أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
قال الطوسي في التبيان :الاختيال مشية البطر، ونقل: المختال المتكبر، والفخر ذكر المناقب للتطاول بها على السامع، يقال: فخر يفخر فخرا وفاخره مفاخرة وفخارا، وتفاخرا تفاخرا وافتخر افتخارا.وقال الفيض الكاشاني في الصافي :نهى ان يختال الرجل في مشيته وقال من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرين قارون لأنه اول من اختال فخسف به وبداره الأرض ومن اختال فقد نازع الله في جبروته .وقال في الأمثل : الفرق بين كلمتي المختال والفخور، أنّ الاُولى إشارة إلى التخيّلات الذهنيّة للكبر والعظمة، أمّا الثّانية فهي تشير إلى أعمال التكبّر الخارجي.وعلى هذا، فإنّ لقمان الحكيم يشير هنا إلى صفتين مذمومتين جدّاً وأساس توهين وقطع الروابط الإجتماعية الصميميّة: إحداهما التكبّر وعدم الإهتمام بالآخرين، والاُخرى الغرور والعجب بالنفس، وهما مشتركتان من جهة دفع الإنسان إلى عالم من التوهّم والخيال ونظرة التفوّق على الآخرين، وإسقاطه في هذه الهاوية، وبالتالي تقطعان علاقته بالآخرين وتعزلانه عنهم، خاصّة وأنّه بملاحظة الأصل اللغوي لـ «صعّر» سيتّضح أنّ مثل هذه الصفات مرض نفسي وأخلاقي، ونوع من الإنحراف في التشخيص والتفكير، وإلاّ فإنّ الإنسان السالم من الناحية الروحية والنفسية لا يبتلى مطلقاً بمثل هذه الظنون والتخيّلات.ولا يخفى أنّ مراد لقمان لم يكن مسألة الإعراض عن الناس، أو المشي بغرور وحسب، بل المراد محاربة كلّ مظاهر التكبّر والغرور، ولمّا كانت هذه الصفات تظهر في طليعة الحركات العاديّة اليوميّة، فإنّه وضع إصبعه على مثل هذه المظاهر الخاصّة.إن منشأ الكبر هو استحقار الغير بازدراء واستصغار ولا يليق بمخلوق حقير ضعيف ان يتكبر على مثيله وأخيه ومساويه وهو أصله نطفة حقيرة قذرة روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: (عجبت لأبن آدم أوله نطفة وآخره جيفة وهو قائم بينهما وعاء ثم يتكبر...) كما لابد لنا من الحذر من هذه الصفة أن لا نحسب أنفسنا بعيدين عنها وهي مختصة بطبقة دون أخرى فالجميع معرضون لها بشكل او بآخر، وليس بالضرورة ان يمتلك الانسان الملايين او المليارات ليسعى الى التسيّد على الآخرين، بل ربما اذا امتلك سيارة حديثة او شيّد داراً منيفاً فانه ربما يندفع الى التكبر والتعامل بطريقة أخرى مع الجيران والاصدقاء.وفي الأخبار ان التكبر يحبط اعمال الانسان ويقوده الى معصية الله ثم الى نار جهنم، كما روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله انه قال: (لن يدخل الجنة عبد ٌفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)، فلابد لنا ان ندفع أقل قدر من التكبر من أنفسنا ونقتل الأنانية فيها والتي هي أس التكبر والغرور وذلك بعدة طرق منها :اولاً: الدعاء لله تعالى... فالدعاء يشعر العبد بالحاجة وبحالة الذل والصغر امام الله تعالى وهو بحد ذاته يشعر صاحبه بالحاجة الى إتمام ما ينقصه ويحقق ما لا يقدر على تحقيقه، وما اكثر ذلك في حياتنا الدنيا. قال الله تعالى في كتابه الحكيم: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" (غافر /60)، وأحياناً نجد الله تعالى لا يستجيب لعبده رغم إكثاره بالدعاء ذلك، لكي يظل العبد في حالة الحاجة والتي من شأنها ان تجعله يلح في الدعاء والتضرع و يقضي على مواطن ومقدمات التكبر في نفسه.ثانياً: الصلاة... فالإنسان حال الصلاة هو في أعلى مراتب الخضوع والخشوع لله فهو يشعر ان هناك من هو اعظم منه و يشعر بالحاجة لأن يتصل بلواهب المطلق وأن يسمو على الماديات الزائلة، وكلما شعر بذلك الإحتياج شعر بالغنى من كل شيء،وبالتالي لا يجد حاجة للتكبر والتعالي على أحد كونه غير مستحق شأناً ولأنه ليس بحاجة للتكبر بالأساس، ولذا ورد في الاحاديث ضرورة الالتزام بالصلوات المستحبة وعدم الاقتصار على الصلوات الواجبة، لتكون علاقة العبد متواصلة ومتينة بربه دون غيره وليس بالمال والبنين وزينة الحياة الدنيا الزائلة.ثالثاً: الاحسان... وهذه الصفة تفتح أمام الانسان باباً واسعاً للإحساس بالآخرين وتمنحه آفاقاً أوسع في العلاقات الاجتماعية. وبالوجدان نجد إن أي انسان، مهما كان، عنده نزعة قضاء حوائج الآخرين ومساعدتهم ويشعر بالسعادة والارتياح اذا أعطى شيئاً من المال لمحتاج أو يقدم له مساعدة بنحو ما وتراح يفرح إذا أقام مأدبة طعام لأصدقائه واهله ومتعلقيه وغير ذلك. وبالتالي فهذه الخصلة الإجتماعية المقبولة من شأنها ان تحمل الانسان الذي يحدث نفسه بالكبر والعلو، أن ينحني ويتقرب الى من هم دون مستواه وتفعيل نظرية: (ارحم من في الارض يرحمك من في السماء).وبصورة عامة فان صفة التكبر على الآخرين لا تعد من أدوات بناء المجتمع والأمة، وان كان صاحبها من ذوي الثروة والجاه والمنصب، فهو لا يعد انساناً مثمراً ومنتجاً وان حاله سيتقدم بالبلد ويغير الواقع الاجتماعي، حتى وان دخلت تلك الثروة في العجلة الاقتصادية، لأن الغاية والهدف – وهو المهم جداً والأساس- تحقيق الخدمة والمصلحة لصاحب الثروة وتكريس حالة التعالي على الآخرين وليس انقاذ الناس من الفاقة والحرمان.
{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (18)}.(وَلا تُصَعِّرْ) الواو حرف عطف ومضارع مجزوم بلا الناهية والفاعل مستتر (خَدَّكَ) مفعول به (لِلنَّاسِ) متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها، (وَلا تَمْشِ) معطوف على ولا تصعر (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بالفعل (مَرَحاً) صفة مفعول مطلق محذوف (إِنَّ اللَّهَ) إن ولفظ الجلالة اسمها (لا يُحِبُّ) نافية ومضارع فاعله مستتر (كُلَّ) مفعول به (مُخْتالٍ) صفة موصوف محذوف تقديره عبد مختال (فَخُورٍ) صفة ثانية والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية تعليل.
ملحوظة : النص القرآني يكتب هكذا " إن الله لا يحب كل مختال فخور " - سورة لقمان -
شكرا على الدعوة، أتفق مع الأستاذة مها
الفرق بين المختال والفخور
قال ابن عثيمين رحمه الله : أن المختال المتكبر في هيئته والفخور المتكبر في أقواله