تغيب معك كل الحياة وتذهب*بسمات ثغر أن تغيب وتهجر/أما علمت أن قلبي يسعد*عند الوصال فكيف قلبك يهجر/وهل يهون وداد قلب قد هوى*منك الوصال لطيب ودك يسهر.حلل؟

هنا الشاعر يتحدث عن غياب محبوبته ويصارحها بأن الحياة لا معنى ولاطعم لها بغيابها  فتصبح مغموسة بالكآبة . فعندما تذهب تغيب البسمات والأفراح وتنقلب جنتك التي عرفتك بها إلى صحراء قاحلة تتحول الدنيا التي كنت أراها من خلالك حدائق وينابيع إلى دنيا حزينة تغيب الابتسامة عني وتزيد آلامي ويزجني في المزيد من الغربة ذلك الهجران. ويقول اما علمت بأن قلبي الهيمان يشعر بالسعادة ما دام قرب جنة حبك وبجانبك. آه. ..  كيف تستطيعين الهجران. تلك الاه تخرج من صدري ويخرج معها غبار تراكم داخله من بعادك. فكيف يهون عليك ذلك الود الذي اعتدته واحببته فهو الذي يوصلني ويقربني منك.مع أنني اسهر وانتظر من أجل الود الذي بيننا لأن الدنيا من دونك ظلاما فأنت الفجر الذي ينير ظلامي.اذا

الشاعر هنا يفتتح كلامه بلفظة. ..تغيب. .تلك اللفظة التي حملت كل معاني الاسى والحزن التي تغلبت على مشاعر الشاعر. أي أن الشاعر هنا يربط ذلك الغياب بحالته النفسية.وقد اعتمد على هذا الفعل دون غيره من الأفعال لما يحمله من دلالات ومعان يفجرها الشاعر في ابياته بما يخدم غرضه الشعري.اذا يحاول ان يكرر ذلك الفعل. تغيب. ليشعر المتلقي بنار تلك اللفظة على مشاعره. تغيب معك كل الحياة وتذهب. بسمات ثغر إن تغيب وتهجر. كما أنه قرن الغيب بالهجران. فهو يدرك أن كثرة الغياب ستؤدي إلى الهجران.  ثم ينتقل من اللهجة الخبرية الهادئة إلى اللهجة الانفعالية باستخدام أسلوب الاستفهام الاستنكاري. أما علمت أن قلبي يسعد عند الوصال فكيف قلبك يهجر. وطبعاً هذا يدل على بوح مكنونات صدره وانفعالات مشاعره. إذا هو يستنكر غيابها باعتماده على أسلوب الطلب القائم على الاستفهام الموجه إلى المحبوبة. الذي أخرجه من معناه الحقيقي إلى معناه المجازي الذي يفيد التقرير فالشاعر لا يسأل وينتظر جوابا وإنما يقرر لنا هذه الحقيقة عن طريق الاستفهام وهي أن الفرح والابتسامة لا يمكن أن تتسلل إلى قلبه الهيمان وهي بعيدة عنه. ولا يستطيع أن يشتاق ولا يحلم إلا بها. مما يعكس انفعال الشاعر وتوتره عبر الأسلوب الانفعالي الذي طوعه كما يريد هو لا كما هو في أصل اللغة بما ينسجم مع حالته النفسية. ثم يقول. هل يهون وداد قلب قد هوى منك الوصال لطيب ودك يسهر. هنا يعود إلى أسلوب الاستفهام فالشاعر ما زال يتساءل ويعاتب تلك المحبوبة ويقول هل هان عليك تلك المحبة والألفة التي بيننا وقد سهرت لذلك الود والوصال الذي كان يبدر منك. إذا الشاعر يحاول أن يجد جوابا ولكن عن طريق الاستعطاف والوداد. ثم ينتقل إلى الأسلوب الخبري ذات النزعة التقريرية. المؤكدة بمؤكد واحد وهو"قد"ليقر لنا حقيقة معاناته وسهره من أجل ذلك الحب والوصال. إذا هو يلجأ إلى إلى أسلوب الهدوء بعيدا عن الانفعال والتوتر ليبرز لنا حقيقة حبه وأنه يشعر بالسكينة والاطمئنان بالقرب من الحبيب ومن وداده. إذا هو اختار الألفاظ المناسبه لابياته ولفكرته الأساسية. فالغياب والهجران والوصال والسهر والهوى كلها خدمت فكرة الغياب الذي أثار مشاعره. وكأنه يفصل لمعانيه الثوب المناسب من الألفاظ بما يخدم تجربته الشعورية. وإذا ما عدنا إلى الجانب الجمالي نجد الشاعر يسوق لنا ابياته عن طريق إعمال الخيال فيه اعمالا فنيا خياليا دقيقا عبقريا مكنه من تطويع صور اللغة وايحاءاتها لخدمة معانيه وتوجيه أفكاره عن طريق سلطان الخيال الذي أبدع في تصويره عبر هذه الصور. فقوله تغيب معك كل الحياة . هنا نجد استعارة مكنية شبه الحياة بإنسان يغيب . وتذهب بسمات ثغر إن تغيب وتهجر. هنا أيضاً نجد استعارة مكنية شبه البسمات بكائن يذهب. أما علمت قلبي يسعد. هنا يقر بأن السعادة التي غرست في قلبه ما هي إلا من الوصال والحب اذا هنا نجد نجد مجاز عقلي تفاعلي. كما نجد استعارة مكنية حيث شبه القلب بإنسان يسعد. فكيف قلبك يهجر. أيضا هنا استعارة مكنية شبه القلب بإنسان يهجر. وهل يهون وداد قلب قد هوى منك الوصال. هنا الشاعر اضفى للقلب سمة الوداد فنجد في ذلك مجازا. كما نجد استعارة مكنية في هوى شبه الوداد بإنسان يهوى. ويسهر. إذا الشاعر صاغ ابياته بتلك الصور المتشعبة التي أضفت على معانيه رونقا وجمالا وخدمت موضوعه الذي تناوله. إذا الشاعرهنا نسج موسيقى النص بما يعبر عن الحالة الداخلية له مع عدم خروجها عن نطاق الإحساس الذي يرافق التفكير كما أنه اختار حرف الروي. ..الراء. ..لأنه حرف قوي جهوري  يؤكد  فيه النغمة المتوترة في القافية و يشير أن الشاعر يبدي حرصاً على رفع المستوى الايقاعي عند نهايات الأبيات. وبهذا حقق إيقاعا شعرياً فنيا. اكسب الأبيات جمالية وجعلها وحدة متكاملة تواشجت وتعانقت مع المشاعر والمعنى والصورة والألفاظ وأساليب الصياغة الأخرى.

الشاعر في الأبيات الثلاثة تسيطرعليه عاطفة الحزن على هجر المحبوب له ، ولذلك فهو لا يرى أي لذة للحياة ، وفارقت البسمات ثغره ، وفي الشطر الأول مبالغة ، لأن غياب الحياة معناه الموت ، كما أن في إسناد الفعل تغيب إلى الحياة والفعل تذهب إلى البسمات ؛ استعارة مكنية سر جمالها التشخيص ، والاستفهام في قوله ( أما علمت ) يفيد التقرير وفي قوله ( كيف قلبك يهجر ) يفيد التعجب ، وفي التعبير بالاستفهام في الجملتين ما يدل على حيرة الشاعر ، وتشتت أفكاره بسبب الهجران ، وفي الاستفهام الثالث ( وهل يهون وصال ... ) إنكار ونفي لهوان الوصال عليه وعتاب لمحبوبه لهوان الوصال عليه ، وفي الأخير يظهر الشاعر مدى حبه وشغفه بمحبوبه ، حتى أحب السهر وهجر النوم وذلك للمودة التي ينتظرها منه .

يعاني الشاعر من محبوبته التي تغيب عنه فجأة ويرى أن كل الحياة تغيب معها حتى تعود ويسبب له ذلك الحزن ثم يقر بأن قربها يسعده ويعيد إليه الفرحة فما أعظم هذا الحب؟ثم يعتب عليها لغيابهامع أنه يسهر لودها