أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
إن المُتَمعِّن في حال مجتمعاتنا الإسلامية والعربية يَلْمح بوضوح ضُروبًا من الخلَلِ قد غطَّت كافَّة مناحي الحياة وشرائح الأمَّة، فالخللُ واضح، والقصور فاضح؛ إنْ على مستوى الأداء السياسي، أو على الأداء الاجتماعي، وكذلك على الاقتصادي والتعليمي، حيث تدَنِّي مستوى التعليم، وتراجُعُ جودَتِه ومردوديَّتِه.
في ظلِّ تراجُع مستوى التعليم في أغلب البلدان العربية والإسلامية، إلى مُسْتويات يَخْجل لها كلُّ ذي لُبٍّ وغيرة، وفي ظل تزايُدِ مستوى الإحباط لدى أبنائنا من المتعلِّمين، وفي ظلِّ تزايُد حِرْصِهم الشديد على استعراض عضلاتهم في التشويش والعنف، ونفورهم من الأنشطة المدرسيَّة؛ يكون من الأَجْدى التفكير وبجدِّية في طرُق وبدائِلَ لِدَفْعه دفعًا، وتشويقهم للعضِّ على دروسهم وبرامجهم الدراسية بالنَّواجذ!
وفي هذا الإطار، تلعب دافعيَّة الإنجاز والتحفيز دورًا مُهمًّا وخطيرًا في رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجيَّته في مختلف المجالات والأنشطة التي يواجِهُها، ولعلَّ مِن أبرزها مجالَ التربية والتعليم، ولِمَا للتحفيز من أهمية قُصوى في الرَّفع من جَوْدة التعليم، ستُحاول هذه الدِّراسة تسليط الضَّوء حول هذا الموضوع، الذي حَظِي بحيِّز لا يُستهان به من قِبَل الدُّول التي قطعتْ أشواطًا مهمَّة في مجال التنمية بعيدًا عن الشعارات والتنظيرات التي ركَّزَت على غايات ومقاصد التربية والتعليم في أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي.
تعريف التحفيز:
ما التحفيز؟
تعدَّدت تعريفات التحفيز إلى حدِّ التُّخمة، لكن سنقتصر على بعضها:
• يقول العالم النفسي وليم جيمس: "من أعمق الصِّفات الإنسانية لدى الإنسان: أن يحرص دائمًا على أن يكون مُقدَّرًا خير تقدير من قِبَل الآخرين".
• التحفيز: الدافع الذي يدفعنا إلى عمَل شيءٍ ما.
• والتحفيز: كلُّ قول أو فعل أو إشارة تدفع الإنسان إلى سلوكٍ أفضل، أو تعمل على استمراره فيه.
• والتحفيز: عملية نفسيَّة لها علاقة مباشرة بالرُّوح لا بالجسد.
خلاصة القول: يُعرَّف التحفيز بِأَثَرِ الوسائل المادِّية والمعنوية المُتاحة لإشباع الحاجات والرغبات، المادِّية والمعنوية للأفراد.
الرياضة هي عبارة عن ترويح عن النفس اما التدريب فهو الاختصاص في نشط رياضي معين من أجل الوصول الى اعلى المستويات
يَتداخل كلٌّ من مُحيط المدرسة والفاعلين فيها - وخاصَّة طرَفَي المُدَرِّس والمتعلِّم - في تشكيل عناصِر الدَّافعية والتحفيز، رغم أهمية العناصر الأخرى، من السِّياسات التربويَّة، والأُطُر الإداريَّة المسؤولة عن توفير الجَوِّ الملائم لتحفيز المتعلِّمين، أضِف إلى ذلك عناصر المحيط المنفتح على المُؤَسَّسة التربوية، رغم ذلك سأركِّز على بعض العناصر القريبة من مُحيط المتعلِّم:
أ- على مستوى المُدَرِّس: إذا ذهبنا نعد أصحاب الفضل على الإنسان والمجتمع؛ فإنَّ المُعَلِّم يأتي في مقدِّمة هؤلاء؛ إنه يُنْفِق وقته وجهده في أجلِّ وأصعب مهنة وأفضل عمل، كثيرًا ما تغنَّى الشُّعراء بالقيمة العليا للمدرِّس، وعلى رأسهم أمير الشُّعراء أحمد شوقي:
قد تختلف من مدرب لأخر ، و من تخصص لأخر كذلك ، و طرق التحفيز المعنوي تبقى على أساس واحد و هو التوجيه العفلي و الفكري لشيء آخر قد يساعد على التحفيز المعنوي ...
ربما مشاهدة فيلم أو فيديو أو حتى السفر و تغيير مكان التدريب ، ربما تغيير نوعية الحياة ( مأكل ، مبيت ) للرياضي قد يكون له حافزا ...و الأمثلة كثيرة .
وفي هذا الإطار، تلعب دافعيَّة الإنجاز والتحفيز دورًا مُهمًّا وخطيرًا في رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجيَّته في مختلف المجالات والأنشطة التي يواجِهُها، ولعلَّ مِن أبرزها مجالَ التربية والتعليم، كذلك مجال الرياضة
إن المُتَمعِّن في حال مجتمعاتنا الإسلامية والعربية يَلْمح بوضوح ضُروبًا من الخلَلِ قد غطَّت كافَّة مناحي الحياة وشرائح الأمَّة، فالخللُ واضح، والقصور فاضح؛ إنْ على مستوى الأداء السياسي، أو على الأداء الاجتماعي، وكذلك على الاقتصادي والتعليمي، حيث تدَنِّي مستوى التعليم، وتراجُعُ جودَتِه ومردوديَّتِه.
في ظلِّ تراجُع مستوى التعليم في أغلب البلدان العربية والإسلامية، إلى مُسْتويات يَخْجل لها كلُّ ذي لُبٍّ وغيرة، وفي ظل تزايُدِ مستوى الإحباط لدى أبنائنا من المتعلِّمين، وفي ظلِّ تزايُد حِرْصِهم الشديد على استعراض عضلاتهم في التشويش والعنف، ونفورهم من الأنشطة المدرسيَّة؛ يكون من الأَجْدى التفكير وبجدِّية في طرُق وبدائِلَ لِدَفْعه دفعًا، وتشويقهم للعضِّ على دروسهم وبرامجهم الدراسية بالنَّواجذ!
وفي هذا الإطار، تلعب دافعيَّة الإنجاز والتحفيز دورًا مُهمًّا وخطيرًا في رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجيَّته في مختلف المجالات والأنشطة التي يواجِهُها، ولعلَّ مِن أبرزها مجالَ التربية والتعليم، ولِمَا للتحفيز من أهمية قُصوى في الرَّفع من جَوْدة التعليم، ستُحاول هذه الدِّراسة تسليط الضَّوء حول هذا الموضوع، الذي حَظِي بحيِّز لا يُستهان به من قِبَل الدُّول التي قطعتْ أشواطًا مهمَّة في مجال التنمية بعيدًا عن الشعارات والتنظيرات التي ركَّزَت على غايات ومقاصد التربية والتعليم في أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي.
تعريف التحفيز:
ما التحفيز؟
تعدَّدت تعريفات التحفيز إلى حدِّ التُّخمة، لكن سنقتصر على بعضها:
• يقول العالم النفسي وليم جيمس: "من أعمق الصِّفات الإنسانية لدى الإنسان: أن يحرص دائمًا على أن يكون مُقدَّرًا خير تقدير من قِبَل الآخرين".
• التحفيز: الدافع الذي يدفعنا إلى عمَل شيءٍ ما.
• والتحفيز: كلُّ قول أو فعل أو إشارة تدفع الإنسان إلى سلوكٍ أفضل، أو تعمل على استمراره فيه.
• والتحفيز: عملية نفسيَّة لها علاقة مباشرة بالرُّوح لا بالجسد.
خلاصة القول: يُعرَّف التحفيز بِأَثَرِ الوسائل المادِّية والمعنوية المُتاحة لإشباع الحاجات والرغبات، المادِّية والمعنوية للأفراد.
وعليه، فإنَّ اختيار الأفراد وذوي القدرات العالية في العمل لا يكفي وَحْدَه لضمان الإنجاز بالشَّكل المرغوب، وإنما يحتاج إلى عامل آخَر يعتبر من واجبات المؤسَّسة، ألاَ وهو إيجاد الحَفْز الكافي لديهم؛ حتى يمكن تحقيق ذلك الإنجاز[1].
تعريف الدافعية:
فمصطلح الدافعية Motivation وهي مجموعة من القُوى الدَّافعة في داخل الشخصيَّة الإنسانية تَعْمَل على ديمومة النشاط الإنساني، وتَدْفع الفرد باتِّجاه تحقيق أهداف معيَّنة؛ وذلك عن طريق مُمارسة بعض أنواع السُّلوك، وأيضًا يستخدم ليعبِّر عن الحاجة التي تدفعه إلى القيام بسلوكٍ ما؛ من أجل تحقيق هدف معين[2].
ويُشير أيضًا إلى مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تُحَرِّك الفرد مِن أجْل تحقيق حاجاته، وإعادة التوازُن عندما يختلُّ، وللدوافع ثلاث وظائف أساسية في السُّلوك: هي تحريكه وتَنْشِيطه، وتَوْجِيهه، والمحافَظة على استدامَتِه؛ حتى تشبع الحاجة ويعود التَّوازُن، كما يشير مُصطلح الدَّافعية إلى حالة فسيولوجية - نفسية داخلية، تحرِّك الفردَ للقيام بسلوك معيَّن في اتِّجاه معيَّن؛ لتحقيق هدفٍ محدَّد، وإذا لم يتحقَّق هذا الهدف يشعر الإنسان بالضِّيق والتوتُّر حتى يحقِّقه[3].
رغم أن مصطلح (Motivation) له نفس المعنى في اللغة الفرنسية يعني: الدَّافعية والتَّحفيز)، إلاَّ أنَّ مَدْلُوله في اللُّغة العربية نجد له اختلافًا طفيفًا بينهما؛إذِ التَّحفيز يطوِّر الدَّافعية ويقود إليها، كما أنَّ التحفيز يأتي من الخارج إن وُجِدَت الدافعية من الداخل، كما أنَّ التحفيز يُعد محرِّكًا رئيسًا لسلوكيات غائية (توجيه نحو الهدف)[4].
أصناف التحفيز:
1- تحفيز داخلي: وهو عبارة عن الدَّوافع الذاتية التي تحفِّزنا داخليًّا؛ مثل: مراقبة الله، والرغبة، والطموحات.
2- تحفيز خارجي: وهو عبارة عن الدوافع الخارجية التي تحفِّزنا خارجيًّا؛ مثل: المكافآت والعلاوات والسُّلوكيات.
التَّحفيز في ديننا الحنيف:
إن التحفيز - كما يُعرِّفه المشرف التربوي للتدريب إبراهيم بن سليمان البهدل -: منهج ربَّاني، ورد ذِكْرُه في العديد مِن آيات القرآن، مفاده دَفْع الناس إلى الخير والعمل، وتحذيرهم مِنَ الشرِّ والفشل؛ إذ ورَدَت في غير ما موضع من كتاب الله آياتٌ تحثُّ على التحفيز بشَتَّى أنواعها:
• قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾، قيل: هي حياةُ الجَّنَة، وقيل: في الدُّنيا بالقناعة، أو الرِّزق الحلال.
• قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، الأجر ها هنا يشمل مُجْمل المزايا التي يَمْنحها الله لعباده الصالحين، سواء أكانت مادِّية أو معنوية.
• ويقول - عزَّ مِن قائل -: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7 - 8]، يمنح اللهُ الحوافِز للعاملين في صورتها الإيجابيَّة (الثواب)، والسلبية (العقاب)، فهو يَعِدُ الذين يفعلون الخير بأنَّ لهم ثوابًا كبيرًا، والذين يعملون الشرَّ لهم عذاب عظيم.
كما اهتمَّ الإسلامُ بقضية المكافأة على العمل الصالح والعمل المثمِر، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160]، فهذه مكافأةٌ على عمل واحد إيجابيّ، يُكافَأ بعشر أمثاله، وهذا تعزيز ودعم معنوي، ودافع مستمر في عمل الصالحات.
التحفيز.. التطوُّر التاريخي:
فالتحفيزُ ليس أمرًا مُحْدَثًا، ولا حدثًا جديدًا، بل هو من قديم الزمن، قامت الشرائع والثقافات على خَلْق روح الدَّافعية لدى الناس بشتَّى الطُّرق وتنوُّع الأساليب.
مع بداية القرن الثامن عشر وإبَّان عصر الأنوار في أوربا، بدأ العلماء يهتمُّون في بحوثهم ودراساتهم بموضوع الحوافز والتحفيز، في هذا المضمار، ويُمكن التمييز بين ثلاث مدارس كبرى لتطوير أشكال الفكر التحفيزي:
1- المدرسة التقليدية:
ركَّزَتْ هذه المرحلة على الحوافز المادية، وهمَّشَت الحوافز المعنوية، ومن أهم رُوَّاد هذه المرحلة "ماكس فيبر"، رائد النَّظرية "البيروقراطية"، الذي يَرى أن الفرد بِطَبْعه غيرُ طَموحٍ وكَسولٌ، ودائمًا يَسعى إلى إشباع حاجاته المادِّية، من هنا لا بُدَّ من تحفيزه بالجانب المادِّي لتطوير أدائه، كما برز أيضًا "فريدرك تايلور" سنة 1911م، الذي ركَّز على الأساس المادي لتطوير الإدارة العملية[5].
2- مدرسة العلاقات الإنسانية:
ترى هذه المدرسة أن الإنسان عبارة عن نظام كبير ومُعَقَّد التكوين، له مشاعر وأحاسيس، ويعمل في داخل الجماعات؛ لهذا لا يجب الاقتصار على ما هو مادي.
3- المدرسة الحديثة:
تُمَثِّلها نظريات الإدارة الحديثة؛ مثل: (نظرية الإدارة بالأهداف ونظرية النُّظُم)، وحاولَتْ هذه المرحلة أن تتجنَّب أخطاء النَّظريات والمراحل السابقة، مُستفيدة مِن تجاربها، وهذه المرحلة تنظر إلى الجهاز على أنه نظام مفتوح وليس مغلقًا، كما كانت المدارس التقليدية، وقد دعَتْ المدارس الحديثة إلى ربط الحوافز بالنتائج المتحقِّقة، ونادت بضرورة اختلاف ما يحصل عليه العاملون من حوافز، سواء كانت مادية أو معنوية، وذلك حسب مستويات الأداء، وكذلك مِن وِجْهة نظر هذه المرحلة ضرورة اشتراك العاملين مع الإدارة في وضع خطط الحوافز.
نظريات وطرائق التحفيز:
بداية فالنظرية Théorie هي: "تصوُّرٌ أشبه بالمبدأ له قيمة التعريف على نحوٍ ما يتَّسم بالعموميَّة، وينتظم علمًا أو عدَّة علوم، ويقدِّم منهجًا للبحث والتفسير، ويربط النتائج بالمبادئ[6].
وبالنسبة لموضوعنا نسجِّل تنَوُّع النظريَّات واختِلاف أدوات التحفيز التي تنشدها، ومِن أهمها:
أ- النظرية الكلاسيكية:
برزَتْ هذه النظرية - كما ذكرنا آنِفًا - من التطوُّر الطبيعي لمبادئ الإدارة العامة التي نادى بها "فريدريك تايلور"، الذي يعتبر مؤسِّس هذه النظرية، وترتكز هذه النظرية أساسًا في مجال الحوافز على "النقود"، خاصَّة بعد سؤالٍ طرَحَه على نفسه: "ما الذي يجعل العمَّال لا ينتجون أكثر"؟ فتوصَّل إلى أن ذلك إلى ثلاثة أسباب:
1- يعتقد العُمَّال أنَّ الإكثار مِنَ الإنتاج سَيَرْمي بهم إلى أحضان البطالة.
2- الأجور لا تتناسب مع كمِّية الإنتاج.
3- طريقة العمل تُسْهِم في إنهاك طاقة العمالة.
وللحدِّ من هذه المشكلة فـ"النُّقود" هي خير دافع للعمل في المُنَظَّمات، وإن العامل بطبيعته يسعى دائمًا إلى زيادة أجْرِه، وتطبيقًا لهذا الاتِّجاه؛ فإنه يجب ربْطُ الأجر بإنتاجية العمل بمعنى أنَّه كُلَّما زاد الإنسان في إنتاجيَّته زاد أجره.
ب- نظرية الحاجات الإنسانية لـ "إبراهام ماسلو":
نظرية "ماسلو" من أشهر نظريات التحفيز؛ إذ تتحدَّث هذه النظرية عن الحاجات، و"ماسلو" MASLOW Abraham عالِمٌ نفسي أمريكي، له سمعة كبيرة في مَجال علم النَّفس الإنساني، اهتمَّ في دراساته سنة 1954 بالأفراد الذين يعملون في مجالات حياتهم المختلفة، ويعانون من مشكلات نتيجة لهذا العمل، ويرى "ماسلو" أنَّ الشخص الذي يحقِّق ذاته هو الشخص الذي لديه دافع للإبداع، واستخدم جميع إمكانياته في عمله أو مهنته أو وظيفته".
وتتمحور نظرية ماسلو؛ في أنه يتم تركيب الاحتياجات في تسلسل هرمي من حيثُ قُوَّتُها، وكلَّما ارتفعنا في الهرم قَلَّت تلك الاحتياجات، وكلما نزلنا إلى الأسفل صارت تلك الاحتياجات فطرية وجبلِّية.
وأول قاعدة الهرم تكون الحاجات الجسمانية، وتتكوَّن من عناصر الغذاء، والماء، والهواء، والنَّوم، والمستوى الثاني هو الحاجة إلى الأمان والأمن، والمستوى الثالث الحاجة إلى الحب والانتماء، والمستوى الرابع هو احترام الاحتياجات، وآخر مستوى هو الإدراك الذاتي، يتربَّع على قمَّة الهرَم الأصلي.
اعتقد "ماسلو" أنَّه عند إشباع أي مستوى من الحاجات، لا يعود هذا المستوى محفِّزًا للفرد، وسيتطلَّب إشباع الحاجات التي في المستوى الأعلى، سيظلُّ الأفراد مُحَفَّزين دائمًا، طالما يتمُّ إشباع رغباتهم المستوى تِلْوَ الآخر، حتى يَصِلوا للمستوى الأخير "إدراك الذات"؛ لِذَلك حتى يتمكَّن المدرِّس مثلاً مِن تحفيز متعلِّميه، يجب عليه أوَّلاً أنيُحَدِّدَ المستوى الذي يحتاجه التلميذ، ومِن ثَم إشباعه، والارتقاء حتى الوصول لآخر مستوى.
ج- نظرية دوافع الإنجاز (ماكللند) أو نظرية الدوافع الذاتية:
وُلِد "ديفيد ماكليلاند" في ولاية نيويورك سنة 1917، ونال شهادة الدكتوراه في علم النفس، وتوَصَّل إلى النظرية المسمَّاة "حافز الإنجاز"؛ أي: إنَّ هناك أفرادًا ذَوِي ميل ورغبة إلى إتْمام العمل بصورة جيِّدة، خلافًا للأفراد العاديِّين، ولقد أُطلق على هؤلاء الأفرادِ مسمَّى ذوي الإنجاز العالي.
يرى "مكللند"، أنَّ كل إنسان تَتَحَرَّك الدوافع عنده لتحقيق الحاجات الرئيسة التالية: السُّلطة أو النفوذ والإنجاز والانتماء، وهي موجودة لدى أيِّ إنسان بِنِسَب متفاوتة قد تَظْهر إحدى هذه الحاجات بشكل قوي، مما تطغى على الأخرى، فتكون هي الغاية لتحقيقها، ويختلف سلوك المرء بمقدار قوَّة وتحَكُّم الحاجة المُسَيْطِرة عليه.
د- نظرية العوامل الثنائية ("هرزبرج" Herzberg):
وُلد "هرزبرج" بولاية ماساتشوسيتس سنة 1923، وكان لِنَظريَّته التي ظهَرَت عام 1966 في كتابه "العمل وطبيعة الإنسان"، أثرٌ كبير في الاتِّجاهات السلوكية، وخاصة في بحوث الدوافع والحوافز؛ حيث أجْرَى دراسة على مائتي مهندس ومحاسب يعملون في المصانع بمدينة بتسبرج، وأخذوا يَعْقدون المقابلات مع المستجوبين؛ لاسْتِبيانهم، ويطلبون منهم أن يَرْوُوا تجارِبَهم عن المناسبات أو الأحداث التي جعلتهم يحسُّون بمنتهى الرِّضا أو غاية السُّخط على أعمالهم، وقد أظهَرَتْ تحليلات النتائج أمورًا لم يتمكَّن الباحثون من اكتشافها في الماضي، منها أنَّ العوامل التي تؤدِّي إلى الرضا عن العمل تختلف عن الأشياء التي تؤدِّي إلى الإحساس بالسُّخط.
وبعبارة أخرى كان سؤالهم على هذا النحو: هل تستطيع أن تتذكَّر عندما كنت تشعر بالسعادة في عملك؟ ما الذي جعلك تشعر بذلك؟ وبتحليل إجاباتهم تبيَّن أن هناك مجموعتين من العوامل:
المجموعة الأولى: وجودها تزيد من رِضَا الموظَّف، لكن انعدامها لا يؤثِّر سلبيًّا على رضا الموظَّف؛ وسُمِّيت هذه العوامل المحفِّزة، وهي: الإنجاز، وتحَدِّيات العمل، والتقدير، واعتراف الإدارة بالإنْجاز، وزيادة المسؤولية، والتقدُّم، والتنمية الذاتية.
المجموعة الثانية: من العوامل التي يَمْنع وجودها حالة عدم الرِّضا، ولكنها لا تزيد من رضا المُوَظَّف إذا وجدت، وهذه تُسمَّى العوامل الوقائية، وهي: الراتب، وأسلوب الإدارة، والعلاقات بين الأفراد، والإشراف، وظروف العمل المادية[7].
لقد كان لنظرية "هرزبرج"، آثارٌ إيجابيَّةٌ عديدة:
أولها: أن العوامل الصحية - مثل: الراتب - لا تؤدي إلى زيادة الأداء، كما أن ظروف العمل المادِّية كالمكتب ذي التكييف الجيد لا يُؤدي للإبداع، بل إن العوامل المحفزة كالتقدير وزيادة المسؤوليات والتقدُّم الوظيفي - هي التي تؤدِّي إلى الديناميكيَّة للأداء المتميِّز.
4- طريقة الكايزن:
الكايزن "Kaizen" هي إستراتيجيَّة يابانية قديمة للتغيير للأفضل، وهي مأخوذة من عالِم الاقتصاد الياباني[8]، وهي تتكوَّن من كلمتين يابانيتين: كاي "Kai" وتعني التغيير، وزن "Zen" وتعني للأفضل، وتُتَرجم إجمالاً إلى "التحسين المستمرِّ"، وهي تُستعمل في لغتهم باستمرار؛ إذْ يتحدَّثون دائمًا عن التحسين المستمرِّ للعجز التجاري، والتحسين المستمر لخطوط الإنتاج، والتحسين المستمر للعلاقات الشخصية، ونتيجة لذلك فهم يتطلَّعون دومًا للسُّبُل التي تُمَكِّنهم من التحسين، وتستخدم إستراتيجية "الكايزن" في كلِّ مجالات الحياة من أصغرها إلى أكبرها، فهي إستراتيجية معاكسة للتجديد، فالتجديد يُطَبِّق التغيير الشامل الجذري، أما "الكايزن"، فهو يطبق التغيير المتدرِّج المستمرَّ باستخدام خطوات صغيرة، وهي التي تُولِي لها البيداغوجيات الحديثة أهمِّية قُصْوى، وذلك بالانتقال من البسيط إلى المُعَقَّد، ولله دَرُّ ابن عبَّاس - رضي الله عنه - إذْ يقول: "تعلَّم بصغار العلم قبل كباره"، ويُقال: "طعام الكبار سمٌّ للصغار".
طريقة تطبيق الكايزن:
• طرح أسئلة صغيرة لتبديد الخوف واستِلْهام الإبداع.
• التدبُّر في أفكار صغيرة؛ لاكْتِساب عادات ومهارات جديدة.
• اتِّخاذ تحَرُّكات وأفعال صغيرة من شأنها أن تَضْمن النَّجاح.
• حلُّ المشكلات الصغيرة حتى عند مواجهة أزمة مؤْلِمة؛ كَيْلا تضطر إلى حلِّ مشكلات أَكْبر.
• منح المكافآت الصغيرة لنفسك وللآخرين؛ لإحراز أفضل النتائج.
• إدراك اللَّحظات الصغيرة الحاسمة المُؤَثِّرة التي يتجاهلها الآخرون[9].
المنظومة التربويَّة بين التحفيز والدافعية والإحباط:
يَتداخل كلٌّ من مُحيط المدرسة والفاعلين فيها - وخاصَّة طرَفَي المُدَرِّس والمتعلِّم - في تشكيل عناصِر الدَّافعية والتحفيز، رغم أهمية العناصر الأخرى، من السِّياسات التربويَّة، والأُطُر الإداريَّة المسؤولة عن توفير الجَوِّ الملائم لتحفيز المتعلِّمين، أضِف إلى ذلك عناصر المحيط المنفتح على المُؤَسَّسة التربوية، رغم ذلك سأركِّز على بعض العناصر القريبة من مُحيط المتعلِّم:
أ- على مستوى المُدَرِّس: إذا ذهبنا نعد أصحاب الفضل على الإنسان والمجتمع؛ فإنَّ المُعَلِّم يأتي في مقدِّمة هؤلاء؛ إنه يُنْفِق وقته وجهده في أجلِّ وأصعب مهنة وأفضل عمل، كثيرًا ما تغنَّى الشُّعراء بالقيمة العليا للمدرِّس، وعلى رأسهم أمير الشُّعراء أحمد شوقي:
قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلاَ كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولاَ أَعَلِمْتَ أَشْرَفَ أَوْ أَجَلَّ مِنَ الَّذِي يَبْنِي وَيُنْشِئُ أَنْفُسًا وَعُقُولاَ
لكنَّ مَن يُمْعِن النَّظر في أحوال المدرِّس حاليًّا، يرى أن صورته باتتْ باهتة في أحضان المُجتمع، لا المتعلِّمون يُولونه الاحترام والتَّقدير اللاَّئق به، إلاَّ مَن رَحِم ربِّي، ولا المجتمع الَّذي يُحَمِّله كامل المسؤولية في تدنِّي مستوى أبنائهم، ولا الدَّولة التي تتماطل في إعطائه مستحقَّاته المالية.
في المُقابل إليكم الخبَرَ التَّالي - صحيح أنه لا مَجال للمقارنة، لكن لا بَأْس مِن استحضار هذا النُّموذج الذي نمَا بلَدُه من لا شيء -:
"في اليوم العالَمِي للمعلِّم يَحْظى نَحْوُ مليوني معلِّم في اليابان بامتيازات كبيرة من الحُكومة، تتنوَّع بين الرَّواتب العالية، والمِنَح الماليَّة، وتلقِّي الدَّورات التدريبيَّة، وتأْمُل الحكومة أن يؤدِّي هذا الدَّعم في النِّهاية إلى حَفْز المعلِّمين على بناء جيل جديد قادر على مواصلة مسيرة العِلْم والابتكار التي أوصَلَت اليابان إلى المكانة التي تتمتَّع بها الآن[10].
وبعيدًا عن همُوم المُدَرِّس الخارجية، فعلى المستوى البيداغوجي (التربويِّ)، وعَوْدًا لبيت القصيد، فكثيرٌ من المدرِّسين يَلِجُ الدَّرس دون أن يَبْحث عن تحفيزات مُشَوِّقة تجلب اهتمام المتعلِّم، ودُون أن يعطي معنى للتعلمات، مما يَدْفع المتعلِّم إلى عدم الانْتِباه، ويبتكر كلَّ مهاراته في التَّشْويش وإعاقة السَّير العادي للدِّراسة.
نعَم، فالمدرِّس الذي يدخل الدَّرس دون تمهيد أو تحفيز أو تقديم أو تَهْيِئة نفسيَّة للمتعلِّمين؛ يؤدِّي إلى عدم انتباههم، وضَعْف الرَّغبة لديهم في التعلُّم، وظهور عدد من المشكلات السلوكية.
ب- على مستوى المتعلِّم: لتحريك الكوامن الداخلية لدى المتعلِّم ودفعه دفعًا للتَّحفيز، يكون من الأَوْلى تطبيق وتفعيلوعمل إجراءات لِمَا جاء في دليل الحياة المدرسيَّة، الذي ينصُّ على ما يلي:
• احترام المميِّزات الجسميَّة والنفسيَّة والفكرية والمعرفية للمتعلِّمين في كل مرحلة معيَّنة، ومراعاة التدرُّج، من بداية الأسبوع إلى نهايته، بشكل يتيح للمتعلِّم الاستعمال الأمثل لإمكاناته الجسمية والذهنية.
• برمجة الأنشطة الفصليَّة والمندمجة في الأوقات الملائمة من الناحيتين البيداغوجية والعمَليَّة، والتي يكون فيها المتعلِّم مهيَّئًا لبذل المجهود الذي يقتضيه إنجازُها، مع مراعاة تنوُّع الفضاءات لتجنيب المتعلِّم قضاء ظرف زمني مُطَوَّل في وضعيات وأنشطة رَتِيبة، يَصِل الانتباه إلى أعلى مستوى يوم الخميس ويوم الجمعة صباحًا، في حين يسجَّل أدنى مستوى يوم الاثنين، ويرتفع الانتباه بشكل ملموس بعد مرور حوالي ساعة ونصف من انطلاق الحصَّة الدِّراسية..."، لكن ما نسجِّله هو ظاهرة اكتظاظ الأقسام التي يستحيل معها تطبيقُ البيداغوجيات الحديثة(الكفايات والإدماج)، وطريقة الفروق الفرديَّة (البيداغوجية الفارقية)، والعمل بالمجموعات، كما أنَّ أغلب الحصص الدِّراسية للمواد الأساسية يتمُّ برمجَتُها مساء، وكلُّنا يستحضر الفترة الزمنيَّة التي تعرف أوجها في الحرارة؛ مما يجعل تركيز التلميذ يَنْزل إلى ما دُون الصِّفر[11]؛ لهذا فَحِرْص الدليل المدرسي على التركيز على الفترة الصباحية ليس عبَثًا واعتباطًا؛ فهي من صلب ديننا وشريعتنا التي جاء بها خيرُ البريَّة - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((بُورِك لأُمَّتي في بكورها)).
نعَمْ، البركة في الأعمال تتأتى في الصَّباح، حيث انشراحُ القلب والعقل للنشاط والحيوية، أضف إلى ذلك ما يرتبط بما هو اجتماعيٌّ، فأولياء الأمور لا يُراقبون أبناءهم، ويتركونهم عُرْضة للشارع، رغم ما قد يتميَّز به المتعلِّم من مهارات فكريَّة وعلمية، لكن الصُّحبة تدفع به دفعًا إلى الانحراف، كما قال الحبيب المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مثَلُ الجليس الصالح والجليس السُّوء، كحامِل المِسْك ونافخ الكير، فحامل المسك إمَّا أن يحْذِيك، وإمَّا أن تَبْتاع منه، وإما أن تجد منه رائحة طيِّبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة))؛ متَّفق عليه.
كما أنَّ الآباء المتسيِّبين في تربية أطفالهم، لا يتوقَّعون منهم الطاعة، فالانضباط لا يُعَدُّ جُزءًا منَ الحياة اليوميَّة في بيوتهم، وربما يَعتقد بعضهم أنَّ التسيُّب يعلِّم المتعلِّم الاستقلالية، ويزيد دافعيَّته، إلاَّ أنَّ ذلك يولِّد لدى المتَعَلِّم شُعُورًا بِعَدَمِ الأمن، ويخفض مِن دافعيَّته للتحصيل.
ج- على مستوى البيئة التعلُّمية الآمنة والمُحفِّزة:
إذْ باتت مؤسَّساتنا فضاءً لممارسة العنف المَدْرسي سواء داخل المؤسَّسات التعليمية والفصول الدِّراسية أو قبالتها، كما ورد في إحدى الصُّحف المَغْربية من اعتداء تعرَّضَت له إحدى المُدَرِّسات من قِبَل أحد المَخْمورين؛ مما استوجب تنسيقًا بين وزارتي التربية الوطنية والداخلية؛ وذلك سعيًا إلى توفير الجوِّ التعليمي الآمن[12].
وسعيًا إلى توفير البيئة التعليمية الآمنة والمحفِّزة، يتحتَّم تحقيق ما يلي:
• جَعْل البيئة المدرسيَّة أكثر أمنًا وسلامة وعدالة، والسَّعي إلى تحريرها من مَظاهر العنف الجسدي والمعنوي والنفسي كافَّة.
• بناء علاقات صحية سليمة بين مختلف أطراف العملية التعليمية/ التعلُّمية، داخل مُجتمع المدرسة، وتعزيز التواصل والانسجام والتَّناغُم فيما بينهم.
• إيجاد بيئة مدرسيَّة محفِّزة تطلق طاقات التلاميذ ومواهبهم وتَصْقلها وتنمِّيها، وتيسِّر مُمارسة المتعلِّمين لمهاراتهم وهواياتهم الرِّياضية والثقافية والاجتماعية.
• إيجاد بيئة تَعْليمية/ تعلُّمية ترعى حقوق الطِّفل وتَحْميها، وتمكِّن التلاميذ من ممارسة حقوقهم المختلفة، وإسماع صوتهم والتَّعبير عن رأيهم وحقوقهم الأخرى.
• إيجاد بيئة مدرسيَّة تنمِّي القيم التربوية والإنسانية لدى المتعلِّمين، وتعزِّز التزامَهم بها وامتثالَهم لها، وتُحفِّزهم وتُطْلِق طاقاتهم وتصقلها وتنميها.
• رعاية حقوق الطفل، وتوعية الطَّلبة حول حقوقهم، وتمكينهم من ممارستها.
• احترام الطفل وكرامَته، وحمايته.
لهذا فالمدرسة (البيئة التعليميَّة) لها دور وازن وفاعلٌ في تقوية أو إضْعاف دافعيَّة المتعلِّم للدِّراسة والتعلُّم:
البيئة التعليمية - المدرسية: تشكِّل البيئة التعليميَّة منظومةً متكاملةً ومنسجمة، إذا اختلَّ فيها عنصر، انْهدَّت جميع الأركان، بدءًا من المَبْنى، الذي يجب أنْ يشكِّل فضاء مُريحًا للتِّلميذ، يوفِّر له كُلَّ مستلزمات الأنشطة التربوية،ويُتيح له مجالاً فسيحًا للاندماج في الوسط التربوي؛ وذلك بالتَّقْلِيص مِن حِدَّة التقويمات والامتحانات التي تشكِّل الهاجس الأكبر، وفي بعض الأحيان المُعَرقِل لمهارات وتحفيزات المتعلِّم؛ إذِ النُّقطة التي يحصل عليها، يمكن أن تهدِّد مسيرته الدراسية، رغم أنها في أحايينَ كثيرةٍ لا تشكِّل معيارًا لنبوغ المتعلِّم، ها هنا لا أتحدَّث من فراغ، فالمراقبة المستمرة - حسب أغلب المذكِّرات الوزارية التربوية الخاصَّة بالتقويم - تُعطي هامشًا ضئيلاً، ونسبة ضعيفة للأنشطة غير الكتابيَّة (المشاركة في الفَصْل، الأنشطة الموازية).
القطب البيداغوجي: ويتمثَّل في المدرِّس، إمَّا أن يُسْهم في تحفيز المتعلِّمين، من خلال البحث عن كل عناصر الجَذْب والاستقطاب التي تجلب انتباه المتعلِّمين، وإمَّا أن يؤدِّي إلى جُموده وجفائه في الفصل، دون تفاعُلِه مع المتعلِّمين.
البرامج والمناهج التربويَّة: نزلَتْ علينا في المملكة المغربيَّة تترى - من خلال مراجعات متعدِّدة - أنماطٌ مختلفة من البيداغوجيات والطرائق التَّربوية، في أفُق إيجادِ طريقة مناسِبة تُساعد على جعل المتعلِّم في قَلْب الاهتمام والتفكير والفعل، فقد تمَّ تطبيقُ بيداغوجيا الأهداف، وبعد ذلك بيداغوجيا الكفايات، وأخيرًا بيداغوجيا الإدماج؛ وذلك سعيًا إلى الانتقال من طرق تركِّز على شحْنِ المتعلِّم، إلى مرحلة أرقى تركِّز على تَعْبئة وتجنيد الموارد (المعارف والمهارات والمواقِف) من أجْلِ حلِّ وضْعيَّة مشكلة، والانفتاح على المحيط السوسيو - اقتصادي.
على ضوء ما سبق يُمْكن التوصُّل إلى أنَّ هناك عناصِرَ محفِّزةً، وأخرى تسْهِم لا محالة في تأَخُّر وتدَنِّي مستوى التعليم:
أ- ومن أهمِّ آليات وطُرُق التحفيز:
الاندماجُ (التعلُّم بالاكتشاف، والحوار والمناقشة، وتمثيل الأدوار)، وحبُّ الاستطلاع (بيداغوجيا حلِّ وضعيَّةٍ مشْكِلة، والتدريس المبنيُّ على حلِّ وضعيات مشكلة)، والتركيز على مُدارَسة القضايا المعاصِرة والآنية، والتَّعزيز(الرَّفع من معنويات المتعلِّم).
ب- أما مُثَبِّطات التحفيز، فيُمكن إيجازها فيما يلي:
• الشُّعور بالدُّونية وانعدام الثِّقة بالنَّفْس والانطوائيَّة.
• تشَتُّت الانتباه والانشغال بأغراض أخرى.
• نسيان الواجبات وإهمالُ حلِّها، واستفراغ الوُسْع والجهد في أمور تافهة.
• إهمال الالتزام بالتعليمات والقوانين الخاصَّة بالصفِّ والمدرسة.
• كثرة الغياب عن المدرسة.
• كُرْه المدرسة حتى إن المتعلِّم يشعر بعدم ملاءَمة المقعد الذي يجلس فيه، وبالتذمُّر من كثرة المواد الدراسية وتتابع الحصص والامتحانات.
• التأخُّر الصباحي، والتسرُّب من المدرسة.
• الفشل والتأخُّر التحصيلي؛ نتيجة عدم بَذْلهم الجهد الذي يتناسب مع قدراتهم.
• عدم الاهتمام كثيرًا بالمكافآت التي قد تُقَدَّم إليهم.
ختامًا، وعلى الرَّغم من الهَنات والمشاكل التي تَعْترِض العمليَّة التعليمية - التعلُّمية؛ فعلى المدرِّس - باعتباره مُنشِّطًا وفق المقاربات "البيداغوجية" الحديثة - أن يستعين بالوسائل والأدوات والدعامات "الديداكتيكيَّة" المفيدة، التي تُعين على الانتباه والالتفات إلى العلم والإقبال عليه، كالأسئلة والمُحاورات والمناقشات المفتوحة الأفقية مع المتعلِّمين والعمودية بين المتعلِّمين أنفسهم؛ وذلك لِتَنبيه الغافل منهم، والثَّناء الحسَن على النابهين الموهوبين المُجْتهدين، ورَصْد الجوائز والحوافز لهم، وتذكيرهم دومًا بفضائل العلم والإقبال على الدَّرْس وثمراته العاجلة والآجلة.
تزيد من اللياقة البدنبة والثقة لالنفي
أصناف التحفيز:
تحفيز داخلي: وهو عبارة عن الدَّوافع الذاتية التي تحفِّزنا داخليًّا؛ مثل: مراقبة الله، والرغبة، والطموحات.
تحفيز خارجي: وهو عبارة عن الدوافع الخارجية التي تحفِّزنا خارجيًّا؛ مثل: المكافآت والعلاوات والسُّلوكيات.