أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
العصور الأدبية وأبرز الفروق بينها: اعتاد مؤرخو الأدب العربي أن يقسموا الأدب إلى عصور عدة ، وذلك بحسب الأحداث السياسية على الأغلب ؛ وأهمهما بإيجاز ما يلي: أولاً : العصر الجاهلي :ويحّدده كثير من مؤرخي الأدب بنحو قرنٍ ونصف قبل الإسلام ، وقد كان العرب أمة فطرية تعيش في أنحاء الجزيرة العربية على الكلأ ومواقع القطر ويحركهم الغيث لاعتمادهم على الرعي ، ومنهم من اشتغل بالتجارة كقريش بمكة الذين اشتهروا برحلتي الشتاء إلى اليمن والصيف إلى الشام . هذا وقد كانت المُثُل القبلية تحرك القبائل العربية وتؤثر فيها وأبرزها الولاء للقبيلة والفروسية والمروءة ، ومن هذه المُثُل انطلق الشعر الجاهلي ودارت عليها كثير من معانيه ، وقد كان اعتناء العرب بالشعراء فائقاً ؛ فإذا نبغ في القبيلة شاعر أتت القبائل فهنأتها ، وصنعت الأطعمة ، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر ؛ كما يصنعن في الأعراس ، وتباشر الرجال والولدان ؛ لأنه حماية ٌ لأعراضهم وذبٌ عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم وإشادة بذكرهم ، وكانوا لا يهنؤون إلا بغلامٍ يولد أو شاعر ينبغ أو فرس تنتج.وقد برز فيهم شعراء خلد الأدب ذكرهم ؛ من أمثال امرئ القيس والنابغة الذّبياني وزهير بن أبي سلمى والأعشى وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة اليشكري وعنترة بن شداد وحاتم الطائي وطرفة بن العبد وغيرهم .ثانياً: عصر صدر الإسلام:ويمتد من السنة الثانية عشرة قبل الهجرة إلى سنة إحدى وأربعين هجرية وهو عصر ميلاد الإسلام ؛ الذي أحدث انقلاباً كبيراً في حياة العرب وغيرهم ؛ فهدم التصورات الخاطئة ، وأقام مقامها تصورات صحيحة كاملة شاملة للكون والحياة والإنسان ، وقد أثر ذلك التصور في كل شيء وبان أثره بشكل خاص في الأدب وتغيرت بناءً على ذلك أغراضه وتطورت ؛ لتأثرها ببيان القرآن العظيم الذي بهر العرب بنصاعة أسلوبه وفصاحة كلماته وبلاغة معانيه إلى حد الإعجاز كما ظهر في هذا العصر البيان النبوي الشريف ؛ الذي تأثر بالقرآن ؛ فانطبع أسلوب النبي ? ببيان القرآن وتأثر بأنماطه ؛ فظهر فيه جوامع الكلم وأنواع الحكمة وسائر صور الفصاحة والبيان ، فحل في المرتبة الثانية بعد بلاغة القرآن الكريم ، فكان لهذا وذاك أثر بالغٌ على فصاحة الخطباء وبلاغة الشعراء وأحاديث القصَّاص ؛ فانصرف الشعراء عن الأغراض التي يأباها الإسلام كالغزل الفاحش والهجاء المقذع إلى أغراضٍ أعلى قيمة وأرفع مكانةً كمعاني الجهاد وأنماط الدعوة إلى الله تعالى ، وأشعار الحكمة وركّز الخطباء على التفقيه والوعظ والإرشاد وأساليب القصص النافعة ، وكان من أبرز خطباء ذلك العصر المتميز المصطفى عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه الأربعة الراشدون من بعده وكثير من الصحابة رضي الله عنهم ومن أبرز الشعراء شاعر الإسلام حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير وعبد الله بن جحش رضي الله عنهم أجمعين.ثالثاً : العصر الأموي من ( 41-132هـ ):العصر الأموي هو امتداد لعصر صدر الإسلام ، وهو يجمع كثيراً من سمات ذلك العصر ، ولكن أدبه يختلف في مراحله ؛ فكان في مبدئه قريباً من عصر صدر الإسلام ، ثم صار في وسطه يجمع بين سمات هذا العصر والعصر الجاهلي ، وفي ثلثه الأخير يعود إلى المعاني والأغراض التي كان بعضها سائداً في العصر الجاهلي.أما حال الأدب في هذا العصر فكان متأثراً بمعاني الإسلام ، كما أنه بدأ يتأثر بآداب الأمم والحضارات التي دخلت شعوبها في الإسلام بعد الفتوحات الإسلامية. وأهم خصائصه تبدو في ازدهار الخطابة ؛ حتى قيل : إن هذا العصر هو عصر الخطابة العربية ، ومن أبرز خطبائه: الخلفاء الأمويون والحجاج بن يوسف الثقفي ، وزياد بن أبيه وعبد الله بن الزبير وقطري بن الفجاءة .وفي هذا العصر نشأت المدرسة الأولى للكتابة على يد : عبد الحميد الكاتب، كما كثرت الرسائل الإخوانية والتوقيعات القصيرة التي يكتبها الخلفاء والولاة . ومن أشهر الشعراء في هذا العصر جرير والفرزدق والأخطل وعمر ابن أبي ربيعة ومن أشهر الوعاظ الحسن البصري والشعبي وابن سيرين وغيرهم.رابعاً : العصر العباسي ( 132-656هـ ) :العصر العباسي يعد أزهى العصور الأدبية وذروة المجد الحضاري والثقافي والفني ، وقد ازدهرت فيه الحياة ، واتسعت المعارف ودُوّنت الكتب ، ووضعت العلوم الدينية واللسانية و تعددت الثقافات وامتزجت الشعوب والأمم ، وكثر العلماء والأدباء على تعدد مشاربهم واختلاف مذاهبهم ؛ فتكوَّن على إثر ذلك نتاج علمي رائع ترك أثراً فكرياً عظيماً.أما تأثر الأدب بسمات هذا العصر فقد كان بيِّناً ظاهراً ؛ فاستفاد من تلك العلوم وأثَّرت فيه تلك المعارف ، وبان فيه أثر الحضارات وألوان الثقافات ، وكان النثر الفني أكثر إزهاراً ونمواً حتى قيل : إن هذا العصر هو عصر النثر الفني ؛ ففيه ظهرت مدرستا الجاحظ والبديع النثريتان ، كما أن الرسائل قد نمت وتعددت أغراضها ، وأما حظ الشعر فقد كان وافراً ؛ بل إن ثورة على الشعر القديم قد ظهرت على يد طائفة من الشعراء ؛ من أمثال أبي تمام وأبي نواس وبشار ابن برد ومسلم بن الوليد ، وصار الشعر يُعنى بالبديع ويحفل بالمنطق والفلسفة ويركز على ترابط أجزاء القصيدة ، وظهر ضرب من الشعر يسمى : الشعر التعليمي والشعر الحِكَمِيّ وشعر الطرديات والزهديات وبدا نوع من المجون والخلاعة عند بعض الشعراء كأبي نواس وبشار بن برد.وظهر الشعر الوصفي الخاص بوصف الطبيعة ومناظرها الخلابة عند طائفة من الشعراء كابن الرّومي والبحتري وأبي بكر الصنوبري وقد خُدِمَت الحياة الاجتماعية والأخلاقية بأدب القصص والمواعظ ومن أبرز القصاص : الأوزاعي والمفضّل الضبي والفضيل بن عياض ، وهشام الكلبي وغيرهم.خامساً : الأدب الأندلسي : (92-897هـ) :الأندلس هو فردوس الدولة الإسلامية ؛ لأنها ذات مظاهر طبيعية خلابة ، وقد كانت وريثة ثقافات قديمة ؛ فلما فتحها المسلمون واستقروا فيها أثرَّ فيهم ذلك .ويتسّم الأدب الأندلسي بالعناية الفائقة بوصف الطبيعة، والتفنن في ذلك حتى وجد عندهم ما يسمى " بالنَّورِيَّات " ومن خصائص هذا الأدب بروز نظم الفنون والعلوم ، فهذا ابن عبد ربه ينظم في العروض والتاريخ ، وذلك الشاطبي ينظم في القراءات ورسم المصحف ، وأبو طالب عبد الجبار ولسان الدين بن الخطيب ينظمان في التاريخ والسِّيَر ، وابن مالك ينظم في النحو والصرف.ومن سمات هذا الأدب البكاء المُرّ على الديار ، والرثاء الحار للممالك البائدة ؛ إضافة إلى الأغراض الأخرى كالفخر والهجاء والغزل والنسب وغيرها . ومن أشهر شعراء الأندلس ابن عبد ربه وابن هانئ وابن زيدون وابن حمديس وابن خفاجة ولسان الدين بن الخطيب وغيرهم .سادساً : العصور الوسطى (656 هـ - 1213هـ):وقد جعلها بعضهم عهدين:العهد المغولي ( 656هـ-922هـ ) ، والعهد العثماني ( 922-1213هـ ) ، ولا يكاد يوجد بينهما فرق؛ إلا أنَّ الثاني نهاية الأول، والإبداع الأدبي فيه أقل من سابقه. وتعد هذه العصور من أضعف العصور الإسلامية أدبياً وفكرياً وثقافياً ودينياً واجتماعياً ، وقد اتسمت بأنها عصور جمع وتسجيل وترتيب للمنتج العلمي والأدبي ؛ ولم تكن عصور إبداع وابتكار ؛ ولعل مردّ ذلك راجع إلى أنّ المغول والنصارى عندما حاولوا القضاء على التراث الإسلامي ؛ العلمي والأدبي شعر كثير من العلماء بواجب تسجيل تلك المعارف وحفظها ؛ فألّفوا الكتب الجامعة و الموسوعات العلمية ، والمعجمات اللغوية؛ فحفظت كثيراً من التراث الإسلامي بفنونه المتعددة ، ومن تلك الكتب الجامعة نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري ، وخزانة الأدب للبغدادي ، ولسان العرب لابن منظور .كما وجد علماء موسوعيون بلغت مؤلفاتهم المئات ، فقد وصلت كتب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى قريب من خمسمائة كتاب ، وألف السيوطي قرابة ستمائة كتاب . ومن خصائص هذه العصور عناية الأدباء بالتقليد والسجع ، والإسراف في التنمق اللفظي ، وإظهار البراعة في استعمال الألفاظ والأساليب ، وعنايتهم بالألقاب المفخّمة .ومن الأنواع الأدبية في هذا العصر المقامات والمدائح النبوية مستقلة حيناً ومقرونة بالبلاغة حيناً آخر ، كما شاع الأدب الصّوفي والزهديات ووصف الطيور والأزهار والحيوانات وإجراء الكلام على ألسنتها .سابعاً : العصر الحديث من ( 1213هـ إلى وقتنا الحاضر):لقد برزت في أوائل هذا العصر عوامل كثيرة مؤثرة ، وأهمها الاستعمار الذي استعمر معظم الأقطار العربية والإسلامية ، فجعل يمتص دماء أهلها ويستغل خيراتها ، ويهين شعوبها ، وكان من أهم أهدافه زحزحة المسلمين عن دينهم ، وانتهاب خيراتهم ، وأول ما فعل الاستعمار إدخال الطباعة في الشرق ، ومن أهدافه نفث سمومه من خلال ما يطبع من صحف ومنشورات تزيّن ما لدى الغرب من الأفكار وتثير الشبهات حول الإسلام والمسلمين ، ثم كثرت الإرساليات التبشيرية والمدارس التابعة للاستعمار في بعض البلدان ، إلا أن هناك عوامل إيجابية تحرّكت للتصدي لتلك الهجمات ومقاومة هذه التوجهات ، منها ما كان مستقلاً أصلاً عن حركة الاستعمار كحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الدعوية الإصلاحية عندما تعاهد مع الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – على قيام الدعوة والدولة في قلب الجزيرة العربية عام 1157هـ ؛ فقد كان لهذه الحركة الإصلاحية أثرٌ إيجابي بالغ على الحياة الدينية والاجتماعية و السياسية والفكرية والعلمية والأدبية في نجد في بداية الأمر ثم في سائر أنحاء الجزيرة العربية ، بل وفي خارجها.وقد تأثر الأدب بعوامل النهضة المتقدمة ومرّ بأطوار عدة ؛ فكان في بداية الأمر يتبع المنهج التقليدي المحافظ ؛ من أمثال البارودي والمنفلوطي وشوقي وحافظ وأحمد محرم ومصطفى صادق الرافعي ، ثم كان هناك المجددون الذين يدعون إلى التوجه نحو الأدب الغربي ؛ من أمثال قاسم أمين وطه حسين وجل شعراء المهجر ، وهناك مدرسة نهجت نهج التجديد المعتدل ؛ دعت إلى دراسة الأدب العربي القديم والاستفادة منه ولم تهمل الأدب العالمي ، بل نظرت إليه ودعت إلى الإفادة منه ، وأبرز هؤلاء المازني وأحمد أمين والعقاد والزيات.هذا وقد تطورت الفنون الأدبية في هذا العصر ، وتنوعت أنماطها ، كالقصة والأقصوصة والمقالة الفكرية والأدبية والروايات والحكايات والخطابة والشعر القصصي والتمثيلي والاجتماعي والسياسي والوصفي ؛ إضافة إلى الأغراض التقليدية القديمة . وقد اتسم الأدب في هذا العصر بوحدة الموضوع والترتيب والتنسيق.ولا يخفى أنه قد تكالبت على الأمة الإسلامية في هذا العصر محن متعددة وصنوف من الابتلاءات متنوّعة مما أثرَّ على الأدباء من شعراء وكتّاب وصار كل إناءٍ بما فيه ينضح ، وأصبح كل شاعر بقيثارة الشعر يصدح وبدا ذلك جلياً واضحاً في الصحف والمجلات والأندية والإذاعات وفي كثير من القنوات الفضائية بل ومواقع شبكة المعلومات المتعددة ؛ مما لا تخفى مضامينه على كل قارئ أو متابع ؛ فيه غثّ وسمين ، وباطل وحق ، وضار ونافع.وما زال الأمر قائماً نسأل الله تعالى أن يكشف الغّمة وأن يوحّد الأمة، وأن يجعل العاقبة حميدة للإسلام وأهله ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
......................................................
ازدهرت الحركة الأدبية في العصر المملوكي ازدهاراً كبيراً. فقد نشأت مدرسة مصرية شهيرة اختصت بتأليف الموسوعات في شتى النواحي الأدبية والسياسية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية.
ورأس هذه المدرسة في مصر، شهاب الدين النويري، صاحب الموسوعة الشهيرة باسم نهاية الإرب في فنون الأدب. وقد بلغ من قيمتها وموسوعاتها أن ترجمت للغة اللاتينية منذ القرن الثامن عشر. ويعد بن دانيال، الأديب والطبيب القبطي، من أشهر أدباء مصر في العصر المملوكي، (توفى عام 710هـ / 1310م)، وهو صاحب أول محاولة لمسرحيات خيال الظل في العصور الوسطى. حيث جمعت مثل هذه المسرحيات بين الشعر والنثر الفني. كما أن قصص ألف ليلة وليلة قد احتوت على مواد مصرية قصصية كثيرة يمكن تحديد تاريخها بالقرن 8 هـ/ 14 م.
وفي العصر المملوكي كان السلاطين والأمراء وكبار الجاه يرون تقريب العلماء والشعراء مظهراً من مظاهر الشرف والنبل. فكانت منازلهم وقصورهم موئلاً للأدباء والشعراء.
وازدهر النثر الفني والشعر، حيث تم الاحتياج إلى الكتاب في ديوان الإنشاء، وبرع في ذلك الأديب بن عبد الظاهر (توفي 692 هـ/ 1293 م)، حيث عينه بيبرس كاتباً للسر بديوان الإنشاء.
ويعكس شعر العصر المملوكي كافة جوانب المجتمع المملوكي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة.[1]
كما ازدهرت المناظرات الأدبية والشعرية المختلفة، ومن أشهر شعراء العصر المملوكي بن الجزار وبن الوراق والمناوي المصري. واشتهر الصلاح الصفدي كأحد أهم مؤلفي الموشحات في العصر المملوكي.
شكرا على الدعوة الكريمة وأتفق مع الأستاذ محمود جاد فقد أفاض وأجاد بارك الله فيه.
السؤال سبق ان تكرر عدة مرات عن الأدب العربي وبصيغ مختلفة وسبق الإجابة عنه