by
مها شرف , معلمة لغة عربية , وزارة التربية السورية
التجربة الشعورية هي العنصر الذي يَدفع إلى التعبير، ولكنها بذاتها ليست هي العملَ الأدبي؛ لأنها ما دامت مُضمَرة في النفس، لم تَظهر في صورة لفظية معيَّنة، فهي إحساس أو انفعال، لا يتحقَّق به وجود العمل الأدبي.
والتعبير في اللغة يشمل كلَّ صورة لفظيَّة ذات دلالة، ولكنه لا يصبح عملاً أدبيًّا إلا حين يتناول تجربة شعوريَّة معينة، فالتعبير لا يُقصد به مجرد التعبير، بل رسمُ صورة لفظية موحية للانفعال الوجداني في نفوس الآخرين؛ وهذا شرط العمل الأدبي وغايته، وبه يستحق صفته.
فمتى كان الانفعال الوجداني، والتعبير موحيًا مؤثرًا كان العمل الأدبيُّ حاضرًا، وغايته تَكمن في ذاته، فهو يحقِّق لونًا من ألوان الحركة الشعوريَّة، وهذه - في ذاتها - غاية إنسانيَّة وحيوية، تَدفع عن طريقٍ غير مباشر إلى تحقيق آثارٍ أخرى أكبرَ وأبقى.
فجميعُ الفنون الأدبية تحقِّق ذاتها عن طريق التعبير الموحي المؤثِّر، فمتى كان الشعر أو القصة أو الرواية أو المقالة... إلخ، تترك تأثيرًا وتصورًا في نفس القارئ، وتصبح التجربةُ الشعورية مِلكًا للقارئ يتأثر بها كما تأثَّر بها صاحبها، وأضاف بها إلى رصيده من المشاعر صورة جديدة ممتازة - يكون العمل الأدبي قد حقَّق غايته المثلى.