أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
أشكرك علي الدعوة الكريمة وأتفق مع الدكتور عماد الراعوش في اجابته من خلال نقاطه البحثية التالية
فضيلة الدكتور عماد الراعوشبجانب اهتمام القرآن الكريم بالقضايا التشريعية والعبادات العملية، اهتم بالقضايا الفكرية اعني طريقة التفكير وكيفية الوصول إلى الحقائق. ورسم للناس منهج التفكير السليم، بل لم يترك نظرية أو مذهباً شغل العقل الإنساني إلا وبحث فيه ووضع أصوله العامة. من هنا فإن جميع من اشتغل بالتفكير العقلي في الإسلام حاول أن يستند إلى القرآن لأنه تناول كل نواحي الفكر، وأمد كل فكر عقلي أو تجريبي بحقائق إما مؤيدة أو مخالفة له.
والقرآن بهذا - ولا شك - قد فاق كل الفلسفات التي سبقته ، صحيح أن الفلسفة اليونانية استطاعت في ذروتها أن تصوغ مناهج عقلية متقدمة - بالنسبة للحضارات التي سبقتها والتي لحقتها حتى نزول القرآن - إلا أن ذلك كله لم يفض إلا إلى مجموعة من الآراء المتعارضة التي أعاقت العقل أكثر مما ساعدته. وليس ذلك بالمقارنة مع المناهج العقلية اليونانية فحسب، بل بالمقارنة أيضا مع النزعات العقلية في كتب الأديان التي اكتفت – كما يقول عباس العقاد في كتاب التفكير فريضة إسلامية - بمجرد إشارات صريحة أو مضمونة إلى العقل أو التمييز، حتى أن هذه الإشارات يُلمح منها أحيانا نوع من الزراية بالعقل والتحذير منه لأنه مزلة العقائد. القرآن قبل كل شيء كتاب عقيدة وشريعة صالحة لكل زمان ومكان، ولكنه مع ذلك تعرض لكثير من القضايا العقلية وناقشها عبر منهج عقلي لا تجد له مثيلاً في الشكل والمضمون، لأن أفضل أساس يمكن أن تقوم علية هو التفكير البناء. و العقل السليم هو أساس منهج التفكير الذي يدعو القرآن الكريم له, وهو محور الاهتمام لذا لم يذكره القرآن - كما يقول العقاد - " إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به، ولم تأت الإشارة إليه غامضة ولا عارضة ولا مقتضبة في سياق الآية ، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعه مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة ، وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يُحث فيها المؤمن على تحكيم عقله أو يلام فيها المنكر على إهماله عقله وقبوله الحجر عليه." ومما يدل على تكريم العقل والحث على استخدامه، كثرة تكرار الألفاظ الدالة على العقل ومرادفاتها في مقام التكريم، والألفاظ الدالة على وظائف العقل سواء في سياق الحث على استخدامه أو ذم تعطيله. فمثلاً وردت مشتقات لفظة عقل تسعا وأربعين مرة، ووردت الدعوة إلى النظر العقلي مائة وتسعاً وعشرين مرة، والدعوة إلى التبصر مائة وثمان وأربعين مرة، والدعوة إلى التذكّر مائتين وتسعاً وستين مرة، بالإضافة إلى صيغ أخرى تحمل الحث على استخدام المنهج العقلي. إن التفكير والدعوة إلية سمة الدعوة الإسلامية العامة يقول تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) فهي دعوة قائمة على البصيرة أي التعقل، تخاطب العقل وتأمره بالحركة المنضبطة ولا تتعارض معه أبدا. بمقابل ذلك حذر القرآن من معوقات التفكير البناء, وأولها تعطيل العقل الذي هو أساس التفكير البناء, وذم من يعطلون عقولهم، وبالغ في هذا الذم حتى أنزلهم إلى درجة الدواب، بل وأبلغ من هذا الذم جعلهم من أرذل وأشر الدواب . قال تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (لأنفال:22). وقال: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (لأعراف:179). فالذي يعطل عقله أصم لا يسمع الحق ، وأبكم لا ينطق به ، وأعمى لا يراه .ومن معوقات التفكير البناء التي حذر القرآن منها التقليد الأعمى فقد نبّه القرآن – كما يقول أستاذ الفلسفة الإسلامية الأستاذ عبد الحليم محمود في كتاب التفكير الفلسفي في الإسلام- إلى أنه ليس من المنطقي أن تكون العادة الموروثة مقياسا للحق ، وليس من الحق إذا قيل للناس (اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) أن يقولــوا (بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) لأنه من الممكن أن يكون آباؤهم (لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(البقرة:170) كذلك ليس من الحق أن يقولوا والقرآن يأتيهم بالدليل تلو الدليل ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(الزخرف: 23) إن القرآن وهو يؤكد على نبذ التقليد وإلقاء المسؤولية على الآخرين يؤكد على المسؤولية الشخصية ، (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:38- 39) ثم إن القرآن يحارب التقليد الأعمى كله مهما كان دافعه خوفا أو طمعا ، ومهما كانت الجهة أو الشخص المقلد سلطة دينية كانت أو سياسية ، آباءً كانوا أو أجدادا . لأنها كلها تعطيل لدور العقل. يقول تعالى في معرض الإنكار على أهل الكتاب :(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31). ومن معوقات التفكير البناء التي حذر منها القرآن اعتماد الظن بدلاً من الدليل العقلي, إذ الحكم بالظن يخالف منهج التفكير البناء؛ لأن الأخير يهدف إلى الوصول إلى اليقين و(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ)(يونس:36). يقول الله في وصف الكفار : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(يونس: 66). ويقول تعالى (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (يونس:36) فإذا وجد الدليل القاطع في حكم فانه لا يجوز العدول عنه بوجه من الوجوه. وأما إن لم يوجد فيجوز استخدام الظن حيث لا يوجد نص على المقصود فيقاس حينئذ على النصوص. ومن معوقات التفكير البناء التي حذر منها القرآن اعتماد الهوى بدلا من العقل, لأن العقل السليم يقود إلى الحق وإن كان شاقا على النفس، أما الهوى فإنه لا يقود إلا إلى ما يرضي النفس وان لم يكن حقا. والحكم لا بد له من دليل يثبته والظّن لا يصلح أن يكون مثبتاً ولا نافياً. يقول تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(القصص:50). أي لا أحد أضل منه، من هنا يقول الشاطبي في الموافقات: " إن كل عمل كان المتبع فيه الهوى بإطلاق ، من غير التفات إلى الأمر أو النهي والتخيير ، فهو باطل لأنه لابد للعمل من حامل يحمل عليه وداع يدعو إليه."
هل يفكر جميع الناس بطريقة صحيحة؟..
هل يفكرون بطريقة واعية ومدروسة أم يكتفون بردود الفعل الآنية واللاواعية؟
الجواب باختصار (لا) .. فمشاحناتنا اليومية ومواقفنا الطارئة وردود أفعالنا الحادة ناهيك عن أعضائنا الداخلية تستقطع 99% من جهود أدمغتنا الخلاقة ..
فهناك فرق كبير بين التفكير العشوائي والتفكير المنظم.. بين التفكير الطارئ والتفكير الهادف.. بين التفكير المعتاد والتفكير الخلاق..
النمط الأول هو الشائع والدارج ويخضع لظروف الموقف وطبيعة المزاج، أما الثاني فهو نمط نادر وموجه ويخضع لمعايير ومبادئ لا يعلم بوجودها معظم الناس.. ومن هنا ظهر ما يعرف بالتفكير الهادف أو البناء أو الناقد (Critical Thinking) الذي يسعى لتحقيق أهدافه من خلال إجراءات واعية ومدروسة..
وأهم خطوة في التفكير البناء هي (تحديد الهدف) .. فبدون وضع هدف سام لن يتجه تفكيرك إلى أي مكان وينتهي يومك بل وعمرك منشغلا بكل شيء دون إنجاز أي شيء.. وبدون هدف صريح وطويل المدى سيبقى تفكيرك ضبابيا وحائرا كسفينة تتقاذفها الأمواج من كل جانب..
أما ثاني خطوة فهي التعود على (وضع أسئلة) تقدم الأجوبة المناسبة.. فحين كنا طلابا كان أساتذتنا يخبروننا بأن فهم السؤال يقدم نصف الإجابة.. وعلى نفس النمط السؤال الواضح يقدم نصف الحل للمشكلة.. ورغم قناعتي بأن النصف الثاني من الإجابة هو "الأصعب" إلا أنه مقابل كل سؤال تطرحه (عن كيفية حل المشكلة) تكتشف أجوبة وخيارات كثيرة وغير متوقعة...
وبطبيعة الحال لا يمكنك وضع هدف (كأن تكون ثريا بعد عشرة أعوام) أو طرح سؤال (كيف أصبح ثريا بعد عشرة أعوام؟) دون أن تملك المعلومات والخبرات والأدوات المناسبة.. فإن أردت أن تصبح ثريا فما عليك سوى استغلال هذه الأعوام لجمع المعلومات والخبرات (ومعرفة اسرار المهنة)!!
أيضا يجب أن تملك قوانين ومبادئ وفرضيات (مستنتجة من خبراتك السابقة) تعود إليها عند الضرورة.. فبهذه الطريقة ستفكر بشكل أسرع وتضمن عدم تكرار الأخطاء السابقة؛ فماهي مثلا المبادئ التي تعلمتها بعد خسارتك في الأسهم؟.. وماهي الفرضية التي شكلتها حول أصدقائك ورئيسك في العمل؟.. وهل لديك قوانين تتعلق بالتعامل الاجتماعي والاستثمار الاقتصادي والالتزام الوظيفي!؟
أيضا يجب أن تفكر (بالنتائج والعواقب) وتتشعب لما قد يحدث مستقبلا . فكر بطريقة إن فعلت (هذا) فماذا سيحدث وماهي احتمالات النجاح والفشل ،وإن لم أفعل (هذا) فماذا سيحدث أيضا وماهي الخيارات الأخرى البديلة.. بهذه الطريقة سيكون تفكيرك أكثر عمقا وتسلم من عواقب التفكير العشوائي والطارئ!!
وأخيرا ؛ بعد تحديد الهدف والاقتناع بطريقة التنفيذ يجب أن تفكر في احتمال تأثير عواطفك وميولك على قراراتك الشخصية .. فكثيرا ما نملك دوافع دفينة ترجح تفكيرنا بطريقة معينة أو تميل بنا لهدف دون آخر.. وهذا ليس عيبا بحد ذاته ولكنه قد يمنعنا من التفكير بعقلانية والحكم بتجرد (وبالتالي يستحسن معرفة آراء الناس حولك ليس فقط بهدف الاستشارة بل وتصفية أفكارك من شوائب الميول والعاطفة)!!
... وفي الحقيقة أنا أول من يعترف بصعوبة التقيد بهذه المبادئ بشكل مستمر ولا أتوقع منك التقيد بها كلما خرجت إلى البقالة أو التقيت بأصدقائك في الاستراحة.. ولكن تذكر أننا تحدثنا منذ البداية عن ضرورة تحديد أهداف عليا وطويلة المدى ، ناهيك عن احتمال تحولها إلى عادة ذهنية وطبيعة تلقائية تؤثر حتى على قراراتك الصغيرة والمتوسطة..
وفي الحقيقة لو طلبت مني الاكتفاء بنصيحة واحدة لرشحت بدون تردد أول مبدأ في القائمة .. ضرورة تحديد أهداف عليا سامية..
اتفق مع اجابة الخبراء المميزة اعلاه
يجب ان نتفق بداية على تعريف التفكير البناء .. وارى انه قدرة الانسان على تسخير قدراته بشكل ايجابي في خدمة مجتمعه وعمله وعائلته ونفسه ..وتتفاوت قدرات الناس في مجال مثل هكذا تسخير والسبب ارتباط البعض بالحافز ..وقدرة البعض على ايجاد الحافز من تلقاء انفسهم
شكرا لدعوتكم الكريمة قد أفاض الأساتذة شكرا لكم جميعًا
شكراً على الدعوة اتفق مع إجابة الأستاذ أحمد.
شكرا على الدعوة اتفق مع اجابات البقية .
أتفق مع إجابة الأساتذة الأفاضل