت مظلة العمل الجماعى يؤدى الى سرعة انجاز الاعمال ورفع مستوى الاداء وتبادل الخبرات
تزيد من روح التعاون وانجاز العمل