Register now or log in to join your professional community.
يعرّف عقد الإذعان بأنه «العقد الذي يضطر فيه أحد طرفي العقد إلى قبوله جملة دون مفاوضة أو تغيير من جانبه في شروط العقد»، فهو عقد ينفرد بصياغة شروطه وبنوده أحد المتعاقدين ولا يملك الطرف الآخر إلا قبوله جملة أو رفضه جملة دون مناقشة أو مفاوضة، وهو في الغالب لا يستطيع عدم قبول هذه الشروط؛ نظراً لحاجته الملحة والضرورية لهذه السلع والخدمات التي لا يمكنه الاستغناء عنها، وخير مثال على ذلك عقود توريد الكهرباء والماء والتليفون وعقود النقل والمرافق العامة.
جدير بالذكر أن سلطة القاضي هنا ليست مطلقة بل هي مقيدة بمراعاة روح العدالة والإنصاف
ويتميز عقد الإذعان بمجموعة من الخصائص أولها: احتكار السلعة أو الخدمة أو المرفق احتكاراً فعلياً أو قانونياً أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها، ثانيا: انفراد أحد طرفي العقد بصياغة العقد وتحديد شروطه على نحو مستمر ومتصل مع عدم جواز النقاش أو المفاوضة في الشروط الواردة بالعقد، ثالثاً: ارتباط موضوع العقد بسلع أو خدمات أو مرافق من الضروريات بالنسبة لجمهور المستهلكين بحيث لا يكون بمقدورهم الاستغناء عنها.
وقد قررت العديد من التشريعات القانونية المقارنة مجموعة من الوسائل لحماية الطرف المُذعَن في عقد الإذعان، ومنها أن تفسير الشروط الواردة في عقد الإذعان والتي تتسم بالغموض يكون لمصلحة الطرف المُذعَن، وأن للقاضي الحق في تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرف المُذعَن من الالتزامات الناتجة عن العقد والتي تحمل طابع التعسف، ومنعاً للتحايل على الحماية المقررة للطرف المُذعَن فقد تنص بعض القوانين على بطلان اتفاق المتعاقدين لمنع القاضي من تعديل أو إلغاء الشروط التعسفية. وبناء عليه فإذا ما ورد في عقد الإذعان أحد الشروط التعسفية وكان من شأنه أن يلحق خسارة كبيرة بالطرف المُذعَن مما يؤدى إلى تعرضه لإرهاق كبير أثناء تنفيذ العقد فعلى القاضي أن يرد الالتزام المرهق إلى القدر المعقول الذي يتفق مع العدالة من خلال تعديل البنود والشروط التعسفية الواردة بهذا العقد، كما يجوز للقاضي أيضا أن يلجأ لوقف تنفيذ الالتزام لأحد أطراف العقد بعد التأكد من ثبوت التعسف بتلك الشروط.
وجدير بالذكر أن سلطة القاضي هنا ليست مطلقة بل هي مقيدة بمراعاة روح العدالة والإنصاف لرفع الضرر عن المتضرر وعدم الإضرار بالطرف الآخر، مع تقيد القاضي أيضا بعدم تعديل العقد في حالة عدم وجود شروط تعسفية.
وفي المملكة العربية السعودية وإن لم يصدر حتى الآن نظام أو نصوص خاصة تنظم عقد الإذعان، إلا أن قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية تنظم كافة الجوانب المتعلقة بشتى مجالات الحياة ومنها دائرة العقود التي تزخر كتب الفقه والتراث الإسلامي بالاستفاضة عن كافة الأحكام التي تتناول العقد وكيفية حماية أطرافه، ومن يستعرض الأحكام القضائية الصادرة من الدوائر القضائية في ديوان المظالم يظهر له جلياً حرص القضاء واستهدافه تحقيق العدالة بين الخصوم.