أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.
المامون ولد سنة هجرية وتولى الخلافة سنة وتوفي سنة هجرية
كان يميل لان يكون عالما ، بحكم ولوعه بتحصيل مختلف العلوم والمعارف والعمل على نشرها بين افراد الامة الاسلامية ، فضلا عن قربه من البرامكة ونشأته في جو يهتم بالعلم والعلماء ، فقد كان مؤدبه هو الفضل بن يحي البرمكي ثم على يد الفضل بن سهل الذي اصبح وزيره فيما بعد ....وقد كان مثقفا ثقافة فارسية وقد كان عصر المأمون من أرقى العصور العلمية في الدولة العباسية، حيث وصلت الجهود الثقافية إلى ذروتها، وذلك لولوع المأمون بتحصيل العلوم والمعارف بمختلف جوانبها والعمل على نشرها بين أفراد الأمة الإسلامية.
وتجلى ذلك في إمداد "بيت الحكمة"الذي أساسه الرشيد بمختلف الكتب، جلبها من بلاد الهند والروم والفرس، حتى أصبح أشبه بجامعة كبيرة، تحوي دار للكتب يجتمع فيها العلماء للترجمة والتأليف والتدريس، وأماكن خاصة لنسخ الكتب، ومرصد فلكي، ويحوي طائفة من المعربين، ويشرف عليه موظف يتصف بسعة العقل والأمانة العلمية يدعى "صاحب بيت الحكمة".
وكان المأمون مثقفا ثقافة فارسية ويميل إلى حرية الفكر والبحث، مما دفعه إلى إقامة "مجالس المناظرة"حتى يتمكن عن طريقها من إزالة الخلاف بين العلماء والفرق المختلفة، وكان الخليفة يجلس بنفسه للمناظرة في كل يوم الثلاثاء، ويناظر أحسن مناظرة وأنصفها وأبعدها من مناظرة المتجبرين.
والواقع أنه قدر للمأمون أن يخدم الثقافة الإسلامية خلال حياته السياسية عن طريق اهتمامه الشخصي بجمع تراث الأمم السابقة، خاصة التراث اليوناني والفارسي والهندي، فأرسل بعثات علمية للتنقيب عن ذلك ونقله إلى بيت الحكمة.
وعكف المعربون على تعريب أمهات الكتب من اللغاتالسنسكريتية والفهلوية واليونانية والسريانية، وبرز منهم حنين بن إسحاق الذي عرب أثار جاليليوس وأرسطو وأفلاطون وأبقراط وبطليموس، فكافأه المأمون بإعطائه وزن ما ترجم ذهبا، وأتم ابنه إسحاق تعريب أعمال أرسطو وجميع أثار جاليليوس الفلسفية والطبية، واشترك مع عدد من العلماء في وضع موسوعة جغرافية للخليفة.
كما استخدم المأمون جماعة من الفلكيين لرصد الأجرام السماوية وتسجيل وتحقيق كشوفات بطليموس، دراسة كسوف الشمس، وهكذا شهد عصره نهضة علمية كبيرة.
• وتأثر المأمون بآراء المعتزلة القائلة بأن القرآن الكريم مخلوق، أي أن كلام الله سبحانه وتعالى ليس قديم، فتبنى هذه البدعة وكتب كتابا في سنةهـ إلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم، يتوعد فيه كل من يخالف القول بذلك من الموظفين وأمره بامتحان القضاة وإقالة كل من لا يقول بخلق القرآن من وظيفته، واتخذها مذهبا رسميا للدولة، وأمر بتقوية المعتزلة ومساندتهم في اضطهاد خصومهم.
• وقد ذهب ضحية هذه الفتنة عدد كبير من الناس والعلماء ولم يصمد للحق إلا العالم الجليل أحمد بن حنبل الذي وقف في وجه الباطل وقال بأن القرآن كلام الله تعالي وتبعه في ذلك صاحبه عفان بن مسلم أبو عثمان، فتعرضا إلى نكبة عظيمة، واستمرت هذه القضية إلى عهد المعتصم والواثق.
• ومما يجدر التنويه إليه أن المأمون ركز في مسألة خلق القرآن على امتحان القضاة والمحدثين وسائر العلماء دون العامةلأنهم لا نظر لهم ولا استدلال، أما العلماء فهم أرباب النظر، وقد أصبح هذا الامتحان الديني أداة سياسية في يد الخلافة العباسية، تستخدمه في جميع الولايات لاضطهاد من لا يدينون بالطاعة والولاء لها.