ابدأ بالتواصل مع الأشخاص وتبادل معارفك المهنية

أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.

متابعة

ما مدى مسؤولية الطبيب عن فعل الشيء الواقع تحت حراسته ؟

user-image
تم إضافة السؤال من قبل Futoun KHer_bik , مكتبي الخاص للخدمات القانونية , مكتب المحامية فتون خيربك
تاريخ النشر: 2013/10/12
Zeid Al-qaralleh
من قبل Zeid Al-qaralleh , Asistant General Manager at White Cloud Contracting Company , الغيمة البيضاء

 

كل فعل سبب ضرراً من قبل الطبيب للغير يلزم الطبيب بخطئه وبتعويضه ما دام تحت حراسته

Abdel Aziz Mohamed Abdel Aziz AGAG
من قبل Abdel Aziz Mohamed Abdel Aziz AGAG , lawer , Health Insurance Organization

أولا الطبيعة القانونية للمسئولية الطبية :-

مسئولية الطبيب أحيانا مسئولية عقدية وأحيانا أخرى مسئولية تقصيرية .

 

حالات المسئولية العقدية :-

يشترط لقيام المسئولية العقدية توافر الشروط الآتية :-

 

الشرط الأول أن يكون هناك عقد فإذا باشر الطبيب العلاج دون أن يسبق ذلك عقد كانت المسئولية تقصيرية .

 

الشرط الثاني : أن يكون العقد صحيحا ، ذلك أن العقد الباطل لا يترتب عنه التزام والمسئولية عنه تكون تقصيرية ومن الأمثلة التي يبطل فيها العقد إذا لم يؤخذ رضاء المريض أو إذا كان لسبب غير مشروع أو مخالفا للآداب كما لو كان الغرض من العقد إجراء تجربة طبية لا تحتاج إليها حالة المريض الصحية . 

 

الشرط الثالث : يجب أن يكون المجني عليه هو المريض فإذا كان من الغير كمساعد جراحة الطبيب الذي يصيبه الطبيب أثناء إجراء عملية فالمسئولية هنا تكون تقصيرية .

 

الشرط الرابع :- يجب أن يكون الخطأ المنسوب إلى الطبيب نتيجة لعدم تنفيذ التزام ناشئ عن عقد العلاج أما إذا كان الخطأ المنسوب للطبيب لا يمت بصلة إلى الرابطة العقدية كانت مسئولية تقصيرية مثال ذلك الطبيب الذي لم يتنبه إلى أخطاء مطبعية خاصة بتحديد جرعة الدواء مما تسبب عنه وفاة شخص.

 

الشرط الخامس : أن يكون المدعي صاحب حق في الاستناد إلى العقد وفي هذا الصدد يتعين التفرقة بين فرضين :-

الفرض الأول :- أن يكون المريض أو من ينوب عنه قانونا هو الذي اختار الطبيب فإذا أقام دعوى المسئولية فلا جدال في أنها تستند إلى المسئولية العقدية ، ولكن إذا مات المريض فان الوضع لا يخلوا من احد أمرين الأول أن ترفع دعوى التعويض من الورثة ولا شك أن قواعد المسئولية العقدية هي الواجبة الإتباع ، ذلك أن اثر العقد كما ينصرف إلى طرفيه كذلك ينصرف إلى الخلف العام والخاص ( الورثة هنا هم الخلف العام ) وفي حدود ما نص عليه القانون عملا بالمادتين145 ،146 من القانون المدني ، والأمر الثاني أن ترفع دعوى التعويض من غير ورثة المريض كأن يكونوا أقارب له أو حتى الأجانب فانه يحق لهم الرجوع على الطبيب المتعاقد الذي اخل بالتزامه العقدي وأدى ذلك إلى وفاة قريبهم لتعويض الأضرار المادية بفقد عائلتهم أو الأضرار المعنوية التي حلت بهم شخصيا نتيجة ما الم بهم من حزن واسى بسبب اختفائه فأنهم يتحركون في نطاق المسئولية التقصيرية ومقيدين بكل قواعدها .

 

والفرض الثاني :- أن يكون الذي ابرم العقد ليس هو المريض ولا يمثله قانونا ولا اتفاقا كالعقد الذي يبرمه زوج لزوجته أو رب العمل لعماله أو قريب للمريض ، فهنا يجب التفرقة بين حالات ثلاثة الأولى أن يتعاقد مع الطبيب باسمه مشترطا حقا مباشرا للمريض ففي هذه الصورة تطبق أحكام الاشتراط لمصلحة الغير ، والثانية إذا كان قد تعاقد باسم المريض ولمصلحته طبقت أحكام الفضالة وفي كلا الحالتين تكون العلاقة بين الطبيب والمريض علاقة تعاقدية ،  والحالة الثالثة أن يكون من تعاقد مع الطبيب باسمه ولتحقيق مصلحته الشخصية دون أن يقصد ترتيب حقا مباشرا للمريض من العقد ، فيكون لمن تعاقد مع الطبيب الحق في استعمال الدعوى العقدية أما المريض فانه يعتبر في هذه الحالة غيرا بالنسبة للعقد المبرم ولا يكون له إلا استعمال دعوى المسئولية التقصيرية .

 

التكييف القانوني لمسئولية الطبيب المعين من قبل مستشفى خاص أو صاحب مشروع خاص :-

 

كثرت في الفترة الأخيرة تعاقد الأطباء مع المستشفيات الخاصة أو إدارة الشركات و المصانع إذ

 يلتزم الطبيب في هذه الحالة بمقتضى العقد بعلاج المرضى الذين يدخلون المستشفى او العمال الذين يصابون أثناء العمل ، في هذه الحالات فان الطبيب ملزم بتقديم خدمات لأشخاص لم يرتبط معهم بأي اتفاق ولم يختاروه ولا يستطيعون رفض خدماته والتكييف الصحيح لهذا العقد هو انه  اشتراط لمصلحة الغير ، ذلك أن العلاقة بين الطبيب والمريض ما هي إلا نتيجة عقد إيجار أشخاص تم بين الطبيب وصاحب المستشفى الخاص أو صاحب المشروع الخاص ، فالطبيب المتعهد يلتزم قبل الجهة المشترطة وهي إدارة المستشفى أو المصنع أو المحل بان يعمل لمصلحة المرضى وهم المستفيدون من الاشتراط ، ولا يقدح في هذا الرأي أن الاشتراط حصل لمصلحة أشخاص غير معينين وقت العقد ما دام أنهم قابلون للتعيين وقت التنفيذ .

وتفريعا على ما تقدم فان للمستفيد دعوى مباشرة مستمدة من العقد يستعملها قبل المتعهد ليطالبه بتنفيذ التزامه ، وعلى ذلك فان مسئولية الطبيب في هذه الحالة تكون مسئولية عقدية .

 

حالات تطبيق قواعد المسئولية التقصيرية :-

أولا :- الخدمات المجانية :- ذهب الرأي الراجح إلى نفي الصفة العقدية عن الخدمات المجانية لان العقد يقتضى من طرفيه الالتزام به ، والواعد بالخدمة المجانية لم يقصد ترتيب التزام في ذمته ويعلم الموعود له بها نيته ، وهذه الالتزامات مبعثها اللباقة ولا تلقي على المدين سوى واجبات أدبية ، وبالتالي فلا يترتب عليها سوى مسئولية تقصيرية إذا ما وقع بمناسبتها خطأ من الواعد أو الموعود له ، ونادى رأي حديث في الفقه المصري انه يجب الرجوع إلى الملابسات لمعرفة ما إذا كان المريض والطبيب قد انصرفت نيتهما إلى انشاء التزام على عاتق الطبيب أم كان قصد الطبيب أن يقوم بالعلاج بطريق المجاملة فحسب فإذا تبين وجود عقد في حالة العلاج بالمجان فان الطبيب يكون مسئولا طبقا لأحكام المسئولية العقدية إذا ما تحقق الخطأ العقدي من جانبه .

( الدكتورة وفاء حلمي في الخطأ الطبي ص56 )

 

ثانيا : تدخل الطبيب بغير دعوة المريض كان يصاب شخص في الطريق العام فيسارع بعض المارة باستدعاء طبيب لإنقاذه أو أن يشاهد الطبيب حادثا ويتدخل من تلقاء نفسه لإسعاف المصاب فان المسئولية هنا تكون تقصيرية لعدم وجود عقد .

 

ثالثا الطبيب الذي يعمل في مستشفى عام:

من المقرر أن الطبيب الذي يعمل موظفا يعتبر في مركز تنظيمي أو لائحي وانه يخضع تبعا لذلك للقوانين واللوائح الخاصة بالعاملين بالدولة وفي هذه الحالة لا يمكن مساءلة الطبيب إلا على أساس المسئولية التقصيرية إذ كما قالت محكمة النقض بحق لا يمكن القول بان المريض قد اختار الطبيب لعلاجه حتى ينعقد عقد بينهما كما لا يمكن القول بوجود عقد اشتراط لمصلحة المريض بين إدارة المستشفى العام وبين أطبائها. 

 

ثانيا :- عناصر المسئولية الطبية :-

سبق أوضحنا أن الإلتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو من حيث المبدأ هو التزام ببذل عناية ، وان هناك حالات معينة يقع فيها التزام على الطبيب بتحقيق نتيجة .

 

و مضمون الالتزام ببذل عناية هو بذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة ، بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية ، فالإخلال بمثل هذا الالتزام يشكل خطأ طبيا يثير مسئولية الطبيب.

 

فالتزام الطبيب في هذه الحالة ليس التزاما بتحقيق نتيجة هي شفاء المريض ، إنما هو التزام ببذل عناية ، وهذه العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضه جهدا صادقا يقظا يتفق مع الأصول المستقرة في علم الطب ، فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني ، وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول ، كما يسأل عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته ، فمعيار الخطأ هو معيار موضوعي قوامه سلوك الشخص المعتاد.

 

الخطأ الطبي :-

الخطأ الطبي الذي ينجم عن عدم قيام الطبيب بالتزاماته الخاصة التي تفرضها عليه مهنته ، والذي يحوي في طياته طبيعة تلك الالتزامات للطبيب ، والتي منشؤها ذلك الواجب القانوني بعدم الأضرار بالغير ، بل المرجع فيها إلى القواعد المهنية التي تحددها وتبين مداها .

 

وقد استقر الفقه والقضاء على مسئولية الطبيب عن خطئه مهما كان نوعه ، سواء كان خطأ فنيا أو ماديا ، جسيما أو يسيرا ، ولا يتمتع طبيب بأي استثناء ويجب على القاضي أن يتثبت من وجود هذا الخطأ ، وان يكون هذا الخطأ ثابتا ثبوتا كافيا لديه ، وعليه أن يستعين برأي الخبراء  فلو وصف خطأ الطبيب الذي تجاوز العدد المسموح به في جلسات الأشعة بأنه يسير فهو مسئول عنه طبقا للقواعد العامة ، فيسال عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول ، كما يسال عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته ، فعدم نقل المريض إلى القسم الطبي المختص في الوقت المناسب يشكل خطأً فاحشاً يستوجب مسئولية الطبيب كما انه يسال عن خطئه المتمثل في حقن المريض بمخدر دون الإطلاع على زجاجته والتأكد مما إذا كان هو المخدر الذي طلبه أو شيء أخر.

واستقر القضاء على ضرورة أن يكون الخطأ واضحاً وثابتاً بصورة قاطعة لا احتمالية ، فيسال الطبيب عن خطئه في العلاج أن كان الخطأ ظاهرا لا يحتمل نقاشا فنيا تختلف فيه الآراء فان وجدت مسائل فنية علمية يتجادل فيها العلماء ولو لم يستقر الرأي عليها فاتبعها فلا لوم عليه .

 

والقضاء وان كان لا يشترط الخطأ الجسيم حتى تقوم مسئولية الطبيب عن عمله الفني ، إلا انه يشترط أن يكون هذا الخطأ محققا ومتميزا وفي الوقت نفسه فانه يتجه نحو التشديد في مسئولية الأطباء والمستشفيات وذلك عن طريق الالتزام بالسلامة .

 

صور الخطأ الطبي :-

1-   رفض علاج المريض :-

العلاقة بين الطبيب والمريض :-

العلاقة بين الطبيب والمريض هي علاقة تعاقدية يلزم فيها رضاء كل من الطرفين ، ولا يوجد نص يلزم الطبيب بتقديم العلاج للمرضى الذين يطلبون المساعدة ، والإنسان لا يعتبر مخطئا إلا إذا اخل بواجب يفرضه عليه نص قانوني أو اتفاق .

غير أن ظهور الاتجاهات الحديثة والوظيفة الاجتماعية للحقوق قيدت حرية الطبيب الخاص ، فحرية الطبيب في مزاولة مهنته يجب أن تستعمل في حدود هذا الغرض الاجتماعي وإلا كان متعسفا في استعمال حقه فهناك واجب إنساني وأدبي على الطبيب تجاه المرضى والمجتمع يفرضه عليه أصل ومقتضيات مهنته.

فوجود المريض في حالة خطرة تستدعي التدخل السريع والفوري من قبل الطبيب الحاضر أو المختص تؤدي لمسائلة الطبيب في هذه الحالة ومثلها عند التأخر في إنقاذ المريض .

كذلك تثور مسئولية الطبيب في الحالات التي ينقطع فيها عن معالجة مريض في وقت لائق وبغير مسوغ قانوني .

 

وطبقا للقواعد العامة فان الطبيب لا يفلت من المسئولية في الحالات السابقة إلا إذا قام الدليل على وجود قوة قاهرة أو حادث مفاجئ له .

2-   تخلف رضاء المريض :-

يلزم لقيام الطبيب بالعلاج أو العمليات الجراحية الحصول على رضاء المريض بذلك ، وتخلف هذا الرضاء يجعل الطبيب مخطئا ويحمله تبعه المخاطر الناشئة عن العلاج حتى ولو لم يرتكب أدنى خطأ في مباشرته.

 

وتزداد أهمية الحصول على رضاء المريض كلما كان العلاج أو الجراحة أمرا ينطوي على كثير من المخاطر ، أو في عمليات التجميل .

فيجب أن يصدر الرضاء من المريض نفسه  وان يكون حرا وعن بينة كاملة بالعلاج غير انه إذا كان المريض في حالة لا تسمح له بالتعبير عن رضائه أو في غير أهلية كاملة فيعتد برضاء ممثليه القانونيين أو أهله الأقربين .

ويمكن الاستغناء عن رضاء المريض في الحالات التي يكون فيها في وضع لا يسمح له بإبداء رضاء ، كذلك في حالات التدخل السريع . ويعفي الطبيب من المسئولية إذا رفض المريض التدخل السريع .

 

وحتى يكون الرضاء صحيحا فانه يقع على عاتق الطبيب التزام بإحاطته علما بطبيعة العلاج ومخاطر العملية الجراحية وإلا كان الطبيب مسئولا عن كافة النتائج الضارة من جراء تدخله ولو لم يرتكب خطأ في عمله ، غير انه لا يلتزم بإحاطته بكل التفاصيل الفنية التي لا يستطيع استيعابها سواء فيما يتعلق بنتائج المرض أو طرق العلاج المستخدمة .

 

3-   الخطأ في التشخيص:-

يتعين عند تقدير خطأ الطبيب في التشخيص أن ينظر فيه إلى مستواه من جهة وتخصصه من جهة أخرى ، إذ لا جدال في أن  الخطأ الصادر من الطبيب الأخصائي يعتبر أدق من خطأ الممارس العام ولا يسال الأخصائي عن خطئه في معرفة مرض لا يدخل في دائرة تخصصه وان كان هذا لا يعفيه من الاسترشاد برأي الأخصائي في هذا المجال ليتمكن من القيام بتشخيص الحالة التي تدخل في تخصصه ولا خطأ إذا تعلق الأمر بوسيلة طبية لا زالت محل خلاف بين الأطباء ، غير انه لا جدال في أن الإخلال بالأصول العلمية الثابتة المعترف بها من الجميع يعتبر خطأ موجبا للمسئولية .

فلا مسئولية إذا كان الخطأ في التشخيص راجعا إلى ترجيح الطبيب لرأي علمي على أخر و لطريقة في التشخيص على طريقة أخرى طالما أن هذا الرأي لا زال أمام البحث والتطور العلمي ولا نسال الطبيب إذا كان الخطأ في التشخيص راجع إلى تضليل المريض أو أهله له في البيانات التي أدلوا بها عن آلامه وأعراض المرض أو إخفائهم لبض الحقائق الخاصة به .

 

وتتحقق المسئولية عن الخطأ في التشخيص ، إذا كان الخطأ يشكل جهلا فاضحا بالمبادئ الأولية للطب المتفق عليها من قبل الجميع والتي تعد الحد الأدنى الذي يتفق مع أصول المهنة الطبية .

كما تقوم مسئولية الطبيب إذا كان خطؤه راجعا إلى عدم استعمال الوسائل العلمية الحديثة التي يقتضيها تخصصه كالسماعة وجهاز رسم القلب وجهاز الأشعة والفحص الميكروسكوبي والكهربائي ، أو إذا استخدم وسائل مهجورة .

 

 ويتعين على الطبيب أن يبذل في التشخيص العناية الواجبة وكل خطأ مرجعه الإهمال أو الرعونة تعرضه للمسئولية فعليه أن يستمع إلى شكوى المريض ويحصل منه أو من أهله على جميع المعلومات التي تعاونه وان يشرع في فحص المريض فحصا دقيقا ملتمسا مواضع الألم متحسسا مواطن الداء مستعملا جميع الوسائل التي يضعها العلم تحت تصرفه ليكون رأيه بعيدا عن الخطأ بقدر الإمكان .

 

4-   الخطأ في وصف العلاج ومباشرته :-

لا يلتزم الطبيب بتحقيق نتيجة معينة كشفاء المريض ، ولكن كل ما عليه هو بذل العناية الواجبة في اختيار الدواء ، فيلزم بمراعاة الحد اللازم من الحيطة في وصف العلاج مع مراعاة بنية المريض وسنه وقوة مقاومته ودرجة احتماله للمواد الكيميائية التي يحتويها الدواء ، ومن ثم يسال الطبيب إذا لم يراع ما تقدم أو اخطأ في كمية الدواء بإعطاء المريض جرعة أزيد من المطلوب طبياً وفقاً لحالته، أو إذا باشر العلاج بطريقة تنم عن الإهمال واللامبالاة وعدم إتباع الأصول الطبية المتعارف عليها في هذا الشأن ، فيعتبر مسئولا الطبيب الذي لم يشر على المريض بإجراء التحاليل اللازمة قبل أن يصف له علاجا ليس من المألوف كثيرا الالتجاء إليه حيث ينطوي على درجة خاصة من المخاطر ويستدعي استعماله التأكد من حالة المريض الطبية ، كما هو الشأن في تقريره علاج مريض السرطان بالذرة فيتعين التحقق من المرض بإجراء التحليل قبل تقرير هذا العلاج الخطر وكذلك يعتبر مسئولا الطبيب الذي استخدم أجهزة أشعة قديمة مما أدى إلى إصدارها أشعة على درجة من القوة تفوق طاقة المرضى من الأطفال وكان من الصعب التحكم فيها .

ولا يجوز للطبيب تركيب دواء لان هذا من عمل الصيدلي حتى ولو كانت معلوماته تؤهله لمثل ذلك .

 

5-   إجراء العلاج لهدف غير الشفاء :-

يجب أن يكون تدخل الطبيب منصرفا إلى العلاج و ليس الى غاية أخرى فان كان تدخله منصرفا إلى غرض أخر ، فقد خرج الطبيب على وظائف مهنته وزالت صفته وتوافرت في فعله عناصر المسئولية وفق المبادئ العامة .

فان كان تدخله بهدف البحث العلمي ، فان ذلك يعد خطأ يوجب مسئوليته متى احدث ضررا بالمريض ، لان الطبيب بخروجه عن الغاية التي أتيحت له من اجلها مزاولة مهنته يكون قد خرج عن حدود هذه الإباحة واسقط عن نفسه الحماية التي يسبغها القانون على فعله .

 

6-   الخطأ الطبي من خلال العمليات الجراحية :-

ينبغي على الطبيب قبل إجراء العملية الحصول على رضاء المريض بالعملية بعد إعلانه بحقيقة وضعه ، وينبغي أيضا القيام بفحص طبي شامل حسبما تستعديه حالة المريض وتقتضيه طبيعة الجراحة المقبلة واستعمال البنج يقضى من الطبيب نوع من الحيطة للتأكد من مدى قابلية المريض لتحمله ، وقد استقر القضاء على أن الطبيب لا يعد مسئولا عن الأخطاء التي تصدر من طبيب التخدير ، طالما أن المريض لم يعترض على تواجده إذ يفترض نشوء عقد ضمني بين الطرفين ، ومن ثم فان كل من الطبيبين يسال عن الأخطاء التي تصدر منه سواء قبل العملية أو أثنائها أو بعد الانتهاء منها .

 

ويسال الطبيب عن خطأ الممرضة في معرفة فصيلة الدم إذا كان لم يتأكد من مدى تخصصها قبل أن يعهد إليها بذلك ، وكذلك الشأن إذا طلب من الممرض أن يناله نوعا معينا من الحقن له غيره، ولم يتحقق من انه المطلوب وحقن به المريض ، انه يعد مسئولا غير أن القضاء قد استقر على قبول وجود قدر ضروري من المخاطر مرتبط بطبيعة التدخل الجراحي ذاته ، فقضى بعدم مسئولية الجراح عن وفاة طفل تم نقله إليه بسرعة لإجراء عملية جراحية ، تمت بالعناية المطلوبة ولكنها لم تنجح بسبب عدم إحراز الطب في هذا الميدان التقدم العلمي الكافي .

غير انه هناك بعض الحالات يبدو خطأ الطبيب واضحا مثل عدم قيام الطبيب بما يستلزمه نظافة الجرح وتطهيره ، ومسئولية جراح الأسنان في حالة تسببه خطأ عند قيامه بخلع ضرس بان انفصل الفك عند خلعه الضرس ، ومسئولية طبيب عن عملية ختان أجراها أزال كامل الجلد المغلف للذكر ولم يقتصر على إزالة الجلد الزائد من جلد مقدمه القضيب مما يترتب عليه تشويه القضيب.

والقاعدة أن الطبيب يسال عن كل الأضرار التي تنشأ من جراء خطئه وعدم احترازه سواء في تجهيز المريض للعملية أو في استعمال أشياء معينه أثناء الجراحة.

 

ثانيا : أركان المسئولية الطبية :-

تقوم المسئولية الطبية على أركان ثلاثة :- الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر وقد عرضنا للخطأ ، ومن ثم فإننا نعرض للعنصرين الآخرين: الضرر وعلاقة السببية .

 

(1) : الضرر :-

يعد الضرر ركناً من أركان المسئولية وثبوته يعتبر شرطا لازما لقيامه ، وتقرير وقوع الضرر مسالة موضوعية لا رقابة فيها لمحكمة النقض ، ولكن الشروط الواجب توافرها في الضرر مسالة قانونية تخضع لرقابتها.

 

والأضرار التي تصيب المريض من جراء الخطأ الطبي يمكن أن تكون مادية أو أدبية .

فالمساس بسلامة جسم الإنسان أو أصابته يترتب عليه خسارة مادية للشخص ويتمثل ذلك في نفقات العلاج أو في إضعاف القدرة على الكسب أو انعدام هذه القدرة أصلا .

 

وقد يصيب الضرر المادي ذوي المريض المضرور والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة لوفاة أخر أو عجزه هو أن يثبت أن المجني عليه كان يعوله فعلا وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرار على ذلك في المستقبل كانت محققة فيقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس.

 

ويتمثل الضرر الأدبي في مجرد المساس بسلامة جسم المريض أو أصابته بعجز نتيجة خطأ الطبيب ، وكذلك الأمر في حالة الآلام الجسمانية والنفسية التي يمكن أن يتعرض لها ، وما ينشأ فيها من تشوهات وعجز في وظائف الأعضاء.

ويجوز للمضرور أن يطالب بالتعويض عن الضرر المستقبل متى كان محقق الوقوع ويدخل في عناصر الضرر تفويت الفرصة .

      

(ب) علاقة السببية :-

لا يكفي مجرد وقوع الضرر للمريض وثبوت خطأ الطبيب أو المستشفى بل يلزم وجود علاقة مباشرة بين الخطأ والضرر ، ومتى اثبت المضرور الخطأ والضرر وكان من شان ذلك الخطأ أن يحدث عادة الضرر فان القرينة على توافر علاقة السببية بينهما تقوم لصالح المضرور ، وللمسئول نفي هذه القرينة بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه .

 

وخطأ المريض ينفي رابطة السببية إذا كان هو وحده السبب في إحداث الضرر ، أما إذا كان قد ساهم مع خطأ الطبيب في وقوع الضرر فان ذلك يؤدي إلى انتقاص التعويض المحكوم به على الطبيب بقدر نسبة خطأ المريض .

 

ومن الأمثلة على خطأ المريض تناول المريض أو تعاطيه لأشياء حرمها عليه الطبيب بصيغة صريحة وقاطعة مبينا له نتائجها أي أن يكون فشل العلاج راجعا إلى خطأ المريض وحده كذلك كذب المريض على الطبيب ، بان يذكر له على خلاف الحقيقة انه لم يسبق له مطلقا تعاطي أية أدوية أو أن يقرر له على عكس الواقع انه تعاطي أدوية معينة عن طريق الحقن أو الفم .

وتنتفي مسئولية الطبيب بانتفاء رابطة السببية نتيجة خطأ الغير إذا كان قد استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة .

 

أما الخطأ المشترك ، فقضت محكمة النقض بان تعدد الأخطاء المؤدية إلى وقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه ، يستوي في ذلك أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر في حصوله غير انه يجب عند تحديد المسئولية الوقوف عند السبب المنتج في إحداث الضرر دون السبب العارض .

 

** التزام الطبيب

أولا :التزام الطبيب ببذل عناية :-

يتفق الفقه والقضاء ، كما سبق أن أوضحنا – على أن التزام الطبيب أمام المريض ينحصر في الالتزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة ، وبأن العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظة تتفق في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة في علم الطب ، فيسال الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يتفق مع طبيب يقظ فى مستواه المهنى وجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول كما يسال عن خطئه العادي أيا كانت جسامته.

ولا يكفي لكي يعد الطبيب مخلا بالتزامه أن تسوء حالة المريض بل يجب أن يقوم الدليل على تقصير الطبيب في عنايته ولا يأتي هذا إلا إذا وقع منه خطأ يمكن أن تترتب عليه المسئولية

 

ويتحدد مدى التزام الطبيب بالقواعد المهنية بالظروف الخارجية التي يوجد فيها ويعالج فيها المريض كالمكان والإمكانيات المتاحة كأن يكون المستشفى غير مزود بالآلات الحديثة ، أو أن تكون حالة المريض خطيرة تقتضى إجراء جراحة له فورا في مكان وجوده دون نقله المستشفى .

 

ثانيا : التزام الطبيب في حالات استثنائية بتحقيق نتيجة :-

         تمهيد :-

إذا كان الأصل هو قصر التزام الطبيب على بذل العناية المطلوبة نظرا لفكرة الاحتمال التي تهيمن على نتيجة مهمته والتي تتدخل فيها عوامل عديدة لا تخضع لسيطرته عملا بالحكمة الدينية القائلة انه وان كان الطبيب هو المداوي إلا أن الشافي هو الله ,

 

إلا أن الأمر لا يمنع من قيام التزامات محددة خارج نطاق مهمته بمعناها الدقيق يكون تنفيذها لا مجال فيه لفكرة الاحتمال التي تبرر قصر التزام الطبيب على مجرد العناية ، كما هو الشأن في عمليات نقل الدم ، أو في التحاليل الطبية أو في الأجهزة المستخدمة حيث يبرز التزام محدد يقع على عاتق الطبيب وهو الالتزام بضمان السلامة حماية بمرضاه ، فيكون الطبيب ملزما بسلامة المريض لا من عواقب المرض ولكن من خطر حوادث قد تقع  للمريض خارج نطاق العمل الطبي بمعناه الدقيق ومن هذه الحالات :

أولا : نقل الدم :-

قد يحتاج المريض ، في بعض الظروف إلى نقل الدم إليه ، فيتعين أن يكون متفقا في الفصيلة مع دمه ، وإلا أصيب بأضرار قد تكون جسيمة كم أيجب أن يكون سليما خاليا من المرض وإلا انتقلت عدواه .

 

ويتعهد الطبيب المعالج بالتزام محدد محله تقديم دم مناسب وسليم فيكون مخلا بالتزامه إذا كان الدم الذي نقله إليه غير مناسب له أو ملوث بجرثومة ، وتقوم مسئوليته العقدية عن الضرر الذي يلحقه ، أو المرض الذي يصيبه ، إلا إذا قام الدليل على أن عدم تنفيذه لالتزامه يرجع إلى سبب أجنبي غير منسوب إليه .

ولا تعارض بين التزام الطبيب ببذل العناية واليقظة والانتباه الذي لا يرتب العقد الطبي سواه على عاتق الطبيب ، وبين الالتزام المحدد بالسلامة من عيوب الدم الذي ينقل للمريض فهذا الأخير لا يطالب الطبيب بشفائه نتيجة نقل الدم وإنما يطالبه بالا يضيف بنقل الدم علة جديدة إلى المرض الذي يعالجه .

 

على أن الطبيب المعالج لا يجري تحليل دم المريض بنفسه ليقف على فصيلته بل يعهد بهذه المهمة إلى طبيب متخصص أو معمل للتحاليل كما أن الطبيب غالبا ما يلجأ إلى مركز متخصص  يطلق عليه بنك الدم وبمقتضى عقد مع ذلك المعمل أو ذلك المركز يتعهد  فيه صاحبه بتقديم دم سليم ليكون التزام كليهما محله تحقيق نتيجة لأن ما يقتضيه المريض من طبيبه ليس مجرد بذل جهده في سبيل تعيين فصيلة دمه أو الحصول على دم سليم ، بل يحدد له على وجه الدقة فصيلته ، أو يقدم له دما خاليا من جراثيم المرض ، ويرجع في حقيقة الضرر الذي يلحق المريض إلى خطأ المعمل في تحليل دمه ، أو المرض الذي يصيبه إلى تقصير المركز في فحص دم من قدمه له ، ومن ذلك يرجع المريض على طبيبه لأنه تعهد بمقتضى العقد معه بتقديم الدم السليم الذي يتفق في الفصيلة مع دمه فيستعير التزامه في علاقته بمريضه ، طبيعة التزام مركز نقل الدم ، أو معمل التحليل ، ليكون مثله التزام بتحقيق نتيجة ، إنما لا يستطيع - لانتفاء العلاقة العقدية - أن يرجع مباشرة على مدير ذلك المركز ، أو صاحب هذا المعمل إلا طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية التي توجب عليه إقامة الدليل على خطئه .

 

غير أن محكمة النقض الفرنسية قد أجازت له الرجوع مباشرة على مركز نقل الدم بالدعوى العقدية ، تأسيساً على قيام اشتراط لمصلحته في العقد الذي ابرمه طبيبه مع ذلك المركز ليستطيع - بغير حاجة إلى إثبات خطئه - مطالبته بتعويض عن إخلاله بالالتزام الناشئ عن العقد لمصلحته.

 

ثانيا :- التحاليل الطبية الأخرى :-

أن التزام الطبيب بالنسبة لجميع أنواع التحاليل الطبية محله تحقيق نتيجة ، ويقع الإخلال به بمجرد ثبوت غلطه فيه وتقوم بالتالي مسئوليته ، إلا إذا قام الدليل على رجوع إخلاله بالتزامه إلى سبب أجنبي لا يد له فيه ، ففي كل مرة ينحصر فيها نشاط الطبيب في أعمال معملية لا تتضمن بحسب الأصول العلمية السليمة أي احتمال ، يتحدد هذا النشاط ويكون تقديره وفقا لنتيجته .

أما في التحاليل الدقيقة التي تخرج عما تجريه المعامل يوميا منها ويصعب فيها الكشف عن الحقيقة ، بالطرق العلمية القائمة ، ويمكن أن يختلف فيها التفسير ، فيقتصر محل التزام الطبيب حسبما ذهبت محكمة النقض الفرنسية على بذل العناية واليقظة الواجبة .

 

ثالثا : الأدوات والأجهزة الطبية :-

من الملاحظ الآن أن الآلة قد تدخلت بشكل ملحوظ وظاهر في العلاج الطبي ، وقد يصاب المريض بضرر بسبب تلك الآلات أو الأجهزة التي يستخدمها الطبيب المعالج .

وقد ثار خلاف في الفقه والقضاء حول مدى مسئولية الطبيب عن هذه الإصابات .

فذهب فريق من الفقهاء إلى إخضاع مسئولية الطبيب عن الإصابات التي تحدثها أجهزته بمرضاه لذات القواعد التي تخضع لها مسئوليته عن الأعمال الطبية . وبناء على ذلك يتعين على المريض أن يثبت في دعوى المطالبة بالتعويض خطأ الطبيب وعلاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذي أصابه .

 

ومؤدي ذلك استبعاد تطبيق المادة178 من القانون المدني المصري على الطبيب في استعماله تلك الأجهزة أو الأدوات ليس فقط في نطاق العقد الطبي – حيث يعتبر استبعادها نتيجة لإخراج المسئولية التقصيرية عن نطاق العقود – بل كذلك حين لا تقوم علاقة بين الطبيب ومريضه .

 

غير أن القضاء الحديث والفقه أيضا يسلم بان الطبيب يتعهد – فضلا عن بذل العناية وفقا للأصول العلمية – بالتزام محدد بسلامة المريض من الأضرار المستقلة عن المرض الذي لجأ إليه من اجله ، وعلى غير صلة به ومحل التزامه هذا تحقيق نتيجة ، وينطبق على الخصوص على الأضرار التي تلحق المريض من الأدوات أو الأجهزة الطبية والتي تنقطع صلتها بالأعمال الطبية التي يظل محل الالتزام بتأديتها بذل عناية .

 

والإضرار المقصودة في هذا الشأن هي تلك التي تنشأ نتيجة وجود عيب أو عطل بالأجهزة والأدوات المذكورة إذ يقع التزام على الطبيب بمقتضاه استخدام الآلات السليمة التي لا تحدث أضرارا بالمريض.

 

وهذا هو الالتزام بنتيجة ، فلا يعفى الطبيب من المسئولية حتى لو كان العيب الموجود بالآله يرجع إلى صنعها ويصعب كشفه . إلا انه يستطيع التخلص من المسئولية – طبقا للقواعد العامة– بإقامة الدليل على أن الأضرار التي وقعت ترجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه .

وهناك العديد من قضاء المحاكم في فرنسا في هذا الصدد منها :-

القضاء بمسئولية الطبيب عن وفاة المريض أثناء الجراحة نتيجة انفجار حدث لتسرب الغاز من جهاز التخدير واشتعاله بشرارة خرجت منه.

كذلك حكم بمسئولية الطبيب عن إصابة المريض بالتهاب لزيادة تعريض جلده للأشعة نتيجة خلل في منظم جهاز الأشعة .

وإصابة المريض بحروق نتيجة لهب خرج من المشرط الكهربائي أثناء علاجه رغم عدم ثبوت تقصير الطبيب.

وتمتد مسئولية الطبيب لتشمل الأضرار التي تصيب المريض نتيجة سقوطه من فوق منضده الفحص بسبب هبوطها المفاجئ أو عند صعوده أو نزوله من عليها.

ويلاحظ أن كل الأضرار السابقة تعتبر منقطعة الصلة بالمريض نفسه وتستقل عن العمل الطبي في معناه الدقيق وما ينطوي عليه من طبيعة فنية ، ولذا فان محل الالتزام بصددها هو التزام بتحقيق نتيجة هي سلامة المريض.

أما إذا نشأت الأضرار عن الأعمال الطبية بما تنطوي عليه من خصائص فنيه وعلميه فالأصل أن محل التزام الطبيب يكون التزاما ببذل عناية ، ولا تقوم مسئوليته إلا إذا ثبت تقصيره .

 

غير أن محاكم الموضوع قد خرجت عن هذا المبدأ العام ومدت نطاق الالتزام بالسلامة إلى الإصابات التي تحدث أثناء استعمال الأجهزة والأدوات تنفيذا للعمل الطبي ذاته – رغم تأكيدها في أسباب أحكامها بان محل الالتزام بأدائه مجرد بذل عناية – متى كانت هذه الإصابات مستقلة عن العلاج ، وذات جسامه استثنائية لم يتوقعها المريض منه بحيث يلتزم الطبيب بإعادة المريض بعد انتهاء فترة وجوده عنده ( سليما معافى) من كل ضرر غير ذلك الذي يحتمل حدوثه نتيجة تدخله أو فشل العلاج ، أو تطور العلة .

وعلى ذلك لا يعفى الطبيب من المسئولية ، حال الإصابة إلا إذا أثبت خطأ المريض أو القوة القاهرة أو الحادث الفجائي.

 

فقد قضى بمسئولية طبيب الأسنان عن تمزيق لسان المريض وأغشية فمه بسبب عدم سيطرته على جهاز العلاج أثناء استعماله في علاجه لان هذه الإصابات ، ولو كانت ترجع ، في الحقيقة إلى الأعمال الطبية في ذاتها ، إلا أنها ، نظرا لجسامتها ، تخرج عن نطاق حوادث العلاج ، ويلتزم الطبيب إزائها بسلامة مريضه .

هذا بالإضافة إلى الاعتبارات العملية والإنسانية التي تقوم على توفير الحماية للمريض وتجنبه الدخول في صعوبات إقامة الدليل على خطأ الطبيب وبصفة خاصة أمام التعقيدات للأجهزة المستعملة .

فالمريض يعهد بنفسه إلى الطبيب ، فطبيعي أن يلتزم هذا الأخير ، ليس بشفائه من مرضه ، بل بالا يضيف بعلاجه مرضا أو علة أخرى .

 

رابعا : - التركيبات الصناعية :-

أدى التقدم العلمي الى إمكان الاستعاضة عما يفقده الإنسان من أعضائه الطبيعية ، بأعضاء صناعية لتزيل عيب الشكل الذي يسفر عنه نقصا ، وتؤدي له على قدر الإمكان بعض وظائف الأعضاء الطبيعية كالأسنان والأطراف الصناعية.

 

ولم يثر أمام القضاء من مشكلات بالنسبة للتركيبات الصناعية سوى المتعلق منها بالأسنان الصناعية وقد ذهب القضاء في فرنسا إلى اعتبار طبيب الأسنان في هذا الصدد في حكم البائع للأسنان الصناعية . وبالتالي فهو يلتزم بضمان العيوب الخفية فالمريض لا يلتزم بإثبات خطئه لأننا لسنا بصدد التزام طبي ببذل عناية بل بصدد بيع بشرط التجربة معلق على شرط واقف وهو قبول الأسنان بعد تجربتها ومناسبتها ، ويؤدي تخلف هذا الشرط إلى اعتبار العقد كان لم يكن .

 

مسئولية المستشفى عن اخطاء الطبيب ومساعديه :-

1-   علاقة المستشفى الخاص بالطبيب :-

تقوم إدارة المستشفى بتنفيذ التزاماتها قبل المرضى عن طريق الاستعانة بالأطباء ، ويكون ذلك أما عن طريق علاقات دائمة أو عن طريق أطباء يقومون بإجراءات معينة في المستشفى .

 

الحالة الأولى : العلاقة التعاقدية :-

اتفق الفقه والقضاء على أن هذه العلاقة علاقة تبعية ، وان المتبوع يسال عن أفعال تابعيه بموجب المادة174 مدني ، ويشترط لتوافر هذه العلاقة :

( أ ) وجود علاقة تبعية بين التابع المتسبب في الضرر وبين المتبوع والمسئول عن التعويض .

(ب) أن يكون التابع قد ارتكب خطأ أصاب الغير بضرر.

(جـ ) أن يكون هناك ثمة علاقة بين هذا الخطأ والوظيفة التي يقوم بها التابع بان يكون ارتكابه للخطأ حال تأدية الوظيفة أو أثنائها.

ومعيار التبعية هو ما يملكه المتبوع من سلطة فعلية في رقابة تابعيه وتوجيهه .

الحالة الثانية : الأطباء الذين يقومون بإجراءات معينة في المستشفى .

كثيرا ما يلجا المريض مباشرة إلى الطبيب الأخصائي بغية إجراء عملية جراحية للعلاج من مرض معين ، فيبرم عقدا معه على إجراء نشاطه الجراحي ، في هذا الفرض لم تنشأ علاقة تعاقدية مباشرة بين المريض والمستشفى ، فإذا ما نجم عن عمل الأخصائي الجراح خطأ ونجم عنه ضرر ، فانه وحده يكون مسئولا عن هذه الأضرار دون إدارة المستشفى التي أجريت فيها العملية الجراحية ، فالعقد الطبي لم يعقد بين المريض والمستشفى وإنما تم إبرامه بين الأخصائي والمريض خارج نطاق إدارة المستشفى .

 

غير انه عندما تقبل المستشفى إجراء هذا التدخل الجراحي بداخلها ، فإنها تلتزم بالعناية الجارية عقب إجراء العملية الجراحية ، كذلك العناية الطبية من قبل الأطباء والمساعدين ، فإذا ما نجم من هؤلاء خطأ أثناء مباشرة العلاج اللازم في المرحلة التالية فانه يمكن مسائلتها مباشرة من المريض على أساس المسئولية التقصيرية .

2-   علاقة الطبيب الجراح بأعضاء الفريق الطبي :-

قد يتطلب التدخل الجراحي اشتراك أكثر من متخصص ، كل في مجاله وهنا تثور علاقة الطبيب الجراح بالطبيب المعالج .

ذهب القضاء إلى وجوب استقلال كل من الجراح والطبيب المعالج في أدائهما لعملهما ، فلا يخلي الجراح من المسئولية أن يكون الطبيب المعالج هو الذي أشار عليه بإجراء العملية فلا يقبل منه الاحتجاج بأنه إنما نفذ رأي الطبيب المعالج لان ذلك لا يتفق مع استقلال الجراح وحريته في مزاولة المهنة وواجبه في فحص المريض قبل أن يجري عليه الجراحة ليري ما إذا كانت تقتضيها حالته أو لا .

3-   علاقة المريض بالمستشفى والطبيب المعالج :-

(أ‌)               علاقة المريض بالمستشفى :-

يذهب المريض إلى المستشفى الخاص لإجراء عملية جراحية أو للعلاج من مرض معين ، وذلك بعد الاتفاق بينه وبين إدارة هذا المستشفى على إجراء العلاج فيبرم بينهما عقد علاج يلتزم المريض بدفع الأجرة ، وتلتزم المستشفى بإجراء العلاج والإقامة في المستشفى وتقديم العناية اللازمة , فهناك إذن علاقة تعاقدية بين الطرفين .

وقد تستعين المستشفى بأطباء من الخارج لإجراء العملية ، وتتحقق مسئولية المستشفى عند مباشرة نشاطها لعلاج المرضى المتعاقدين معها إذا ما نجم عنه خطأ أثناء العلاج من قبل ممن استعانت بهم المستشفى من العاملين بها من الأطباء والمساعدين ، فان المستشفى تسال في مواجهة المريض مسئولية تعاقدية مقتضاها أن المدين بالتزام تعاقدي لا يسال عن عمل الغير إلا إذا كان قد استخدمه في تنفيذ التزامه التعاقدي.

ولكي تنعقد مسئولية المستشفى العقدية ينبغي أن يكون الضرر الحادث للمريض قد نجم عن عدم تنفيذ ما عهد به إلى أطبائها أو مساعديهم حال تنفيذ العقد أو بسببه .

4 - علاقة المستشفى بالطبيب :-

من المقرر أن المستشفى أثناء تنفيذ التزامها بعلاج المريض تستعين بأطباء ذوي تخصص كل في مجاله كطبيب التخدير ، وطبيب الأشعة والعلاج الطبيعي ، وهؤلاء قد يكونون عمالا دائمين في المستشفى أو ملتحقين بها لقيامهم بنشاطهم في أكثر من مستشفى ، وفي الحالتين فان هناك رابطة عقدية بينهم وبين المستشفى ، فإذا ما نجم عن نشاط هؤلاء الأطباء المشاركين خطأ سبب ضررا للمرضى فان مؤدي القواعد العامة أن المستشفى تسال عن أعمال الطبيب ، ذلك باعتبار المستشفى متبوعا والطبيب تابعا ، غير أن القضاء ذهب إلى عدم تحقق مسئولية المستشفى باعتبارها متبوعا عن أخطاء الطبيب واقتصار المسئولية على هذا الأخير ، فقضت محكمة النقض بأنه من حيث أن التزام المستشفى بموجب عقد العناية إنما هو التزام من نفس طبيعة الالتزام الخاص بالأطباء المعالجين ، وذك ببذل العناية اللازمة ، والتعهد بالعلاج طبقا لمقتضيات العلم الراهنة ، ويجب على المستشفى أن تبذل جهدها في تحقيق تلك العناية دون أن تكون ملتزمة بالضمان ، لان مثل هذا الالتزام إنما هو مستبعد لمخالفة ذلك لطبيعة نشاط المستشفى .

غير أن المستشفى تسال وحدها عن تقصيرها في الإشراف على الممرض الذي أهمل في أداء العمل المنوط به وأدى إلى سقوط مريض من النافذة ، أو عند ثبوت الخطأ في المراقبة.

 

5      - التأصيل القانوني لمسئولية المستشفى عن أخطاء الطبيب ومساعديه :-

ذهب قضاء النقض في تأصيل مسئولية المتبوع على أن أساس المسئولية يمكن في الخطأ المفترض في جانب المتبوع في الاختيار والرقابة ، وان مساءلة المتبوع تقوم على ما بدر منه من نقص في الرقابة على أتباعه بحيث انه لو أحكمت تلك الرقابة لما وقع منه ذلك الفعل غير المشروع ، فهو خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس ، كذلك مسئولية الحارس في إطار المسئولية الشيئية إنما تقوم على الخطأ المفترض.

 

وهذه المسئولية لا تنتفي إلا بإثبات السبب الأجنبي حيث أن مسئولية المتبوع والحارس إنما هي مسئولية مقررة بحكم القانون قوامها خطأ مفترض من جانب القانون فرضا لا يقبل إثبات العكس ، ولا تنتفي مسئولية المتبوع إلا بانتفاء مسئولية التابع ، وإذا كان نص المادة174 مدني  قد ورد بشان مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه التابع بفعله غير المشروع متى كان واقعا حال تأدية وظيفته أو بسببها ، فان أساس هذه المسئولية بناؤها على خطأ مفترض من جانب المتبوع لا يقبل إثبات العكس ويرجع إلى سوء اختياره تابعه أو تقصيره في رقابته.

6      - مسئولية الطبيب عمن يساعده من الأطباء :-

لا تقوم مسئولية الطبيب عن مساعده من الأطباء إلا إذا كان هو الذي اختاره  لمعاونته ذلك انه وان كان من المقرر أن قيام رابطة التبعية لا يقضى أن يكون المتبوع حرا في اختيار تابعه إلا انه يشترط لقيام هذه التبعية أن يكون للمتبوع على التابع سلطة فعلية فى رقابته وتوجيه وهذه السلطة لا تحقق إلا إذا اختار الطبيب هذا المساعد لمعاونته في العملية أو تركه يتدخل فيها مع استطاعته منعه من التدخل وعلى ذلك لا تقوم هذه المسئولية بالنسبة للطبيب الجراح في مستشفى عام عن الخطأ الذي وقع من الطبيب الذي عينته إدارة المستشفى لإجراء تخدير المريض.

المسئولية الطبية تسري على جميع الأطباء بكافة التخصصات :-

لا شك أن المسئولية الطبية تسري على جميع أنواع الأطباء بكافة تخصصاتهم سواء منهم الباطني أم الجراح أم طبيب العيون أم طبيب التخدير أم طبيب الأنف والأذن والحنجرة أم طبيب الأسنان أم طبيب الغدد أم طبيب الأعصاب أم طبيب لأمراض النفسية أم طبيب العلاج الطبيعي وغير ذلك من التخصصات الأخرى .

ونظرا لتفاقم أهمية التحاليل والأشعة في الوقت الحاضر وتقدم العلم في مجالهما تقدما رهيبا لذلك حرصنا على أن نفرد بحثا مستقلا لهما نتناول فيه مسئوليتهما بإسهاب وتفصيل .

 

أولا : مسئولية طبيب التحاليل :-

من المقرر كما سبق أن أوضحنا أن التزام طبيب التحاليل الطبية محله تحقيق نتيجة إذ في جميع الحالات التي ينحصر نشاطه في أعمال  معملية لا تتضمن حسب الأصول العلمية السليمة أي احتمال فانه ملزم بتحقيق النتيجة أي بتقديم تقرير صحيح مطابق تماما للحقيقة ويقع الإخلال به بمجرد ثبوت خطأ فيه ولا تنتفي مسئوليته إلا بإثبات السبب الأجنبي أما التحاليل الدقيقة التي يصعب فيها الكشف عن الحقيقة بالطرق العلمية القائمة وتترك مجالا لان يختلف فيها التفسير فيقتصر التزام الطبيب فيها على بذل العناية واليقظة الواجبة .

ثانيا :مسئولية طبيب الأشعة :-

يلتزم طبيب الأشعة بدوره بتحقيق نتيجة هي تقديم صورة أشعة للمريض واضحة ظاهرة تبين خفايا ودقائق الجزء من الجسم الذي طلب الطبيب المعالج اخذ  الصورة له مبينا به علامات وإمارات المرض الذي يعانيه المريض ومرفقا بها تقرير مكتوب بحالة المريض وتقوم مسئوليته بمجرد ثبوت وجود خطأ فيها إلا إذا أثبت قيام السبب الأجنبي ، أما الأمراض التي لم يتوصل العلم إلى ظهورها في الأشعة بالأجهزة العلمية المتاحة أو الصورة التي يختلف التفسير في قراءتها فان مسئولية الطبيب في هذه الحالة تكون بذل عناية وتفريعا على ذلك إذا اخطأ طبيب الأشعة بان قدم المريض صورة أشعة غير دقيقة ترتب عليها إصابته بأضرار كان مسئولا عن تعويض هذا الضرر كما إذا كان المريض مصابا بمرض السل في مرحلته الأولى إلا أن صورة الأشعة لم تظهره أما لخلل بها وأما لان الوضع الذي أشار الطبيب على المريض باتخاذه أثناء التصوير كان غير سليم وأما انه خلط بينهما وبين صورة أشعة مريض أخر وترتب على عدم المبادرة بعلاج المريض أن استشرى الداء في رئتيه وكلفه علاجه نفقات كثيرة ووقتا طويلا في حين انه لو أظهرت الأشعة هذا المرض في بدايته لكان علاجه أمرا سهلا ونسبة نجاحه اكبر فيسال الطبيب عن جميع هذه الأضرار من مادية وأدبية.

 

ويثور البحث في حالة ما إذا كانت صورة الأشعة سليمة إلا أن طبيب الأشعة حينما كتب تقريرا عنها اخطأ في التشخيص ثم جاراه الطبيب المعالج وترتب على ذلك أن أشار على المريض بعلاج خاطئ أصابه بضرر ، لا شك أن طبيب الأشعة مسئول في هذه الحالة لان مهمته الأساسية ليست في التصوير فحسب بل أيضا فى قراءة الأشعة ، بل أن القراءة تكون  في كثير من الأحيان أهم من التصوير ، أما بالنسبة للطبيب المعالج فان مسئوليته تبحث على حده فإذا كان من الممكن لطبيب في تخصصه وعلمه وخبرته والظروف المحيطة به أن يكتشف هذا الخطأ لو بذل العناية المطلوبة في فحص الأشعة ومطابقتها بقراءة طبيب الأشعة إلا انه لم يفعل فانه يعتبر بدوره مسئولا ويكون قد أسهم في الخطأ أما إذا كان لا يستطيع اكتشاف الخطأ فان مسئوليته تكون منتفية وتقع المسئولية على طبيب الأشعة وحده.

 

وإذا ارتكب طبيب التحاليل خطأ أيا كان نوعه ومهما كان يسيرا كان مسئولا عنه لأنه ملزم بتحقيق نتيجة فإذا اخطأ في تحليل السائل المنوى للمريض واثبت أنه أقل من النسبة الحقيقية وترتب على ذلك أن الطبيب المعالج افهمه انه عقيم لا أمل له في أن يرزق بأبناء حال انه لو عولج في هذا الوقت لكانت لديه فرصة الإنجاب كان طبيب التحاليل مسئولاً .

 

والأمر كذلك إذا اثبت طبيب التحاليل أن المريض يعاني من مرض خطير كالسرطان وأدى ذلك إلى أن أشار عليه الطبيب المعالج بدخول المستشفى للعلاج بالذرة والعقاقير الخطيرة التي تحتاج لوضعه تحت الرقابة وتبين انه خال من هذا المرض أو انه مريض بمرض أخر وان هذا العلاج سبب مضاعفات لمرضه الحقيقي فانه يكون مسئولا عن جميع الأضرار التي ألمت بالمريض سواء منها المادية أو الأدبية ولورثته من بعده الحق في استحقاق التعويض ، بشرط إلا يكونوا قد استفادوا من عدم الإنجاب إذ في هذه الحالة لا تكون لهم مصلحة في الدعوى.

 

وإذا أشار طبيب أمراض النساء على سيدة بإجراء تحليل بولها للتحقق مما إذا كانت حاملا أو لا وجاءت نتيجة التحليل خاطئة بالسلب فلم تتخذ الاحتياطات التي يوجبها الحمل فأتت بحركة عنيفة أو رفعت جسما ثقيلا أو تعاطت دواء مضرا بالحمل وأدى ذلك إلى أن أسقطت جنينها فان الطبيب المحلل يسال عما أصابها من ضرر مادي أو أدبي ولا يجوز القول بانتفاء رابطة السببية بين خطأ الطبيب والضرر الذي أصاب السيدة لان الخطأ الذي صدر منه هو السبب المباشر في عدم اتخاذها الاحتياطات الواجبة والتي ترتب على إغفالها وقوع الضرر .

 

وأسباب الخطأ في التحاليل كثيرة فقد يكون بسبب خلل في الجهاز أو لإجرائه قبل أو بعد الميعاد المحدد من تاريخ اخذ العينة أو إغفال إضافة المواد اللازمة للكشف عن المرض أو وضع كمية أكثر أو اقل منها أو عدم الدقة في الفحص وأما نتيجة خطأ في تدوين اسم المريض عليها.

وهناك صعوبة في مساءلة الطبيب المعالج في حالة ما إذا كان قد شخص المرض على نحو معين وكانت هناك شواهد ودلائل قوية ترجح تشخيصه وأتت نتيجة التحليل أو فحص الأشعة مخالفة له فعالج المريض على هدى ما ورد في تقرير التحليل أو صورة الأشعة الخاطئ وأصيب المريض بضرر فلا شك أن طبيب التحليل أو الأشعة يكون مسئولا إذ أن خطؤه ثابت بعدم تحقيق النتيجة إلا انه قد يثور التساؤل عما إذا كان الطبيب المعالج يعتبر هو الأخر مسئولا ، مثال ذلك أن يشكو المريض من مغص شديد وقئ وألم حاد في مكان الزائدة الدودية ويثبت الفحص الظاهري إصابتها بالتهاب شديد وكانت هناك إمارات قوية ومظاهر متعددة تؤيد تشخيصه إلا أن الأشعة لم تظهر شيئا من ذلك فلم يتدخل الطبيب لاستئصالها بجراحة عاجلة وكان من اثر ذلك أن انفجرت فقضى المريض نحبه .

 

قد يتبادر إلى الذهن في هذه الحالة أن الطبيب المعالج لا يعتبر مسئولا طالما انه استند إلى نتيجة الأشعة وان المسئولية تقع على عاتق طبيب الأشعة وحده والذي لم يحقق النتيجة المطلوبة منه.

 

فالرأى انه ما دام أن الطبيب المعالج قد رأي أن صورة الأشعة أو التحليل جاءت على عكس تشخيصه الذي كانت له إمارات واضحة تؤيده فانه عناية الطبيب اليقظ الحذر توجب عليه في هذه الحالة أن يطلب من المريض إجراء أشعة أو تحليل في معمل أخر للتحقق من نتيجة المعمل الأول فإذا جاء الثاني مطابقا للأول باشر علاج المريض على هذا الأساس أما إذا جاءت موافقة لتشخيصه كان له أن يأخذ به وله أن يطلب إجراء تحليل أو أشعة لدى معمل ثالث يكون رأيه حاسما ، أما إذا اعتبر الطبيب المعالج التحليل أو الأشعة التي جاءت مخالفة لتشخيصه – الذي كان مرجحا لديه – أمرا مسلما وعالج المريض على أساسها وأصيب المريض بضرر فان الطبيب المعالج لا يكون قد بذل العناية اللازمة ويعتبر انه قد ساهم في الخطأ – إذ من المعلوم للكافة وقوع معامل التحاليل والأشعة في الأخطاء في حالات كثيرة – وان كان خطؤه اقل بكثير من خطأ طبيب الأشعة أو التحليل . ومن البديهي انه إذا شك الطبيب المعالج في نتيجة التحليل أو في صورة الأشعة وطلب إجراء إحدهما أو كلاهما في معمل أخر فانه لا يجوز له أن يكتفي بذلك دون أن يحرك ساكنا حتى ترد إليه النتيجة بل يتعين عليه على سبيل الحيطة أن يعطي المريض العلاج المناسب للحالة التي ترجحت له والذي لا يؤدي إلى إنهيار حالته في حالة صدق التحليل أو الأشعة وان يبذل في سبيل ذلك كما سبق أن أوضحنا العناية الصادقة التي تقدم من طبيب يقظ من أوسط زملائه علما ودراية .

 

7 - سلطة القاضي في فحص عناصر المسئولية الطبية :-

أن الطبيب قد يقوم بعمل فني ، وقد لا يجمع أهل المهنة على التسليم بهذه الأعمال ، وينكرها البعض ويجهلها رجل القانون الذي يفصل في هذه الدعاوي ، والتي يبني قراره فيها على توافر ثبوت الخطأ عن تلك الأعمال الفنية البحتة أو لا ، بالإضافة إلى دقة هذا العمل ، وما ينجم عن ممارسته من صعوبة في الحياة العملية .

ودقة هذه المسائل وصعوبة حصر حالتها جعل من الضروري الاستعانة بالخبراء الفنيين لتقديم تقاريرهم الفنية لرجال القضاء لمطابقتها بالمعايير القانونية للتحقق من ثبوت الخطأ في جانب ممارس هذا العمل.

 

ولكي يكون تقرير الخبير معولا عليه من قبل القاضي في حكمه وجب أن يراعي فيه الشروط الشكلية ، والموضوعية ، لان عمل الخبير هو عمل علمي بحت ، وعلي هذا تتحدد مهمة الخبير الفني التي يجب أن تنحصر في تقدير الناحية الفنية البحتة دون الأخطاء الظاهرة الواضحة التي لا تحتاج إلى توغل من رجال القانون لكي يكشف عنها ، فلابد للقاضي أن يقوم بتحقيق الوقائع بعين الاعتبار ، ويدرس كافة الاستدلالات الواضحة قبل تسليم المهمة إلى الخبير الفني ، وعلى ذلك أن أثار نزاع أمامه بشان تحديد الطبيب الذي اجري العملية الجراحية فانه يتعين عليه أن يحقق هذه الواقعة أولا وينتهي فيها لرأي ثم يستعين بالفنيين بعد ذلك لبيان ما إذا كان قد ارتكب خطأ أم لا ولا يجوز له الاستعانة بالفنيين لبيان اسم الطبيب الذي اجري العملية أو قام بالعلاج عن طريق سماع الشهود لان هذا العمل من اختصاص المحكمة ولا يجوز لها أن تتخلى عنه لغيرها غير انه يجوز له ندب الفنيين للاطلاع على أوراق المستشفى وأوراق العلاج للاستهداء بها في تحديد الطبيب الذي قام بالعلاج أو اجري العملية .

 

وقد جرى العمل في المحاكم على انتداب الطبيب الشرعي لفحص المريض أو تشريح الجثة لبيان ما إذا كان الطبيب قد ارتكب خطأ أم لا والغالب في هذه الأحوال أن يستعين الطبيب الشرعي بأخصائي لمعاونته في أداء مهمته كأساتذة كلية الطب المتخصصين في نوع المرض أو الجراحة التي أجريت للمريض.

والرأي مستقر على أن من سلطات قاضي الموضوع استخلاص المسئولية وأركانها من عناصر الدعوى وله وحده ذلك من غير رقابة عليه في ذلك .

 

أحكام النقض :-

أولا الأحكام المدنية :-

وحيث أن الحكم المطعون فيه أقام قضائه بمسئولية الطاعن بصفته على قوله " أن كبير الأطباء الشرعيين ذكر في تقريره انه وان كان التداخل الجراحي الذي اجري للمستأنف ضده ( المطعون ضده ) قد اجري وفق الأصول الفنية الصحيحة ، وانه ليس ثمة ما يمكن نسبته إلى المستشفى من خطأ أو إهمال في هذا الصدد ، إلا انه من ناحية أخرى فان هذا التداخل الجراحي قد جرى متأخرا بعد أن كان قد انقضى على بدء العلاج بالمستشفى حوالي الشهرين رغم ما هو ثابت بالأوراق الطبية من حصول نقص واضح في الإبصار بالعين اليمني من6/9/ إلى6/60 وبالعين اليسرى من6/36 إلى6/60 وبالرغم من أن توتر العينين لم يستقر على وضع ثابت ، وكان الأجدر التبكير بالعلاج الجراحي ما دامت حالة العينين لا تستجيب للعلاج الدوائي ، فضلا عن أن العين اليمنى لم توضع بعد العملية تحت الملاحظة الكافية لقياس قوة إبصارها وتوترها وميدان النظر في فترات متقاربة ، رغم ما هو ثابت بالأوراق من عدم استقرار حالتها واستمرار شكوى المريض من الصداع بحيث ازدادت التغيرات الضمورية بالعصب البصري حتى فقدت العين إبصارها دون اتخاذ إجراء أخر لعلاج التوتر الغير مستقر في هبوطه وانه يؤخذ على المستشفى أنها وقد تبين لها عدم استجابة عين المريض للعلاج الطبي فانه يكون من الضروري أن تبادر بإجراء الجراحة بعين المصاب بمجرد أن تبين عدم استجابتها للعلاج الدوائي ، وان العين اليمنى لو لوحظت بعد الجراحة للتعرف على مدى احتياجها لعلاج أخر أو جراحة ثانية تجرى في الوقت المناسب لكان من المحتمل أن يسفر العلاج عن نتيجة أفضل مما انتهت إليه حالة المريض وهذا الذي ذهب إليه كبير الأطباء الشرعيين في تقريره واضح الدلالة على قيام الخطأ في العلاج الذي أسفر عن الأضرار الجسيمة التي حاقت بالمستأنف ضده ( المطعون ضده ) طالب التعويض . وأما قول المستأنف ( الطاعن ) انه استعان بطبيبين أخصائيين فانه لا يدرأ عنه شبه الخطأ ، ذلك أن أولهما لم يستدع إلا بعد دخول المريض بحوالي شهر ، وإذا كان هذا الأخصائي قد أشار بعلاج دوائي فان هذا لا يعفي المستأنف ( الطاعن ) من المسئولية ، وأما الأخصائي الأخر وهو الدكتور محمود عبد الحميد عطية فانه لم يستدع إلا بعد الجراحة بوقت طويل ولا يشفع ما أشار به من العلاج الدوائي بعد الجراحة في نفي المسئولية عن الطاعن في التداخل الجراحي الذي كان يجب المبادرة به فور اكتشاف طبيعة المرض ومفاد هذا الذي قرره الحكم انه اعتبر التراخي في إجراء التداخل الجراحي بعيني المطعون ضده مدة تقرب من الشهرين على الرغم من أن حالته كانت تستلزم ضرورة المبادرة باتخاذ هذا الإجراء على اثر ظهور عدم جدوى العلاج الدوائي – اعتبر الحكم ذلك خطأ من جانب أطباء المستشفى العسكري العام لا يبرره تذرعهم بأنهم استعانوا في علاج المطعون ضده بطبيبين أخصائيين ، وانه إلى جانب هذا الخطأ يقوم خطأ أخر وقع فيه أطباء المستشفى العسكري العام هو أنهم لم يبذلوا العناية الكافية للعين اليمني بعد إجراء الجراحة فيها ، وقد أدى ذلك إلى فقد إبصار هذه العين ، وان هذين الخطأين يوجبان مسائلة الطاعن بصفته ، ولما كان التزام الطبيب – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليس التزاما بتحقيق نتيجة هي شفاء المريض وإنما هو التزام ببذل عناية إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضى أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظة تتفق في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة في علم الطب فيسال الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول ، كما يسأل عن خطئه العادي أيا كانت درجة جسامته . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد سجل في حدود سلطته التقديرية أخذا بما أثبته كبير الأطباء الشرعيين في تقريره على ما سلف البيان أن أطباء المستشفى العسكري العام لم يبذلوا العناية الواجبة في رعاية العين اليمنى بعد إجراء الجراحة فيها إذ لم توضع هذه العين بعد العملية الجراحية تحت الملاحظة الكافية ، وذلك بقياس قوة إبصارها وتوترها وميدان النظر في فترات متقاربة ، رغم ما هو ثابت بالأوراق من عدم استقرار حالتها واستمرار شكوى المطعون ضده من الصداع بحيث ازدادت التغييرات الضرورية بالعصب البصري حتى فقدت العين إبصارها دون اتخاذ إجراء أخر لعلاج التوتر الغير مستقر ، واعتبر الحكم ذلك خطأ موجبا لمسائلتهم عن الضرر وهو استخلاص من الحكم سائغ ، وكان لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع في وصفها للفعل أو الترك بأنه خطأ موجبا لمسائلتهم المدنية ، وكان ما وصفه الحكم المطعون فيه بأنه خطأ مما يستوجب المسئولية المدنية ، وكان ما وصفه الحكم المطعون فيه بأنه خطأ وقع من الطاعن بصفته يصدق عليه وصف الخطأ بمعناه القانوني ، وإذا كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص محكمة الموضوع لعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل في تقديرها متى كان سائغا ، وكان ما استخلصه الحكم في هذا الشأن وعلى ما سلف البيان هو استخلاص سائغ ، وانه لا يكفي لانتفاء هذه العلاقة ما أورده كبير الأطباء الشرعيين في تقريره من أن إصابة صغار السن بالاجلوكوما الابتدائية كثيرا ما تنتهي إلى ذات النتيجة التي وصل إليها المطعون ضده ، ذلك انه يجب لاستبعاد خطأ الطاعن كسبب للضرر أن يتوافر السبب المشار إليه في خصوصية هذه الدعوى ، وان يثبت انه السبب المنتج في إحداث الضرر وكان التقرير قد اكتفى بإيراد رأي علمي مجرد على النحو السالف ذكره دون أن يثبت توافر هذا العامل الخلقي في خصوصية حالة المطعون ضده وانه السبب المنتج في إحداث الضرر ، فلا على الحكم أن هو لم يعتد به في نفي علاقة السببية ، و لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر عناصر المسئولية في هذا الخصوص في حق أطباء المستشفى العسكري اخذ بالرأي الفني الذي أثبته كبير الأطباء الشرعيين في تقريره ، فان في ذلك الرد على ما أثار ، الطاعن في شان عدم الاعتداد بالتقرير في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم جميعه فان ما ذهب إليه الحكم من أن ما  وقع من الطاعن بصفته على النحو السالف بيانه يعد خطأ يستوجب مسئوليته ، وعلى هذا الأساس ادخل في عناصر التعويض الذي قضى به ما أصاب المطعون ضده من ضرر عن فقد إبصار عينه اليمنى نتيجة الإهمال في علاجها وملاحظتها ورعايتها بعد إجراء الجراحة فيها فانه لا يكون مخطئا في القانون أو مشوبا بالقصور في التسبب ومن ثم فان جميع ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد ، إلا انه لما كان الحكم لم يستند في قضائه بمسئولية الطاعن بصفته إلى هذا الخطأ الثابت في جانبه فحسب ، وانم استند أيضا إلى تراخي أطباء المستشفى العسكري العام في إجراء التداخل الجراحي مدة تقرب من الشهري ، مع أن حالة المطعون ضده كانت تستلزم المبادرة باتخاذ هذا الإجراء فور ظهور عدم جدوى العلاج الدوائي الذي استمر عليه طوال تلك المدة ، دون أن يتحقق الحكم من أن العلاج الدوائي الذي اتبعه الأطباء مع المطعون ضده على النحو الذي أورده كبير الأطباء الشرعيين في تقريره الذي اعتمد عليه الحكم في قضائه ، كان لا يتفق مع ما تقضى به الأصول المستقرة في علم الطب وهو ما يجب توافره لمساءلة الطبيب عن خطئه الفني ، لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون في هذا الخصوص قد شابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لذلك ، طالما انه قضى بتعويض إجمالي عن الأضرار التي حاقت بالمضرور ومن بينها الضرر الناجم عن خطأ الطاعن  في التراخي في إجراء التداخل الجراحي والذي قصر الحكم في استظهار الشرط اللازم توافره لثبوته فى حق أطباء المستشفى العسكري العام على النحو السالف بيانه . ( نقض21/111971 سنة22 ق الجزء الثالث ص1062 ) .

 

2 - وحيث أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المستشفى التي أجريت فيها العملية لمورث المطعون ضدهم الثلاثة الأول هي مستشفى عام تابعة لهيئة السكك الحديدية ، وان كلا من الطاعن الذي اجري الجراحة للمورث والمطعون ضده السادس الذي قام بتخديره طبيب موظف بهذه المستشفى ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن وفاة المورث حدثت نتيجة خطأ في عملية التخدير التي قام بها المطعون ضده السادس واعتبر الحكم أن الطاعن وهو الطبيب الذي قام بإجراء الجراحة مسئول مع طبيب التخدير مسئولية تقصيرية تأسيسا على ما قاله الحكم من أن " الطاعن سمح لطبيب غير متخصص بإجراء التخدير بإعطاء البنج الكلي بالمخالفة لما كان قد أشار به من قبل الطبيب الأخصائي من إعطائه بنجا موضعيا وانه لا يرفع عن الطاعن المسئولية تقريره أن البنج ليس من اختصاصه إذ هو المسئول الأول عن العملية بوصفه الجراح الذي أجرها وكان تقرير الأخصائي تحت نظره " . وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه بمسئولية الطاعن خطأ في القانون ، ذلك انه وقد خلص الحكم إلى أن وفاة مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأول قد حدثت نتيجة خطأ في عملية التخدير التي باشرها المطعون ضده السادس ولم يساهم فيها الطاعن ولم يسند الحكم إلى الطاعن أي خطأ تقصيري لشخص الطاعن ، لأنه بحكم كونه طبيبا بالمستشفى  ما كان يستطيع أن يمنع الطبيب الذي عينته إدارة المستشفى للقيام بعمليات التخدير – في الفترة التي أجريت فيها الجراحة – من مباشرة عملية تخدير المورث أو أن يختار غير هذا الطبيب للقيام بهذه العملية ، ولا عبرة بما قرره الحكم من أن طبيبا أخر متخصصا كان قد أشار قبل إجراء العملية للمورث ببضعة أيام بإعطائه بنجا موضعيا ، ما دام الثابت أن هذا الطبيب المتخصص كان في أجازة في اليوم الذي أجريت فيه العملية للمورث وان إدارة المستشفى عهدت إلى المطعون ضده السادس بالقيام لعمله مدة تغيبه ، ولم يكن بالمستشفى في اليوم الذي أجريت فيه العملية للمورث طبيب أخر متخصص في التخدير كان يمكن للطاعن أن يستعين به في تخدير المورث ، كما لا يمكن مسائلة الطاعن عن خطأ المطعون ضده السادس على أساس مسئولية المتبرع عن أعمال تابعه غير المشروعة ، لان هذا المطعون ضده لا يعتبر تابعا للطاعن في حكم المادة174 من القانون المدني لأنه وان كان قيام رابطة التبعية لا يقتضى أن يكون المتبرع حرا في اختيار تابعه إلا ا نه يشترط لقيام هذه التبعية أن يكون للمتبرع على التابع سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ، وهذه السلطة لا تكون للطبيب الجراح في مستشفى عام على الطبيب الذي عينته إدارة المستشفى لإجراء التخدير ، لما كان ما تقدم وكان لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع ف يوصفها للفعل أو الترك بأنه خطأ يستوجب المسئولية المدنية أو غير خطأ ، وكان ما وصفه الحكم المطعون فيه بأنه خطأ تقصيري وقع من الطاعن ، لا يصدق عليه وصف الخطأ بمعناه القانوني فان الحكم المطعون فيه إذ قضى بمسئولية الطاعن مسئولية تقصيرية وعلى هذا الأساس ألزمه بالتعويض لورثة المتوفى متضامنا مع طبيب التخدير وإدارة المستشفى ، يكون مخطئا في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه .

 

وحيث أن الموضوع صالح للحكم فيه وحيث انه متى انتفى وقوع خطأ شخصي من جانب الطاعن على النحو السالف بيانه وكان لا يجوز مساءلته عن خطأ المطعون ضده السادس على أساس أن الأخير تابع له ، وكان أيضا لا يمكن مسائلة الطبيب في مستشفى عام عن الضرر الذي يصيب المريض بسبب خطأ الطبيب إلا على أساس المسئولية التقصيرية لأنه لا يمكن القول في هذه الحالة بأن المريض قد اختار الطبيب لعلاجه حتى ينعقد عقد بينهما ، كما لا يمكن القول بوجود عقد اشتراط لمصلحة المريض بين إدارة المستشفى العام وبين أطبائها لان علاقة الطبيب الموظف بالجهة الإدارية التي يتبعها هي علاقة تنظيمية وليست تعاقدية ، وبذلك لا يكون هناك محل لبحث مسئولية الطاعن في دائرة المسئولية التعاقدية ، ولو أن الأمر لا يتغير في هذه الحالة لان المدين بالتزام تعاقدي لا يسأل عن عمل الغير إلا إذا كان قد استخدمه في تنفيذ التزامه التعاقدي مما يقتضى ألا يسال الجراح عن خطأ صادر من احد مساعديه من الأطباء يصيب المريض بضرر ، إلا إذا كان قد اختار هو هذا المساعد لمعاونته في العملية أو تركه يتدخل فيها مع استطاعته منعه من هذا التدخل ، وهو ما لا يتوافر في حالة الطاعن ، لما كان ما تقدم فان الدعوى قبل الطاعن تكون على غير أساس متعينا رفضها ويكون لذلك الحكم المستأنف الذي ألزم الطاعن بالتعويض مخالفا للقانون بما يستوجب الالغاء . ( نقض3/7/1969 سنة20 ق العدد الثاني ص1094 ) .

 

3 - وحيث أن مسئولية الطبيب الذي اختاره المريض أو نائبه لعلاجه هي مسئولية عقديه ، والطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذي ينعقد بينه وبين مريضه بضفائه أو نجاح العملية التي يجريها له ، لان التزام الطبيب ليس التزاما بتحقيق نتيجة وإنما هو التزام ببذل عناية / إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظة تتفق – في غير الظروف الاستثنائية – مع الأصول المستقرة في علم الطب ، فيسال الطبيب عن كل تقصير في مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ في  مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول ، وجراح التجميل وان كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العملية التي يجريها ، إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها شفاء المريض من علة في جسمه وإنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأي خطر.

 

ولئن كان مقتضى اعتبار التزام الطبيب التزاما ببذل عناية خاصة ، أن المريض إذا أنكر على الطبيب بذل العناية الواجبة فان عبء إثبات ذلك يقع على المريض ، إلا انه إذا اثبت هذا المريض واقعة ترجح إهمال الطبيب كما إذا اثبت أن الترقيع الذي أجراه له جراح التجميل في موضع الجرح والذي نتج عنه تشويه ظاهر بجسمه لم يكن يقتضيه السير العادي لعملية التجميل وفقا للأصول الطبية المستقرة ، فان المريض يكون بذلك قد أقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لالتزامه ، فينتقل عبء الإثبات بمقتضاها إلى الطبيب ، ويتعين عليه لكي يدرأ المسئولية عن نفسه أن يثبت قيام حالة الضرورة التي اقتضت إجراء الترقيع والتي من شانها أن تنفي عنه وصف الإهمال ، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أن المطعون ضده أخطأ خطأً جسيما لوضعه رقعة جلدية بذراعها الأيمن نتج عنه تشويه ظاهر بهذا الذراع ، ودللت على هذا الخطأ بان عملية التجميل التي اتفقت مع المطعون ضده على أن يجريها لها لم تكن تستلزم عمل هذه الرقعة ، ولم ينازع المطعون ضده والخبيران اللذان اخذ الحكم المطعون فيه بتقريريهما في أن عملية التجميل المتفق عليها لم تكن تستلزم بحسب سيرها الطبيعي عمل الرقعة الجلدية ، وإنما برر المطعون ضده إجراء الترقيع بأنه فوجئ بعد شق جلد الذراع الأيمن بوجود ورم اشتبه في أن يكون خبيثا فاضطر لتوسيع الجرح ليتمكن من استئصال هذا الورم ، وكان لابد بعد ذلك من عمل الرقعة لتغطية الجزء الذي نزع منه الجلد ، وكانت الطاعنة قد أنكرت وجود الورم الذي ادعى المطعون ضده انه استأصله وطالبته بتقديم الدليل على وجوده ، وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنة في هذا الخصوص بقوله " أن هذا الذي تقوله المستانفه ( الطاعنة ) لا يفيدها بشئ فقد اتفق خبيرا الدعوى – وهما الدكتور جمال البحيري والدكتور عبد الله على – على انه إذا اشتبه الطبيب الجراح في نوع الورم فيجب عليه استئصاله استئصالا كاملا على أوسع نطاق سواء ظهر بعد ذلك أن الأورام كانت خبيثة أو حميدة وعلى هذا الأساس فانه يكفي أن يشتبه المستأنف عليه في نوع الورم بذراعي المستانفة حتى يكون من واجبه أن يستأصل هذا الورم وما حوله من أنسجة سليمة ، وهذا ما فعله المستأنف عليه واقره عليه خبيرا الدعوى ... وحيث انه استبان مما تقدم ومن تقريري خبيري الدعوى أن المستأنف عليه لم يرتكب خطأ في عمليه التجميل التي أجراها للمستأنفة وانه راعي في أجرائها القواعد الفنية الصحيحة وأصول المهنة ، فان ما حدث بذراعي المستأنفة من أثار الالتئام كان بسبب طبيعة الجلد مما استدعى عمل رقعة جلدية لقفل الجرح وهذا لا يمكن للطبيب معرفته قبل إجراء العملية " . وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه  وأقام عليه قضاءه بنفي الخطأ عن المطعون ضده بالنسبة لعمل الرقعة بالذراع الأيمن للطاعنة ، ينطوي على قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد ومخالفة للثابت في الأوراق ، ذلك بأنه وقد قام دفاع الطاعنة على انه لم يكن بذراعها الأيمن أي ورم ، فان ما قاله الحكم من انه يكفي أن يشتبه المطعون ضده في نوع الورم في ذراع الطاعنة حتى يكون من واجبه أن يستأصله هو وما حوله من أنسجة ، لا يواجه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص بما يقتضيه ، لأنه يجب لاستقامة قول الحكم أن يثبت أولا وجود ورم من أي نوع حتى يصح أن يقوم الاشتباه في أمره ، وإذا خلا الحكم من إيراد الدليل على ذلك وكان ما أسنده إلى تقريري  الخبيرين الدكتور جمال البحيري والدكتور عبد الله علي من أن طبيعة جلد الطاعنة هي التي استدعت عمل الرقعة الجلدية ، لا أصل له في هذين التقريرين ولا في أوراق الدعوى الأخرى ، ذلك انه لا أحدا من الخبيرين ولا المطعون ضده نفسه ذكر أن طبيعة جلد الطاعنة كان لها دخل في عمل الرقعة ، وإنما استند المطعون ضده والدكتور عبد الله علي إلى هذا الأمر في تبرير  حصول البروز والاتساع في اثر الالتئام بالذراعين لا في تبرير عمل الرقعة أما هذه الرقعة فقد ذكر المطعون ضده والخبيران في تبريرها أن استئصال الورم استلزم توسيع الجرح بالذراع الأيمن وان اتساع الجرح هو الذي اقتضى عمل الترقيع لتغطية الجزء الكبير الذي نزع منه الجلد حتى يلتئم الجرح ، ولما كان ذلك وكان تقريرا الخبيرين اللذين اعتمد عليهما الحكم المطعون فيه في نفي الخطأ من المطعون ضده لا ينتفي بهما خطؤه عن عمل الرقعة الجلدية بالذراع الأيمن لطاعة إلا إذا ثبت وجود الورم الذي ادعى وجوده ، وكان الدكتور البحيري وان ضمن تقريره بصحة أو عدم صحة ادعاء المطعون ضده بوجود الورم ، وانه لو كان المطعون ضده قد قدم التقرير الخاص بنتيجة تحليل الورم لكان في ذلك الدليل القاطع على صحة قوله ، لكنه لم يقدم هذا التقرير إلا أن الدكتور البحيري مع ذلك قد نفي عن المطعون ضده الخطأ بالنسبة لعمل الرقعة  الجلدية على أساس مجرد افتراض بأنه قد اتبع في إجراء العملية ما تقضى به الأصول الفنية من قياس للجرح بعد تشريح الشحم من الأنسجة وقبل أن يقطع الشحم والجلد لإزالته ، وهذا الافتراض لا يصلح أساسا لنفي المسئولية ما دامت الطاعنة تنكر على المطعون ضده اتباعه تلك الاصول الفنية و طالما ان الحكم المطعون فيه لم يقم الدليل على صحة هذا الافتراض أو على وجود الورم الذي بدونه لا يكون إجراء الترقيع مبررا من الوجهة الطبية حسبما جاء بتقريري الخبيرين اللذين اخذ بهما الحكم المطعون فيه ، لما كان ذلك وكان خطأ محكمة الاستئناف في فهم السبب الحقيقي لعمل الرقعة الجلدية حسبما ورد بأقوال المطعون ضده وفي تقريري الخبيرين المعينين في الدعوى ، قد حجب المحكمة عن التحقق من قيام حالة الضرورة التي يستند إليها المطعون ضده والخبيران في تبرير عمل الرقعة الجلدية ، فان الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور ، بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن . (نقض26/6/1969 سنة20 ق العدد الثاني ص1075 )

 

4- وحيث أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على ما أورده من" أن الطبيب الشرعي قرر في أقواله في تحقيق النيابة عن بيان سبب الوفاة انه نتيجة تسمم دموي عفن من قرح الفراش التي باللاليتين ، وإذ كان عندها هبوط في القلب ونبضها سريع فان في ذلك علامة على وشك الوفاة من التسمم الدموي وانه في تكرار نقلها ما عجل إحداث الوفاة وان التعجيل في نقلها هو من جانب المستأنف عليه الأول - الطاعن – عمل خاطئ لا يبرر الادعاء بعدم وجود ما يستدعي التدخل الجراحي وبالتالي عدم وجود المبرر لبقائها في المستشفى " هذا فضلا عن عدم استجلاء المحكمة الظروف التي أوجدت المريضة في قسم المسالك البولية الذي يعمل به المستأنف عليه – الطاعن – ولم تكشف الأوراق السبب المبرر لتصدى المستأنف عليه الأول لفحص هذه المريضة وعدم إحالتها إلى القسم المختص لفحصها وتقرير ما يجب بشأنها أو على الأقل إبقائها إلى اليوم التالي وإحالتها إلى القسم المختص لفحصها وان هذه الظروف مجتمعة تقنع المحكمة بخطأ التصرف الذي صدر من المستأنف عليه الأول الطاعن ( وهذا الذي أقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون  ، ذلك أن مسئولية الطبيب ، وان كانت لا تقوم في الأصل – على انه ملتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض ، إلا انه يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه . ولما كان واجب الطبيب في بذل العناية ، مناطه ما يقدمه طبيب يقظ  من أوسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة – وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها – وكان انحراف الطبيب عن أداء واجبه وإخلاله بالتزامه المحدد على النحو المتقدم يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلى ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب ، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه انه اخذ الطاعن – من الواقع الذي حصله – بالخطأ في استعجال نقل المريضة من المستشفى الجامعي التي يعمل بها لإعادتها إلى مستشفى الحميات وهي على وشك الوفاة ، وبأنه اصدر الأمر بنقلها قبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها واتخاذ ما يجب بشأنها ، وبأنه أخرجها من المستشفى في ذات اليوم الذي قدمت فيه دون إبقائها إلى اليوم التالي لفحصها بالقسم المختص ، واعتبر الحكم هذا التصرف كم الطاعن خطأ لا يبرره ادعاؤه بعدم ضرورة التدخل الجراحي – إذ أن هذا الادعاء – بفرض صحته – لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلى القسم المختص بالمستشفى الجامعي لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذا المستشفى إلى الوقت الملائم لحالتها المرضية ، لما كان ما تقدم ، فان الحكم في وصفه أمر النقل بأنه خطأ من الطاعن يكون قد التزم صحيح القانون ، وما يقوله الطاعن من انه اضطر محافظة على مرضى المستشفى إلى إخراج هذه المريضة منه استنادا إلى لائحة الأطباء المقيمين لعدم وجود قسم للعزل بها ، هذا القول مردود بما أورده الحكم في صدد تأييد قيام الخطأ في تصرف الطاعن من أن الجهة الإدارية المختصة قد لفتت نظره إلى عدم العودة لمثل هذا التصرف ، وفي ذلك ما يحمل الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ، ومن ثم يكون النعي في هذا الشق غير سديد ، والنعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الحكم قد أسس قضاءه بمسئولية الطاعن على ما قرره الطبيب الشرعي من أن تكرار نقل المريضة عجل في إحداث الوفاة وان الطعن اخطأ إذ أمر بنقلها في وقت غير ملائم قبل فحصها وتقرير العلاج لها ، فان الحكم يكون قد تناول بالبحث توافر عنصر الضرر ورابطة السببية بينه وبين الخطأ ، ما دامت تقريرات الحكم واضحة الدلالة في أن اخطأ الطاعن في استعجال النقل حال دون اتخاذ العلاج الملائم في حينه وجعل المريضة أكثر استهدافا لمضاعفات المرض مما أدى إلى احدث الوفاة . ( نقض22/3/1966 سنة17 العدد الثاني ص636 )

 

5- لا تخلي مسئولية الجراح أن يكون الطبيب المعالج هو الذي أشار عليه إجراء العملية فلا يقبل منه الاحتجاج بأنه إنما نفذ رأي الطبيب المعالج لان ذلك لا يتفق مع استقلال الجراح ليرى ما إذا كانت تقتضيها حالته أم لا .  ( نقض مدني22/6/36 مجموعة النقض في ربع قرن جزء أول ص970 )

أحكام النقض الجنائية :-

1-  إذا عرض الحكم لبيان ركن الخطأ المسند إلى المتهم الثاني ( طبيب ) بقوله " انه طلب إلى الممرضة والتمورجي أن يقدما له بنجا موضعيا بنسبة1% دون أن يعين هذا المخدر ودون أن يطلع على الزجاجة التي وضع فيها ليتحقق مما إذا كان  هو المخدر الذي يريده أم غير ، ومن أن الكمية التي حقنت بها المجني عليها تفوق إلى أكثر من ضعف الكمية المسموح بها ، ومن انه قبل أن يجري عملية جراحية قد تستغرق ساعة فأكثر دون أن يستعين بطبيب خاص بالمخدر ليتفرغ هو إلى مباشرة العملية ، ومن أن الحادث وقع نتيجة مباشرة لإهماله وعدم تحرزه بان حقن المجني عليها بمحلول (البونتوكايين ) بنسبة1% وهي تزيد عشر مرات عن النسبة المصرح بها فتسممت وماتت " – فان ما أورده الحكم من أدلة على ثبوت خطأ الطاعن من شانه أن يؤدي إلى ما رتبه عليها . أما ما يقوله المتهم من أن عمله في مستشفى عام قائم على نظام التقييم والتخصص يعفيه من أن يستوثق من نوع المخدر وصلاحيته وانه ما دام أن ذلك المخدر قد اعد من موظف فني مختص وأودع غرفة العمليات ، فانه في حل من استعماله دون أي بحث ، فهذا الدفاع من جانب المتهم هو دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة على خطأ المتهم وأسست عليها إدانته ، هو ما أولته المحكمة – بحق – على انه خطأ طبي وتقصير من المتهم لا يقع من طبيب يقظ يوجد في نفس الظروف التي أحاطت بالطبيب المسئول بما يفيد انه وقد حل محل أخصائي ، فانه يتحمل التزاماته ومنها الاستيثاق من نوع المخدر ( نقض27/1/1959 س10 ص91 ) .

2-  إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بان يكون ما يجريه مطابقا للأصول العملية المقررة ، فإذا قصر احدهما في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله . ( نقض27/1/1959 سنة10 ص91 ) 

المزيد من الأسئلة المماثلة