Register now or log in to join your professional community.
صنف الفقهاء السلف في كتبهم العلماء إلى قسمين :علماء الآخرة وعلماء الدنيا فما هي صفات كل منهما ؟
علماء السوء:
هم الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا، والتوصل إلى المنزلة عند أهلها.وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعنى ريحها.وفي حديث آخر أنه قال: «من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فهو في النار» رواه الترمذي.وفي ذلك أحاديث كثيرة.وقال بعض السلف: أشد الناس ندامة عند الموت عالم مفرط.واعلم أن المأخوذ على العالم أن يقوم بالأوامر والنواهي، وليس عليه أن يكون زاهداً ولا معرضاً عن المباحات، إلا أنه ينبغي له أن يتقلل من الدنيا مهما استطاع، لأنه ليس كل جسم يقبل التعلل، فإن الناس يتفاوتون.وروى أن سفيان الثوري رحمه الله كان حسن المطعم. وكان يقول: إن الدابة إذا لم يحسن إليها في العلف لم تعمل.وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يصبر من خشونة العيش على أمر عظيم والطباع تتفاوت.وصفات علماء الآخرة يعلموا أن الدنيا حقيرة، وأن الآخرة شريفة.
وأنهما كالضرتين، فهم يؤثرون الآخرة، ولا تخالف أفعالهم أقوالهم، ويكون ميلهم إلى العلم النافع في الآخرة، ويجتنبون العلوم التي يقل نفعها إيثاراً لما يعظم نفعه، كما روي عن شقيق البلخي رحمه الله أنه قال لحاتم: قد صحبتني مدة، فماذا تعلمت؟قال: ثمانية مسائل:أما الأولى: فإني نظرت إلى الخلق، فإذا كل شخص له محبوب، فإذا وصل إلى القبر فارقه محبوبه، فجعلت محبوبي حسناتي لتكون في القبر معي.وأما الثانية: فإني نظرت إلى قوله تعالى: {ونهى النفس عن الهوى} [النازعات:40] فأجهدتها في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى.وأما الثالثة: فإني رأيت كل من معه شيء له قيمة عنده يحفظه، ثم نظرت في قوله سبحانه وتعالى: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} [النحل:96] فكلما وقع معي شيء له قيمة، وجهته إليه ليبقى لي عنده.وأما الرابعة: فإني رأيت الناس يرجعون إلى المال والحسب والشرف، وليست بشيء، فنظرت في قوله الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13] فعملت في التقوى لأكون عنده كريماً.أما الخامسة: فأنى رأيت الناس يتحاسدون، فنظرت في قوله تعالى: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم} [الزخرف:32] فتركت الحسد.والسادسة: رأيتهم يتعادون، فنظرت في قول الله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً} [فاطر:6] فتركت عدواتهم واتخذت الشيطان وحده عدواً.السابعة: رأيتهم يذلون أنفسهم، فنظرت في قول تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود:6] فاشتغلت بما له علي وتركت ما لي عنده.والثامنة: رأيتهم متوكلين على تجارتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم، فتوكلت على الله تعالى.ومن صفات علماء الآخرة: أن يكونوا منقبضين عن السلاطين، محترزين من مخالطتهم.قال حذيفة رضي الله عنه: إياكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه.وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء، فاحذروا منه فإنه لص.وقال بعض السلف: إنك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك أفضل منه.ومن صفات علماء الآخرة: أن لا يسترعوا إلى الفتوى، وأن لا يفتوا إلا بما يتيقنون صحته.وقد كان السلف يتدافعون الفتوى حتى ترجع إلى الأول.وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله: أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما أحد يسأل عن حديث أو فتوى إلا وَدَّ أن أخاه كفاه ذلك. ثم قال آل الأمر إلى إقدام أقوام يدعون العلم اليوم، يقدمون على الجواب في مسائل لو عرضت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع أهل بدر. واستشارهم.ومن صفاتهم: يكون أكثر بحثهم في علم الأعمال عما يفسدها ويكدر القلوب ويهيج الوساوس، فإن صور الأعمال قريبة سهلة، وإنما التعب في تصفيتها.وأصل الدين: التوقي من الشر، ولا يصح أن يتوقى حتى يعرف.ومن صفاتهم: البحث عن أسرار الأعمال الشرعية، والملاحظة لحكمها. فان عجز عن الاطلاع على العلة كفاه التسليم للشرع.ومن صفاتهم: اتباع الصحابة وخيار التابعين، وتوقى كل محدث.