من قبل
مها شرف , معلمة لغة عربية , وزارة التربية السورية
التّنغيم : «هو الإطار الصّوتيّ الذي تُقالُ به الجملة في السّياق»، وإذا كان التّنغيم خاصّاً بالّلغة المنطوقة، التي تتعدّد معانيها بتعدّد نغماتها، فإنّ هناك العديد من الأمثلة المكتوبة التي يسمح رسمها الكتابيّ أن تُقرأ بعدّة نغماتٍ، وكلّ نغمةٍ تقتضي معنىً مغايراً للمعنى الذي تقتضيه نغمةٌ أخرى، وهكذا يتوقّفُ المعنى على طريقة النّطق، والتّدرّج في النّغم، ومن الشّواهد على ذلك قول الشّاعر:
ثُمَّ قَالُوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْرَاً!...... عَدَدَ الرَّمْلِ وَالحَصَى والتُّرَابِ.
يقول ابن هشام: «فقيل: "أتحبّها؟"، وقيل: إنّه خبر؛ أي: أنت تحبّها» «فقد أغنتِ النّغمة الاستفهاميّة في قوله: "تحبّها؟" بما لها من صفةِ وسيلةِ التّعليق، عن أداة الاستفهام، فحُذِفَتِ الأداة، وبقي معنى الاستفهام مفهوماً من البيت، وإنصافاً للحقِّ هنا لا بدّ أن نشير إلى أنّه يمكن في بيت ابن أبي ربيعة هذا مع تغيّر النّغمة أن يفهم منه معنى التّقرير للتّأنيب، أو التّعيير، أو الإلجاء إلى الاعتراف».
تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجارية بهرا لهم بعدها بهرا فإنما أدخل اللام في قوله بهرا لهم للتبيين ومعنى بهرا تعسا لهم كذلك يقول بعض أهل اللغة، وقال بعضهم معنى بهرا لهم غلبة لهم وقهرا لهم كأنه دعا عليهم بالغلبة قالوا، ومن ذلك قولهم بهر القمر الكواكب إذا قوي ضوءه فغلب ضوء الكواكب، وقد تستعمل بهرا لفلان بمعنى التعجب كما، قال الشاعر:
ثم قالوا تحبها قلت بُهراً ... عدد النجم والحصى والتراب,إنما معناه عجبا لهم وربما تركت العرب إظهار هذه اللام إذا علم الداعي أنه قد علم المعنى بدعائه وعلى ذلك جاء هذا البيت وربما جيء بها توكيدا وإن كان العلم محيطا بأن المخاطب قد عرف المقصود بالدعاء .