أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
إجابتي عن سؤال الأخت هدى عزت عبد القادر بفرض أنّه كلما تقدم الإنسان في العمر يقل عطاؤه في نظر كثير من النَّاس، وعلى هذا الأساس تكون إجابتي على تساؤلك كالتالي:
من المفترض ألّا يكون العمر حاجزاً دون التَّعلُّم أو العمل، طالما كان الإنسان معافًى في عقله وبدنه ونفسه، وإليك هذه النماذج بدءاً برسول الله صلى الله عليه وسلَّم ومروراً ببعض أصحابه ووصولاً إلى من تلاه من التَّابعين وحتى عصرنا الحديث، وبلا شك سوف يستمر فيض العطاء حتى نهايته بنهاية هذه الحياة الدنيا:
- ** رسولنا الكريم صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم كان يعلم أصحابه حتى آخر لحظة من لحظات حياته الشَّريفة عندما قال لأصحابه:((مروا أبا بكر فليصل بالنَّاس)).
هنا نرى أنّه صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم يقوم برسالته كمعلم للأمة حتى آخر لحظة في حياته الشَّريفة.
- ** لبث نبي الله نوح عليه السّلام ألف سنة إلّا خمسين عاماً يدعو قومه إلى عبادة الله تعالى لم يمنعه التقدم في السنّ أن يقوم بواجبات رسالته.
- ** سيدنا عبد الله بن عباس - رضيّ اللهُ عنهما - كان يفتى حتى وفاته عن عمر ناهز 71 عاماً.
- ** كما نجد أنّ الإمام مالك – رضيّ اللهُ عنه- قد جلس للإفتاء في المسجد النبوي بعد أن اكتمل عقله ونضج فكره. - وهذا يؤكد أنّ التقدم في العمر يعد واحداً من مقومات النجاح في التّعلم والعمل.
- ** قال سحيم بن عبد الحسحاس:
عُميرةّ ودِّع إن تجهزتَ غازياً كفى الشَّيبُ والإسلامُ للمرء ناهياً
فالشَّيب والإسلامُ إذا اجتمعا في المعلم فلله درُّه من معلم.
ونماذج من العصر الحديث:
- عبد العزيز بن عبد الله بن باز القاضي والفقيه السعودي، شغل منصب مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء السعودية، ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء، وبلغت مؤلفات ابن باز أكثر من 41 كتابًا، شملت على العديد من العلوم الشرعية من فقه وعقيدة وفتوى وفكر إسلامي، والعديد من الردود على المذاهب والفرق الدينية والفكرية التي نشأت سابقًا وحديثًا، هذا عدا عشرات الرسائل الصغيرة.ظلّ يقوم بعمله هذا حتى وفاته عن عمر ناهز 89 عاماً.
- محمد متولي الشعراوي الذي يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث، حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية مما جعل الكثير من الناس تلتف حوله وتنهل من فيض علمه حتى آخر عمره الذي ناهز الثمانين.
- الإمام محمد الغزالي الذي عرف بالتجديد في الفكر الإسلامي ورفضه للتشدد والغلو في الدين، ظلّ يدعو ويعلم بأسلوبه الأدبي الرصين حتى آخر أيام حياته.
ومن الأمثلة السابقة نستدل بها أنّ المعلم الذي تخطى الخمسين عاماً يكون أغزر انتاجاً، وأكثر دراية، وأشدّ محبة لعلمه وتلاميذه وأقوى تأثيراً عليهم.
وكل ما ذكر من نماذج أنّما يدل على أنّ التَّعلُّم والعمل لا يرتبطان بعمر معين.
