أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
يشكل التنبؤ بالزلازل وتحديد مراكزها، حال حدوثها أو قبل ذلك بفترة، واحداً من أكثر التحديات التي تواجه العلم الحديث.ومع هذا يمكن أن تصدر التحذيرات من مراكز رصد الزلازل كما حدث حين تنبأ أحدها بالزلزال الأخير الذي ضرب الجزائر، حيث جاء في نص التحذير: في الخامس من شهر حزيران، يمكن لهزة أرضية بقوة5.5 درجة على مقياس ريختر أن تضرب غرب المتوسط مروراً بالمناطق المجاورة للجزائر العاصمة. ونشر هذا التحذير على موقع إلكتروني قبل عدة أسابيع من ..... وقوع الهزة التي ضربت الجزائر بقوة6.7 درجة، وكان مركزها في منطقة تقع على بعد كلم إلى الشرق من العاصمة. ويقول علماء الجيولوجيا :إن القوى الكبيرة التي تجمعت خلال سنوات عديدة، نتيجة تقابل الطبقات التكتونية الأفريقية والاسيوية الأوروبية، تحولت فجأة إلى زلزال نجم عنه تحرك القشرة الأرضية بمقدار كلم في منطقة الشق الأرضي الأعظم وسط المحيط الأطلسي، ما أدى أيضاً إلى تحرك أعمدة مياه المحيط، حيث ضربت الأمواج شواطئ المتوسط بقوة، بسبب انتقال موجة الزلزال في عمق الأرض لتدمّر الجرف البحري في الشواطئ الجزائرية، وفي أقل من دقيقة واحدة تحولت مدن وقرى إلى ركام، وسقطت ضحايا بشرية قدر عددها بالآلاف. صحيح أن مراكز رصد الزلازل استطاعت التنبؤ بهذه الكارثة، إلا أن هامش الخطأ كان كبيراً، وبمقدار يوماً، إضافة إلى خطأ اَخر تمثل في اختلاف التنبؤ بقوة الهزة. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك العديد من العلماء الآخرين الذين يختلفون مع نظرائهم حول درجة المصداقية، إذ يؤكد بعضهم عدم وجود سبب واحد يدعوهم للقول إن التنبؤ بوقوع الزلازل أمر ممكن، خاصة أنه لايرقى إلى مصداقية توقع حدوث الزوابع والأعاصير. ويبدو أن الاعتماد على لغة الإحصاءات يظل ذا مصداقية متذبذبة وسط نسبة نجاح تتراوح بين %، كما أن الهزات غير المحسوسة (3 درجات أو أقل على مقياس ريختر( تظل دائمة الحدوث بمقدار أضعاف تلك التي تحدث بقوة4 درجات، وبمقدار ضعف عن تلك التي تحدث بقوة5 درجات، وهذا يعني إمكان الاعتماد على الهزات غير المحسوسة في تحديد وقت حصول الزلازل القوية المدمرة. ويحاول نفر من علماء الزلازل معالجة الموضوع بطريقتين مختلفتين تماماً، وتدعى الأولى )الطريقة الكمية(، وهي طريقة نظرية بحتة، تقوم على معطيات الإحصاء والطابع الدوري لحدوث الزلازل. إن المعارف المتراكمة عن كيفية وديناميكية حركة الطبقات الصخرية، يمكن أن تلقي بالكثير من الضوء على الطريقة الدورية في حدوث الزلازل والهزات الأرضية. ولأن قلب الكرة الأرضية لايكّف عن بث موجات حرارية، فإن ذلك يؤدي إلى تغير في كتلة الصخور العميقة الواقعة بين قشرة الأرض وقلبها، ويؤثر في الطبقات التكتونية المؤلفة للقشرة التي تتعرض دائماً للتكسر والانضغاط، فتظهر شقوق هائلة فيها، وهي نقاط ضعف تعمل على تغيير توازن الطبقات الصخرية، وتتولد قوى ضغط تتراكم بمرور الوقت لتتحول على حين غرة محدثة الأثر الزلزالي. ولأن تغير أماكن الطبقات التكتونية يخضع لنظام يتراوح بين ميليمترات عدة إلى عدة سنتيمترات سنوياً، فإن التنبؤ بحدوث الزلازل يمكن أن يُفيد من الطابع الدوري لحدوثها بقياس هذا النظام، وهذا يعني أن حدوث الزلازل أمر يمكن توقعه، لأنه عبارة عن عملية تحضير منظمة على نار هادئة، تولد الانفجار في نهاية المطاف. يكفي إذاً حساب حركة الطبقات وقياس عدد الزلازل غير المحسوسة وبناء نموذج إحصائي ملائم للتوصل إلى درجة معقولة من التنبؤ. وتدعى الطريقة الثانية بالنوعية وتعتمد أساساً على قياس التغيرات التي تطرأ على بنية القشرة الأرضية، وازدياد الهزات الضئيلة الدائمة والمتلاحقة، وتأثيرها في هذه البنية من حيث تقليل صلابتها، وحدوث التصدعات الداخلية في أعماق القشرة الأرضية