أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
لا شك أن تأثيرَ أي شيء في الحياة ينقسم إلى شقين؛ إيجابي وسلبي، ومن المؤكدِ أن نتيجة استخدام هذا الشيء يعودُ على الشخص نفسِه بما يتجاوب معه، فإذا استخدَمه بطريقة صحيحة، انعكست النتيجةُ عليه بطريقة إيجابية، والعكس.
ومن أهمِّ القضايا الاجتماعية التي أثارت اختلافًا كبيرًا في الآونة الأخيرة: التكنولوجيا الحضارية ووسائل الاتصال الحديثة؛ حيث إنها أحدَثَتْ طفرةً حضارية في شتى المجالات في العصر الحديث، وكغيرِها من الوسائل الحديثة التي استُخدمت بطريقةٍ خاطئة في بعض الأحيان، ولكن بالرغم من قيام بعض الأشخاص بتشويه الصورة الصحيحة للتكنولوجيا وأهميتها، فإنها ما زالت تحافظُ على بعض المزايا التي أحدثَتْها في العصر الحديث، والتي لا يستطيعُ أحدٌ أن ينكرَها على الإطلاق.
أثر التكنولوجيا الإيجابي على الفرد والمجتمع:
من جانبه يؤكِّد الدكتور أحمد الأمير أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس، أن التكنولوجيا أصبحت هامة جدًّا في حياة الفرد؛ حيث إنه لا يستطيعُ الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، ومنها الإيجابي والسلبي؛ فهي تعتبر سلاحًا ذا حدَّين، تعُود إلى استخدام الشخص نفسه لها، ولكن في الآونة الأخيرة ومع انتشار وسائل الاتصال الحديثة بشكل فظٍّ - حاوَل البعض استخدام تلك الوسائل بطريقة غير سليمة، وبالتالي عادت عليهم بنتيجة سلبية عكسية على حياتهم، مُشيرًا إلى أن وسائل الاتصال الرقمية المتطورة لها إيجابيات متعددة؛ فهي تعتبر التطور الطبيعي والحضاري في كل المجالات الموجودة حاليًّا، حتى ولو أصبح لها سلبياتها، ولكن تظل إيجابياتُها أكثر وأهمَّ من سلبياتها.
وأضاف الأمير: فالتكنولوجيا ساعدت على توسيع إدراك الشخص المستخدم لها، وتطوير ثقافته، وجعلت منه متابعًا جيدًا للأحداث في كل أنحاء العالم بلا قيد أو عذر يحُول بينه وبين ما يحدُث خارج النطاق الذي يعيش فيه، كما أن لديها القدرةَ على تقريب المسافات بين الأشخاص، خصوصًا الطلبة الذين يدرسون خارج أوطانهم، فمكَّنتهم من التحدث إلى عائلاتهم وأصدقائهم يوميًّا، وإرسال رسائلهم عبر وسائل الاتصال الحديثة المختلفة، كما أنها مكَّنت الأشخاص من التواصل مع العلماء والمشايخ بشكل أسرع وأفضل عبر المواقع الخاصة لهؤلاء العلماء وإمكانية التواصل معهم شخصيًّا عبر البريد الإلكتروني.
وتابع أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس: أن الوسائلَ الاتصالية الحديثة قرَّبت من وجهات النظر وآراء الأشخاص؛ وذلك من خلال التواصل المجتمعي وتبادل الأفكار، مما ساعَد على التعرف على نظريات الآخرين، وطريقة تفكيرهم، وكيفية التعامل معهم، بالإضافة إلى التعلُّم من مشكلاتهم العصرية، ومعرفة الحلول لتلك المشكلات، فضلاً عن أهمية التكنولوجيا الحديثة في تطوير الذات بجميع جوانبها، وذلك من خلال تعلُّم برامج مفيدة، ومعرفة بعض اللغات الإضافية، سواء العالمية أو المحلية.
تنظيم الوقت:
وفي السياق نفسه يرى الدكتور أسامة يس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، أن التكنولوجيا لها فوائدُ عظيمة لا يمكن إنكارُها في الواقع، من أهمها: توفير أسلوب راقٍ ومتحضر بين الأشخاص، مما ساعَد على التغلب على الحياة الطبيعية للفرد، كما أنها أفادت المجتمعَ والفرد على مدار العصور الحديثة؛ وذلك من خلال رفع مستوى معيشة الأفراد من خلال استخدام التكنولوجيا في الحياة العامة، بالإضافة إلى الفطرة الإنتاجية الحديثة، وتوفير الخدمات الحياتية التي لا يمكنُ الاستغناءُ عنها.
وأضاف يس: أن وسائلَ الاتصال الحديثة أثَّرت في مجالات عديدة، فأحدثت طفرةً في الاقتصاد والطب بجميع جوانبه، والتعليم، وغيرها من جميع المجالات التي تأثرت بالتكنولوجيا، مُشددًا على أهميه الاستخدام العادل للتكنولوجيا يوميًّا، وذلك من خلال تخصيصِ وقتٍ محدد لاستخدامِ تلك الأدوات الحديثة حتى لا تعودَ على الإنسان بالسلب، ولكي يوازن بين المجتمع الحقيقي والافتراضي، وأنه يجبُ ألا يختلط الواقعُ بالخيال في استخدام التكنولوجيا، وألا يصلَ إلى حدِّ الإفراط في الاستخدام، مما يعود على الإنسان بالسلب.
وأكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان على أنه لا يختلف اثنانِ عاقلانِ على فضل التكنولوجيا على العالم أجمع؛ فقد حولتِ العالم إلى قرية صغيرة جدًّا، وأصبح التواصلُ عبرها أسهلَ من السابق.
أثر التكنولوجيا الإيجابي على البيئة:
لا شك أن الآثارَ الإيجابية على البيئة عديدة جدًّا ولا تحصى، خاصة في الآونة الأخيرة، فكما أثَّرت التكنولوجيا على الفرد والمجتمع، أثَّرت أيضًا على البيئة ككل، وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور أحمد سليمان، الأستاذ بكلية العلوم في جامعة المنصورة، أن التكنولوجيا الحديثة لم تُحدِثْ تغييرًا على مستوى المجتمع والفرد فقط، ولكن أحدثت تغييرًا جذريًّا في البيئة، فهناك أمثلةٌ كثيرة تؤكد حدوث طفرة بيئية في عصر التكنولوجيا الحديثة؛ فقد تم الكشفُ عن مصادر جديدة للطاقة بخلاف المصادر التقليدية القديمة التي كانت تعتمد على الفحم والبترول والغاز وغيرها، بل أصبح هناك مصادر جديدة؛ كالطاقة الشمسية، وإنتاج الغاز من مخلفات الحيوانات والقمامة، وغيرها، مما ساعد على حدوث طفرة في الطاقة، مع تقليل الأخطار على البيئة، والاهتمام بصحة الإنسان في المقام الأول.
وأضاف سليمان، في العصور القديمة كان الإنسان يعتمد على عضلاته في القيام بالأعمال الشاقة، بل كان لا يعرفُ غيرها، وتطوَّر الأمرُ ليستخدم بعض الحيوانات للقيام بهذه الأعمال بدلاً منه، ولكن بعد تطور الأمر وظهور الطفرة التكنولوجية الحديثة، أصبح اعتماد الإنسان الأول والأخير على مصادرِ الطاقة الحديثة، بل تمكَّن من استغلالها بطريقة صحيحة، فقام باستخدام طاقة الرياح في تحريك السفن، كما استخدم الفحمَ كمصدر رئيسي للطاقة، وغيرها؛ كالبترول والبخار كمصادر أساسية للطاقة في العصر الحديث.
وأشار الأستاذ بكلية العلوم جامعة المنصورة، إلى أن تقدم التكنولوجيا زاد من تقدم الصناعة بصورة كبيرة، مما ساعَد على النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مستنكرًا من أن الزيادة الهائلة في تقدُّم الصناعة ترجِعُ إلى زيادة عدد السكان في العصر الحديث؛ فمن خلال الدراسات والأرقام في هذا الصدد تأكد أن حدوث الطفرة في الإنتاج هي سببُ تقدُّم التكنولوجيا، ليس بسبب زيادة عدد السكان.