أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
يقاس مستوى تقدم أي مجتمع من المجتمعات، بمقدار فاعلية حركة الوعي والثقافة في أوساطه، فعلى أساسها تتحدد مكانة المجتمع، وتصاغ شخصيات أبنائه.
والوعي كما يقول علماء اللغة العربية هو: حفظ القلب الشيء. وعى الشيء والحديث يعيه وعياً وأوعاه: أي حفظه وفهمه. وفلان أوعى من فلان أي أحفظ وأفهم. وفي الحديث: نضّر الله امرأً سمع مقالتي ووعاها. أي فهمها. وفي حديث أبي أُمامه: لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن. قال ابن الأثير: (أي عقله إيماناً به وعملاً، فأما من حفظ ألفاظه وضيع حدوده فإنه غير واعٍ له)[1] . وإنما سمي الإناء إناءً لأنه يحفظ ما يوضع فيه.
وجاء في القرآن الكريم: ﴿لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [2] . وذلك في سياق الحديث عن أخبار الأمم السالفة، وكيف كان مصيرهم إلى الدمار، بسبب انحرافهم عن منهج الله وفسادهم الاجتماعي. حيث تشير الآية الكريمة إلى أن هذه الأخبار والمعلومات التاريخية ليست للتسلية أو للترف الفكري، وإنما المقصود منها حصول الوعي بفهم سنن الحياة وقوانين التاريخ، وعبّر بالأذن الواعية لأن السمع هو نافذة الإنسانية على أخبار التاريخ الماضي غالباً، وهي مجرد جهاز توصيل، والفهم والإدراك يتم فيما وراء الأذن حيث قلب الإنسان وفكره، هو الوعاء الذي تجتمع فيه المعلومات وتختمر لتتحول إلى فكرة ورؤية واستنتاج.
أما الثقافة لغةً فهي من ثَقِفَ الشيء أي حذقه وفهمه. ورجل ثَقِفْ أي حاذق الفهم. وقال ابن السُكّيت: رجل ثَقْف لَقْف إذا كان ضابطاً لما يحويه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ الشيء وهو سرعة التعلم. وقال ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيء: حذقتُه، وثقفته إذا ظفرت به. قـال تعـالى: ﴿ فَإِمـَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحـَرْبِ فَشـَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهـُمْ﴾[3] أي إذا أدركتهم وسيطرت عليهم. وفي حديث الهجرة: وهو غلام لَقِن ثَقِف أي ذو فطنة وذكاء[4] .
واصطلاحاً للثقافة تعريفات كثيرة تزيد على مئة تعريف، وأشهرها تعريف "تايلر" عالم الانتروبولوجيا البريطاني، والذي عرّف الثقافة بأنها: ذلك الكل المركب من المعلومات والمعتقدات والفنون والأخلاق والعادات والتقاليد التي يكتسبها الإنسان بصفته عضواً في المجتمع .