Register now or log in to join your professional community.
يعتبر الإنفاق العام وسيلة إشباع الحاجات العامة ومن ثم فقد احتل أهمية خاصة في نطاق دراسة المالية العامة . فقد جعلت منه المدرسة التقليدية سببا" وحيدا" يبرر حصول الدولة على الإيرادات العامة بمعنى أن الدولة لا تحصل على الإيرادات العامة إلا بقصد تمويل النفقات العامة. فما هو تعريفه ؟
يمكن تعريف الإنفاق العام بأنه المبالغ النقدية التي تصدر عن القطاع العام بهدف تحقيق النفع العام .
. وللمزيد من الإيضاح سنتعرض لكل من
:1- عناصر الإنفاق العام :لابد للإنفاق العام من توافر ثلاثة عناصر
:أ- الشكل النقدي
:يتخذ الإنفاق العام شكل المبلغ النقدي . تقوم الدولة لإشباع الحاجات العامة بالإنفاق في سبيل الحصول على السلع والخدمات ومنح الإعانات الاقتصادية والاجتماعية . ويتخذ هذا الإنفاق شكلا" نقديا" .
. ويرجع سبب اتخاذ الإنفاق العام شكل المبلغ النقدي إلى :
1- انتقال الاقتصاد من مرحلة اقتصاد المقايضة إلى مرحلة الاقتصاد النقدي مما استوجب أن يكون التعامل بالنقود
. 2- يحتاج الإنفاق العام من أجل ضمان تنفيذه وتوجيهه نحو الأهداف التي خصص لها إلى أنواع مختلفة من الرقابة البرلمانية والإدارية. وهذه الرقابة يسهل إجراءها إذا كان الإنفاق العام على شكل نقدي .3- يثير الإنفاق العام العيني الكثير من المشاكل منها كيفية تقديره والتهاون وعدم الدقة من قبل السلطات الحكومية وإفساح المجال للسلطات الحكومية لمحاباة بعض الأفراد على حساب البعض الآخر
.4- يؤدي الأخذ بالإنفاق العام العيني للإخلال بمبدأ المساواة بين الأفراد في تحمل الأعباء العامة .ذلك أن الدولة بفرض أنها حققت المساواة بين الأفراد في جباية الضرائب فإنها لا تلبث أن تحابي بعضهم بمنحهم مزايا عينية مما يؤدي إلى تخفيض عبء الضرائب عنهم .
.ب- صفة القائم به :الإنفاق العام بقوم به شخص عام. وهذا الوصف يشمل الدولة والهيئات المحلية والمؤسسات العامة والمؤسسات والشركات الصناعية والتجارية التي تملك الدولة كل رأسمالها , وشركات الاقتصاد المختلط إذا كانت الدولة تسيطر عليها وتتحكم في إدارتها.
.جـ- الغرض منه :غرض الإنفاق العام هو تحقيق المنفعة العامة . لكي يكون الإنفاق عاما"يجب أن يقصد منه تحقيق منفعة عامة . وهذا المبدأ مبرر بأمرين أولهما أن الإنفاق العام يجب أن يشبع حاجة عامة والحاجة لا تكون عامة إلا إذا كان إشباعها يحقق منفعة عامة , وثانيهما أن الإنفاق العام إذا حقق منفعة عامة فإن ذلك يؤدي إلى تحقيق مبدأ المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة . وهنا يثور التساؤل عن المقصود بالمنفعة العامة ؟ فالماليون التقليديون يرون تحقق المنفعة العامة إذا ما خصص الإنفاق العام لإشباع الحاجات العامة في حدود الوظائف التقليدية للدولة . أما الفكر المالي الحديث فيرى أن مضمون الإنفاق العام قد اتسع ليشمل الإنفاق المخصص للأغراض الاقتصادية والاجتماعية . فالإعانات الاقتصادية والاجتماعية تؤدي إلى تحقيق منفعة عامة لأنها تسهم في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي .
.2- ضوابط الإنفاق العام :هناك ثلاث قواعد تحكم الإنفاق العام هي
: 1- قاعدة تحقيق أكبر قدر من المنافع:ولتحقيق ذلك يجب على الدولة أن تنظر في مقدار حاجة المجتمع إلى مختلف المشاريع وأن تجري مفاضلة فيما بينها على أساس ما يحققه كل منها من منفعة جماعية ومن ثم تقرر كمية وتوقيت الإنفاق على هذه المشاريع . ويجب أن يقسم هذا الإنفاق بشكل يراعي حاجات الطبقات الاجتماعية المختلفة في كافة المناطق . والمخطط هو الذي يقوم بالموازنة بين الأوجه المختلفة للإنفاق العام على ضوء الأهداف الموضوعة في الخطة .
.2- قاعدة الاقتصاد : يجب على القائمين بالإنفاق العام تجنب التبذير فيه . ومن ثم يجب عدم إنفاق أي مبلغ إلا لمبرر . فالإنفاق العام مبرر بما يحققه من منفعة عامة ولا يمكن أن تتحقق هذه المنفعة إذا كان تبذيريا". تطبيق قاعدة الاقتصاد في الإنفاق العام لا يعني التقتير فيه وإنما الإنفاق على جوهر الموضوع بكميات كبيرة تناسبه وتجنب الإنفاق على هوامش الموضوع إلا بقدر . إن تطبيق قاعدة الاقتصاد في الإنفاق العام يتطلب تضافر جهود مختلفة : أ- رقابة الرأي العام : للكشف عن مواطن التبذير . ب- الرقابة الإدارية والبرلمانية : للكشف عن التبذير ومعاقبة القائمين به . ج- الجهاز الإداري الكفء : ذلك أن الرقابة الإدارية لوحدها لا تكفي لأنها لا تستطيع أن تضبط جهازا" إداريا" قليل الكفاءة .
. 3
- قاعدة الترخيص :تخضع النفقة العامة لأذن سابق من الجهة المختصة . هذا الأذن قد يختص بمنحه البرلمان على النطاق المركزي أو الهيئات المحلية ضمن حدود اختصاصها الزماني والمكاني .
ولك الشكر استاذ جورج
ضوابط الإنفاق العام التي يجب أن تلتزم بها الدولة:
هناك عدة ضوابط وضعها كتاب المالية العامة يلزم مراعاتها عند القيام بالانفاق العام ضمانا لسلامة مالية الدولة ، وحرصا على تحقيق المنفعة العامة القصوى :
1- ضابط المنفعةويتفق الفكر المالي التقليدي والحديث حول ضرورة تحقيق الانفاق العام لأقصى قدر من المنفعة الجماعية ،وألا توجه النفقة لتحقيق مصالح يعض الفئات دون البعض الأخر ، أو ان يقتصر الإنفاق العام على المدن الكبيرة أو القريبة من العاصمة دون جميع المناطق ، وأن ينظر للمرافق والمشروعات العامة نظرة اجمالية شاملة .وهناك اتجاهين لقياس مدى تحقيق هذا الضابط
أ- الإتجاه الشخصييتم قياس المنفعة الجماعية عن طريق مقارنتها بالتضحية التي يتحملها الأفراد بسبب المنفعة العامة.فتكون المنفعة القصوى متحققة إذا تساوت المنفعة الحديه للنفقة العامة مع المنفعة الحدية للدخول المتبقية في يد الأفراد بعد دفع الضرائب.ولكي يمكن تحقيق أكبر قدر من المنفعة العامة يجب توزيع النفقة العامة الكلية على مختلف أوجه الإنفاق.
ب- الإتجاه الموضوعييتم قياس المنفعة الناشئة من الانفاق العام على مستوى الزيادة التي تحدث في الدخل القومي نتيجة القيام به ، على أساس أن مستوى المنفعة الجماعية يزداد من خلال زيادة الدخل القومي وينخفض بإنخفاضه ، ويمكن المقارنة بين النفقات الحقيقية والنفقات التحويلية على أساس مدى تأثير كل منهما على الدخل القومي.
2- ضابط الإقتصاد في الإنفاق العامهو من أهم الشروط الأساسية لأعمال المنفعة العامة، لذا يتعين على الهيئات والمشروعات العامة مراعاة قاعدة الإقتصاد عند تنفيذ عملية الإنفاق العام ، ومحاولة تحقيق أكبر عائد بأقل تكلفة ممكنة ، ويؤدي الإسراف في الإنفاق العام إلى العديد من الآثار السلبية أهمها:
أ- تبديد جانب من دخل الأفراد تحصل من الضرائب كان من الممكن استخدامه للنفع العامب- أضعاف الثقة العامة في مالية الدولة مما يؤدي إلى انتشار التهرب الضريبي.وأهم صور الإسراف والتبذير في النفقات العامةخاصة في الدول النامية:أ- ارتفاع تكاليف الخدمات العامة ( الصحية – التعليمية - .......)
ب- غياب التنسيق بين الإدارات العامة المختلفة لعدم وجود خطط تنمية متكاملة ( قيام شركات الكهرباء أو المياه بأعمال حفر بعد اتمام عملية تعبيد الطرق )
ج- زيادة عدد العاملين أكثر مما يلزم ( البطالة المقنعة)د- المبالغة في نفقات التمثيل الخارجي ( المهام الوهمية – المهام قليلة الأهمية)
3- ضابط الإجراءات القانونيةتلتزم الإدارة وهى تقوم بمهام الإنفاق بالعديد من القواعد القانونية منها القواعد الدستورية التي توجب اعتماد البرلمان لقانون الميزانية العامة واعتماد الحساب الختامي.
القواعد التي تحكم الإنفاق العام
ينبغي على القائم بالإنفاق العام المقارنة بين أوجه الإنفاق المتعددة وتفضيل بعضها على البعض الآخر، وذلك طبقا لتقدير الحاجات العامة والمنافع التي تعود على الأفراد، حيث أن ما يبرر الإنفاق العام هو تحقيق الصالح العام، وذلك بمعنى أنه لا ينبغي أن يوجه الإنفاق العام إلى تحقيق نفع خاص لبعض الأفراد أو لبعض فئات المجتمع دون البعض الآخر تبعا لوضعهم في المجتمع أو تمتعهم بنفوذ سياسي أو غيره... إلخ.
وتأخذ الدولة في اعتبارها كافة الاعتبارات السياسية والاقتصادية التي تعطي أقصى قدر من المنافع بأقل قدر ممكن من النفقات، وينبغي على الدولة أن تراعي الضوابط الآتية:-
1 - ضابط المنفعة العامة.
2 - ضابط مراعاة الإجراءات الواجب اتباعها عند القيام بالإنفاق العام.
3 - ضابط تحقيق أكبر قدر من الاقتصاد في النفقات.
ونتناول كل ضابط من هذه الضوابط بشيء من التفصيل:
- الضابط الأول: ضابط المنفعة العامة: -
إن ما يبرر الإنفاق العام هو مقدار المنافع العامة التي تتحقق من هذا الإنفاق، ليس هذا فقط بل ينبغي تحقيق المنفعة القصوى للأفراد، ولتحديد مفهوم المنفعة العامة قدمت المدرسة الحديثة آراء في هذا الصدد مقتضاها إحلال المنفعة الحدية محل المنفعة الكلية على أساس "منفعة الوحدة الأخيرة من وحدات الإنفاق العام".
والمقصود بالمنفعة العامة الجماعية تلك التي تعود على أفراد المجتمع من تدخل الدولة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهناك مذهبان يحددان قياس المنفعة الجماعية المترتبة على المنفعة الحدية
أولا: المذهب الشخصي:
تحمس له بعض فقهاء الاقتصاد والمالية العامة أمثال ماكس وفين دي ماركو، ويرون أن قياس المنفعة الجماعية المترتبة على المنفعة الحدية يمكن مقارنتها بالنتيجة التي يحصل عليها الأفراد، أي أن المنفعة المترتبة من المنفعة العامة الحدية ينبغي أن تتساوى مع التضحية الجماعية الناتجة عن تحمل العبء الضريبي الحدي.
وواضح هنا الإشارة إلى المساواة المطلوبة في هذا الضابط باعتبارها تحكم توزيع الدخل القومي بين الدولة والأفراد.
ثانيا: المذهب الموضوعي:
يقيس أصحاب هذا المذهب المنفعة الجماعية المترتبة على الإنفاق العام على أساس الزيادة التي تحدث في الدخل القومي على أثر الإنفاق العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة، ويؤخذ على هذا المعيار عدم تغطية كافة أنواع النفقات العامة ؛ لكونه ذا طبيعة اقتصادية بحتة، وهنا لا يمكن قياس المنفعة المترتبة في بعض المجالات مثل الصحة والتعليم والشؤون السياسية والعسكرية.
الضابط الثاني: مراعاة الإجراءات القانونية:
ينبغي عند إجراء الإنفاق العام ضرورة مراعاة التعليمات والقرارات والقوانين الخاصة بتنظيم ذلك، والتي تتكفل السلطة التشريعية في كل دولة بإصدارها بما يتناسب وطبيعة توجيه الإنفاق العام في مختلف الميادين من سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية... إلخ.
الضابط الثالث: تحقيق أكبر قدر من الاقتصاد من النفقات:
ومراعاة هذا الضابط ضرورية جدا لتحقيق المنفعة العامة، فبديهي أن المنفعة الجماعية القصوى لا تتصور بدون الاقتصاد في النفقات العامة وضغطها إلى أقل قدر ممكن، فينبغي محاربة زيادة الاستهلاك العام المتمثل في مصروفات الإدارة، حيث إن مظاهر التبذير يمكن أن تحدث في كافة مجالات الإنفاق العام من مرتبات وأجور لموظفين زائدين عن الحاجة، إلى استهتار في مشتريات الحكومة وتوريداتها، كعدم اتباع الطرق والأساليب التجارية في شراء وبيع ما تحتاج الحكومة إلى شرائه أو بيعه، واستئجار المباني والسيارات بدلا من شرائها وغير ذلك من مظاهر الإسراف المعروفة ؛ لذا ينبغي وجود رقابة حازمة على عمليات الإنفاق الحكومي تضمن تفادي ازدواج الإنفاق العام ومراعاة ضبط النفقات العامة للدولة في شتى القطاعات على أساس الحاجات الحقيقية والفعلية، بحيث لا تتحمل الدولة نفقات عامة إلا إذا كانت ضرورية وبالقدر اللازم فقط.