Register now or log in to join your professional community.
نظرية كينز
أولاً: مقدمة: بدايةً نظرية كينز في أداء الاقتصاد الرأسمالي في الزمن القصير هدفت إلى فهم الأداء بقصد التوصل إلى سياسة اقتصادية تمكن من إنقاذ الاقتصاد الرأسمالي من الأزمة و ضمان تجدد الآلة الإنتاجية له فترة بعد فترة على أساس الهيكل القائم لهذا الاقتصاد . إن الطبيعة الإسعافية لنظرية كينز حققت رواجا كبيرا في الأوساط الأكاديمية في المجتمعات الغربية، أمام عجز النظرية الكلاسيكية التي كانت سائدة قبل كينز عن تفسير الكساد الكبير وعن تزويد الدولة بأفكار تمكن من رسم سياسة اقتصادية تخرج الاقتصاد الرأسمالي من هذا الكساد وتضمن بالتالي تجدد إنتاج هياكله . وقد امتد هذا البريق لنظرية كينز في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لينتقل إلى الأجزاء المختلفة من الاقتصاد الرأسمالي الدولي ، فبدأ تفسير أداء الاقتصاديات المتخلفة بنفس الأدوات الفكرية الكينزية ، كما تم تزويد الدولة في هذه الاقتصاديات بأنظمة محاسبة قومية تقوم على النظرية الكينزية دون إدراك لاختلاف الوضع الهيكلي في الأجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالي عنه في الأجزاء المتقدمة ،رغم انتماء الاثنين إلى الاقتصاد الدولي وارتباطهما عضويا عن طريق نمط تفسير العمل الرأسمالي السائد . لكن مع نهاية الستينات بدأت النظرية تفقد بريقها مع تجدد التقلبات والأزمات في العالم الرأسمالي معلنة في ذات الوقت عن أزمة السياسة الكينزية إزاء هذا الوضع ... يجب أن نأخذ من النظرية الكينزية موقفا ناقدا بالبحث عن أسباب عجزها عن السيطرة على استقرار الاقتصاديات الرأسمالية رغم محاولات تعديلها ( أو تطويرها ) 1- الاتجاهات العامة للنقد الذي يمكن أن يوجه لنظرية كينز : أولاً : على مستوى الفروض التي تبين أن كينز أخذ هيكل الاقتصاد القومي في مجموعه كمعطى واقتصر في التحليل على دائرة التداول، ولكن من الممكن أن يثور بالنسبة لبعض الفروض أسئلة تثير مدى إمكانية الالتجاء إلى النظرية لفهم أداء الاقتصاد الرأسمالي فهماً دقيقا كما تثير بعض الآثار العملية العامة التي تخفيه الفروض على مستوى التحليل النظري . 1. يرى كينز أن تناقص ميل الاستهلاك سمة من سمات المجتمع المقدم، ومع ذلك فقد دلت الأبحاث الإحصائية على أن كينز كان مبالغا في تقديره للميل للاستهلاك، لقد بين كوزنيتس عند تحليله للإحصاءات الأمريكية بين سنتي (1879 ( 1983 - أن الدخل القومي الأمريكي قد زاد زيادة كبيرة أثناء تلك الفترة، وأن الجزء الأكبر من هذا الدخل كان موجهاً للاستهلاك على أن الادخار قد ظل نسبة ثابتة تقريبا من الدخل القومي . كذلك توصل كولين كلارك عند تحليله للإحصاءات البريطانية قبل الحرب العالمية الثانية أنه كلما زاد الدخل يزيد الادخار بنسبة متناقصة, ومعنى ذلك أن الاستهلاك أهم مما كان يعتقد كينز، بل كثيرا مايكون أكثر أهمية من الاستثمار . 2. يأخذ كينز نمط توزيع الدخل القومي السائد والعوامل المؤسسية المحددة له كمعطيات، أي يأخذ علاقات الإنتاج الرأسمالي كمعطيات، وبدونها لا يمكن تفسير كيفية توزيع الدخل، والذي بدونه لا يمكن تفسير لماذا لا يستطيع النظام في مجموعه تحقيق التشغيل الكامل لكل القوى المتاحة بصياغة أخرى لماذا يستحيل أداء النظام دون عدد كبير من العاطلين عن العمل . 3. يبني كينز تحليله وكأن الاقتصاد الرأسمالي يسوده التنافس في وقت يسيطر فيه الاحتكار على النشاط الاقتصادي في مجموعه ( خاصة النشاط المالي )، يفترض كينز أن الزيادة في الطلب النقدي تدفع المشروعات إلى زيادة الإنتاج جريا وراء الربح وبالتالي زيادة العمالة ، وهذا في حالة تنافس المشروعات أما في وجود الاحتكار فقد تؤدي الزيادة في الطلب النقدي على السلع إلى رفع المحتكر لسعر السلعة التي يبيعها دون أن يزيد من الإنتاج ( على الأقل بنفس معدل زيادة الطلب على سلعته ) . وفي هذه الحالة يزيد ربح المحتكر دون أن يزيد الإنتاج ودون زيادة في العمالة ، أضف إلى ذلك أن بقاء الأجور النقدية على حالها مع ارتفاع الأسعار ( أو لا تزيد بنفس معدل زيادة الأسعار ) تؤدي إلى انخفاض الأجور الحقيقية وزيادة نصيب الربح ، ويكاد ذلك هو المظهر العام في ظل جو تسود فيه الاحتكارات . 4. يفترض كينز أن الأثمان والأجور تكون ثابتة في المرحلة التي يتوصل فيها إلى محددات مستوى النشاط الاقتصادي وأوضاع توازنه المختلفة ، هذا الافتراض يتجاهل ضمنيا الطبيعة الاحتكارية للهيكل الاقتصادي ، ومن ثم الطبيعة التضخمية لآداء الاقتصاد الرأسمالي في المدى الطويل ابتداء من بداية القرن العشرين ، كما أن أهداف التحليل الاقتصادي النقدي هو بيان الكيفية التي يتحدد بها المستوى العام للأسعار فكيف نصل الى هذا التحديد إذا افترض كينز مسبقا أن الأسعار بقيت ثابتة 5. يعتقد كثير من الاقتصاديين أن نظرية كينز العامة ليست عامة وذلك أن هذه النظرية لا تصلح إلا لأحوال الكساد ، لهذا فإن كينز قد أهمل في كتاباته علاقة النفقة بالأسعار ، كما أهمل تقلبات الأسعار ، وقد يمكن قبول هذا الإهمال في أحوال البطالة لكن لا يمكن قبوله في أحوال التوظيف الكامل أو بالقرب من التوظيف الكامل ثانيا : على مستوى نتائج السياسة الكينزية من الناحية العملية تثور الكثير من الأسئلة والشكوك حول مظاهر مختلفة لأداء الاقتصاد الرأسمالي في الفترة التالية على ظهور نظرية كينز واستخدامها كمبرر نظري لممارسات الدولة الرأسمالية 1 . يثور التساؤل حول السياسات الكينزية التي ترتكز على تحويل الاستثمارات العامة وغيرها عن طريق عجز الموازنة في وضع المالية العامة تحت تصرف الاحتكارات المالية التي تسيطر على الجهاز المالي والمصرفي ( بما تحققه من أرباح عالية ) ، الأمر الذي مكن هذه الاحتكارات في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى التحول إلى شركات عابرة القارات . 2. إن سياسة كينز في مقاومته للكساد في النظام الرأسمالي عمليا تنطوي على كثير من التعقيدات والمشاكل، إذ لابد من فرض كثير من القيود على الحرية الاقتصادية للأفراد والمشروعات، لكي تؤدي السياسة الكينزية نتائجها المنشودة 3 . يثور السؤال كذلك حول ما ظلت تعرفه الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة من نسبة كبيرة للبطالة تتزايد منذ ثمانينات القرن الماضي، تبرر نظريا بالتفرقة بين البطالة المزمنة والبطالة الدورية على أن الأولى لازمة لمرونة الجهاز الإنتاجي في مجموعه في حين أن الثانية هي التي تسعى السياسة الكينية للقضاء عليها . 4 . لم تستطع السياسة الكينزية إعفاء الاقتصاديات الرأسمالية من التقلبات الدورية، فرغم أن الدولة بتدخلها قد أضعفت من حدة هذه التقلبات لمدة عقدين من الزمن ( الخمسينات والستينات من القرن الماضي ) لكن بداية من السبعينات بدأ الاقتصاد الرأسمالي الدولي يعرف أزمات مالية شبه دورية لتنتقل إلى الأجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالي ( المكسيك 1994 – 1995 ، جنوب شرق آسيا 1996 – 1997 ، روسيا البرازيل ، الأرجنتين ... ثالثا : غموض الفكر الكينزي في بنائه النظري على مستويين : المستوى الأول : يعيب بعض الاقتصاديين على كينز الغموض الذي يكتنف تحليله بشأن الادخار و الاستثمار، متسائلين عن الكيفية التي يتعادل بها الادخار مع الاستثمار دائما حسب تعريف كينز لكل منهما،في حين أن هذا التعادل باعتراف كينز نفسه قد يعني توازنا في بعض الأوقات واختلال توازن في أوقات أخرى . المستوى الثاني : إذا نظرنا إلى النقود في التحليل الكينزي ، فإن سعر الفائدة يتحدد بعرض النقود والطلب على النقود ( تفضيل السيولة ) تأسيسا على أن سعر الفائدة ( سعر النقود ) هو ثمن التضحية بالسيولة، كما أن الطلب على النقود من جانب الأفراد أي رغبتهم في الاحتفاظ بها يرجع إلى دوافع ثلاثة : دافع المعاملات ، دافع الاحتياط ، ودافع المضاربة من هذا التحليل نتطرق إلى : أ – إذا تحققت زيادة ي عرض النقود فإن هذه الزيادة ( مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها ) ستؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة ، ولكن لو أمعنا النظر في الجانب الآخر من النظام الاقتصادي فإن انخفاض سعر الفائدة مع افتراض ثبات منحنى الكفاية الحدية لرأس المال ( منحنى الطلب على الاستثمار ) يؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستثماري التي تؤدي من خلال أثر مضاعف الاستثمار إلى زيادة مضاعفة فيمستوى الدخل ، وبالتالي في مستوى التوظيف . ب - ولكن لابد أن تنطوي هذه الزيادة المضاعفة في الدخل على زيادة الطلب على النقود بدافعي المعاملات والاحتياط ( العلاقة طردية بين الطلب على النقود لأغراض المعاملات والاحتياط وبين حجم الدخل )، وإشباع هذا الطلب لا يتحقق إلا بالسحب من الأرصدة النقدية التي يحتفظ بها الأفراد لإغراض المضاربة وبالتالي ترك كمية من النقود أقل مما كانت عليه يمكن للأفراد أن يحتفظوا بها كأصلسائل, غير أن هذا الوضع يقتضي ارتفاع سعر الفائدة ليكون ذلك حافزا لتخلي الأفراد عن السيولة ودفعهم أكثر إلى شراء السندات ...ولكن ما يعنيه ارتفاع سعر الفائدة في هذه الحالة ؟ منحنى الكفاية الحدية لرأس المال ( منحنى الطلب على الاستثمار ) تحت ارتفاع الفائدة يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري وبالتالي انخفاض الدخل وبالتالي تخفيض مستوى العمالة . جـ - وبالتالي يصبح مضاعف الاستثمار سلاح ذو حدين متعاكسين قد يعمل في صالح العمالة أو في صالحهما . II تعديلات على البناء النظري لكينز ( التصحيحات) : المستوى الأول : ساهم فريق من الاقتصاديين عن طريق صياغة بعض التعاريف الجديدة في إزالة الكثير من الغموض الذي يكتنف تحليل كينز للادخار والاستثمار . · إذ نجد أن هوتري يفرق بين الاستثمار المقصود (الموجه) والاستثمار غير المقصود (غير الموجه)، الاستثمار المقصود هو الجزء من الاستثمار الكلي الذي يقبل عليه الأفراد بمحض اختيارهم لارتفاععائد الاستثمار عن سعر الفائدة، أما الاستثمار غير المقصود فهو يتمثل في المخزون من السلع غير المباعة ( استثمار موجب غير مقصود ) أو يتمثل في نفاذ المخزون من السلع ( استثمار سالب غير مقصود )، أما الاستثمار الفعلي فهو مجموع النوعين الأول والثاني ، ويمثل الفرق بين الناتج الكلي ( من سلع الاستهلاك وسلع الاستثمار ) وبين الاستهلاك ، ولذلك فالاستثمار الفعلي يمثل الثروة المستهلكة وكذلك الادخار الفعلي يساوي الثروة غير المستهلكة ( وبالتالي فهو يساوي الاستثمار الفعلي. · أما " أولهن " فهو يفرق بين التوقعات وبين ما يتحقق منها ، فلو فرضنا مثلا زيادة توقع رجال الأعمال للربح بدفعهم إلى زيادة استثماراتهم في حين أن الادخار المتوقع والذي يدخره الفرد لم يتغير فسوف تكون النتيجة زيادة الدخل والادخار الفعلي نتيجة لزيادة الاستثمار وبالتالي فالادخار الذي تحقق فعلا أكبر من المتوقع، وهنا يصبح الدخل المحقق أكبر من الدخل المتوقع ومن ثم يزيد الادخار زيادة تقابل الزيادة في الاستثمار، إذ يغير الأفراد من خططهم وتوقعاتهم تبعا لما يتحقق من نتائج وإذا اتفقت قرارات المستثمرين مع قرارات المدخرين حدث التوازن وبشكل عام يرى " أولهن " أن حجم الادخار الذي يتوقعه المدخرون قد يختلف عن حجم الاستثمار الذي يتوقعه المستثمرون ، غير أن الاستثمار المحقق لابد أن يساوي الادخار المحقق ... ويتفق " أولهن " مع كينز في أن قرارات رجال الأعمال هي المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي ،كما يتفق معه في أن التغيرات في الدخل الناشئة عن التغيرات في الاستثمار هي الوسيلة الوحيدة التي يتحقق بموجبها تعادل الادخار والاستثمار . · أما " روبرتسون " يرى أن هناك فترة زمنية بين تسلم الدخل والتصرف فيه ( تحليل الفترة ) ويقسم الزمن إلى فترات قصيرة متساوية يسميها أياما ، وعلى ها الأساس فالدخل الذي يكتسبه الأفراد في يوم معين لا يمكنهم التصرف فيه في نفس اليوم ، بل في اليوم التالي له أي أن الادخار والإنفاق الفعلي الذي يتحقق اليوم هو من الدخل الذي يحصل عليه الأفراد بالأمس ومن ثم فإن ادخار اليوم يساوي الفرق بين دخل أمس وإنفاق اليوم ، فإذا زاد الدخل نتيجة لزيادة الاستثمار فإن دخل اليوم يصبح أكبر من دخل الأمس ، غير أن دخل الأمس هو الذي يمكن التصرف فيه اليوم والذي لا يكفي لتمويل الاستثمار فلا مناص من الالتجاء إلى التصرف في المكتنزات أو طلبا للحصول على الائتمان ، كما أن الزيادة في دخل اليوم المترتبة عن الزيادة في الاستثمار لا ينتج عنها زيادة في الإنفاق وفي ادخار اليوم ، كما لا يمكن التصرف فيها اليوم وعلى ذلك فإن الاستثمار اليوم قد زاد عن ادخار اليوم ، ويعتقد " روبرتسون " أن هذه الزيادة في الاستثمار عن الادخار قد تستمر لفترة من الزمن طالما أن ارتفاع مستوى الدخل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات الأرباح . المستوى الثاني - لابد أن يتحقق التوازن النقدي وتوازن الدخل في آن واحد للتغلب على عدم الاستقرار الاقتصادي الناشيء عن التأثير المتعاكس لمضاعف الاستثمار ، لقد كانت هذه الفكرة التي أوحت بما هو معروف في التحليل الكلي بالشكل البياني " هيكس – هانس :.Hides Hanser Diagramme : وتقوم فكرة هذا المنحنى على التمييز بين قطاعين رئيسيين داخل النظام الاقتصادي القطاع النقدي الذي ينطوي على العمليات النقدية المتعلقة بعرض النقود والطلب عليها وسعر الفائدة، والقطاع الحقيقي الذي ينطوي على العمليات الحقيقية المتعلقة بالادخار وبالاستثمار والدخل، ومن الواضح أن سعر الفائدة بالغ الأثر في كلا القطاعين إذ أنه يتحدد في القطاع النقدي بتفاعل قوى عرض النقود وقوى الطلب على النقود كما أن تقلبات سعر الفائدة في القطاع النقدي تؤثر على مستوى الاستثمار في القطاع الحقيقي، وبالتالي على العلاقة بين الادخار والاستثمار وتأثيرها على مستوى الدخل، وبتعادل الاستثمار والادخار (تعادل الطلب الكلي مع العرض الكلي ) يحدد مستوى الدخل القومي في وضع التوازن، وحتى إذا لم يتحقق التعادل بين الادخار المقصود والاستثمار المقصود، فتغير الدخل كفيل بإعادة التوازن بين الادخار المحقق والاستثمار المحقق ، ومن هنا نرى أن سعر الفائدة هو همزة الوصل بين القطاعين النقدي والحقيقي، وأن تلك العلاقة بين القطاعين من خلال سعر الفائدة هي التي أوحت إلى " هيكس ' و ' هانسن " بادخال منحنى الادخار والاستثمار ( (IS في تحليل التوازن في القطاع الحقيقي، وإدخال منحنى تفضيل السيولة والنقود ( LM ) في تحليل التوازن في القطاع النقدي . من التحليل السابق : - منحنى الادخار ( IS ) يعبر بيانيا عن علاقة من مقتضاها أن أية نقطة متوضعة على هذا المنحنى تمثل مستوى معينا من الدخل، يناظره مستوى معين لسعر الفائدة ، كما تعكس هذه النقطة في نفس الوقت توازنا في القطاع الحقيقي حيث يتعادل الادخار والاستثمار . - كما استخلصنا أن منحنى تفضيل السيولة وكمية النقود ( LM ) يعبر بيانيا عن علاقة نقاط من الدخل تناظرها مستويات لأسعار الفائدة، كما تعكس هذه النقطة في نفس الوقت توازن في القطاع النقديمن الاقتصاد القومي حيث يتعادل الطلب على النقود (تفضيل السيولة ) مع عرض النقود بما أن المحاور المستوية لكلا المنحنيين ( IS ) و ( LM ) هي سعر الفائدة والدخل يمكن الجمع بين المنحنيين في شكل بياني واحد بحثاً عن نقطة تقاطعهما، هذه النقطة الواقعة على كلا المنحنيين هي نقطة التوازن العام في القطاعين معا ( الحقيقي والنقدي ) محققا الاستقرار الاقتصادي المنشود. R تمثل سعر الفائدة التوازني بالنسبة للقطاعين الحقيقي والنقدي Y المستوى التوازني في كلا القطاعين . E تحتل نقطة تقاطع منحنى ( IS ) و ( LM ) تعبيرا عن التوازن العام في النظام الاقتصادي . III التقلبات الاقتصادية الدورية : يطلق اصطلاح الدورة الاقتصادية على تلك النقابات التي تنتاب العديد من الكميات الاقتصادية الكلية ، يعرف " ميتشل " الدورة الاقتصادية بأنه تغير كمي ينتاب النشاط الاقتصادي الكلي . تميزت الاقتصاديات الرأسمالية بهذه التقلبات منذ بدايات الفكر الكلاسيكي لكنها لم تحظ بالاهتمام الكافي ربما لأن التقلبات الدورية الأولى لم تنتج عنها آثار اجتماعية واسعة ، ولقد شهد العالم إبان الكساد العظيم في الفترة من سنة 1929 إلى سنة 1932 زيادة كبيرة جدا ، عند العاطلين عن العمل ، مما كاد يعصف بالاقتصاديات الرأسمالية بل بالفكر الرأسمالي ككل ... لتظهر النظرية العامة لكينز محولة الكثير من الأفكار الرأسمالية عن اتجاهها الأول . أولا- التقلبات الاقتصادية عند كينز : ومجمل القول فإن الدورة الاقتصادية عند كينز هي نتيجة لتقلبات في الاستثمار ، ومن هنا ندرك أن لقرارات رجال الأعمال في هذا الصدد أهمية بالغة في تحديد مستوى النشاط الاقتصادي ميولهم الخاص في مجال الاستثمار ، قد يرفع أو يهبط من مستوى الاستثمار ، غير أن سلوك رجال الأعمال الاستثماري يبنى على توقعاتهم التفاؤلية أو التشاؤمية بصدد الكفاية الحدية لرأس المال في مقارنتها بسعر الفائدة السوقي . والكفاية الحدية مرتبطة بقوة الطلب الكلي الفعال ، وما دامت توقعات رجال الأعمال قد تخيب أو تتحقق ، فهنا يجد هؤلاء أنهم ملزمون بمراجعة توقعاتهم وتغيير قراراتهم فيما يتعلق بالنشاط الاستثماري من آن لآخر ، هذا التغيير في القرارات الاستثمارية لرجال الأعمال من حين لآخر يؤدي إلى نشوء التقلبات الدورية الاقتصادية ،أضف إلى ذلك أن فرص الاستثمار حسب التحليل الكينزي قليلة نسبيا في المجتمعات المتقدمة اقتصاديا ( المجتمعات الغنية ) لأنها بلغت مرحلة البلوغ الاقتصادي ، وذلك لقلة ميلها الحدي للاستهلاك ( على عكس الدول الفقيرة بعبارة أخرى فبالإضافة إلى التقلبات في الكفاية الحدية لرأس المال التي تميز الدورة الاقتصادية في الدول الغنية المتقدمة اقتصاديا ، فتقدمها الاقتصادي يحمل بين جنباته الكساد المزمن ومن ثم يتضح أن نظرة كينز إلى مستقبل النشاط الاقتصادي كانت نظرة ملؤها التشاؤم ثانيا - نقد هيكس للتحليل الكينزي " ابتدأ هيكس تحليله بتوجيه النقد إلى التحليل الكينزي في فهم وتفسير ظاهرة الدورة الاقتصادية وذلك لأن كينز لم يأخذ أثر المعجل في الاعتبار وبالتالي لم يهتم بالتفرقة بين الاستثمار التلقائي (المستقل )والاستثمار المستحفز ( التابع ) لأن كينز اهتم بالاستهلاك Indused consumption وهو ما يشكل أثرا مضاعفا ، ولم يهتم بالاستثمار المستحفز Indused bnvestment وهو ما يعرف بأثر المعجل . كما يؤكد هيكس أن المضاعف الكينزي البسيط بأثره في الزيادات المتتالية في الاستهلاك ( أثر المضاعف ) تتجه نحو التناقص ثم الاضمحلال ثم التلاشي بمرور الوقت ، وهذا يعتبر أن المضاعف الكينزي البسيط ليس سوى عامل يأدي بالنظام الاقتصادي إلى الثبات والاستقرار في النهاية ، أي لا يفسر التقلبات الاقتصادية ، وآثار النقص في التحليل الكينزي اهتمام هيكس بالتفرقة بين الاستثمار التلقائي والاستثمار المحفز بفرض أن كلا هذين النوعين من الاستثمار يوجد داخل النظام الاقتصادي ، غير أن الاستثمار التلقائي لا يتأثر بالتغيرات في مستوى الناتج ( الدخل ) أي لا علاقة له بالنمو الاقتصادي الذي يتحدد بعوامل خارجية ، أما الاستثمار المستحفز فيتوقف على التغيرات في الناتج الكلي ، ومثل هذا الاستثمار هو دالة لمعدل نمو الناتج ، وهذا الاستثمار المستحفز يلعب دورا جوهريا في تحليل هيكس للدورة لأن حل المعجل يتوقف عليه . ثالثا - نظرية المضاعف المركب ( نظرية هانسن : اعتمد هانسن في تفسير الدورة الاقتصادية على تداخل أثري المضاعف والمعجل . أي على الاستهلاك المستحفز منه ( أثر المضاعف ) وعلى الاستثمار المستحفز(أثر المعجل ) حيث يفترض هانسن حدوث زيادة أولية في الاستثمار التلقائي ( المستقل ) وهذه الزيادة تؤدي إلى زيادة في الناتج ( الدخل ) ، التي بدورها تفضي إلى زيادة مضاعفة في الاستهلاك من خلال أثر المضاعف هذا الاستهلاك يؤدي إلى الاستثمار المستحفز، مع فرض وجود طاقة فائضة في الاقتصاد القومي وذلك من خلال مبدأ المعجل ، وهكذا تستمر الحركة التراكمية عن طريق تداخل المضاعف والمعجل . ويمكن للحركة ( بفعل المعجل ) أن تتعدى الحدود المفروضة على المضاعف وأن يتفجر عنها نمو مستمر ، إذا كانت القيمة العددية للمعجل مرتفعة ، وكان المعجل مصحوبا بميل حدي مرتفع للاستهلاك يرفع من قيمة المضاعف . وفي هذه الحالة يستمر التوسع التراكمي حتى يتحقق التوضيف الكامل لموارد المجتمع ، عند هذه النقطة يأخذ الناتج القومي في الانخفاض ، وينخفض بالتالي الاستثمار المستحفز . وحتى لو فرضنا استمرار الاستثمار التلقائي في التزايد بمعدل ثابت كما يعتقد هيكس فإن هانسن يرى أن الزيادة في الدخل القومي تأخذ منحنى متناقص وذلك للسببين : - أن جزءا متزايدا من كل زيادة في الدخل يدخر في الفترات المتتالية ، وهذا الجزء يؤدي إلى انخفاض الزيادة في الاستهلاك ( الاستهلاك المستحفز ينخفض ) وبالتالي إلى انخفاض الاستثمار المستحفز ، وإن حدث وكان الاستثمار المستحفز ينخفض بدرجة أكبر من الزيادة في الاستهلاك فإن الدخل القومي يبدأ بالانخفاض ، لتبدأ الحركة الانكماشية . - أن الكفاية الحدية لرأس المال تتجه إلى الانخفاض مع تزايد حجم الاستثمار ، وهذا يعني أن افتراض استمرار الزيادة في الاستثمار التلقائي بمعدل ثابت هو افتراض غير محتمل الوقوع بعد مضي سنوات على بدء الحركة التراكمية ، إلا في حالات تغيرات كبيرة في أساليب الإنتاج أو تمكنت الزيادة السكانية من تعويض الاتجاه التنازلي في الكفاية الحدية . في كلا السببين تعني اتجاه الكفاية الحدية لرأس المال نحو الانخفاض أن الحركة التراكمية تقضي على نفسها بنفسها ، وذلك لأن كل زيادة في الاستثمار ( تخفض الكفاية الحدية ) تقلل من فرص الاستثمارات الجديدة ، وبالتالي يكون هانسن قد وصل عبر تحليله إلى مايلي : /1/ أن الحركة التراكمية تقضي على نفسها بنفسها (تداخل على المضاعف والمعجل معا ). 2/ /أن تفسير هانسن للدورة الاقتصادية قد ظل في الإطار الذي رسمه كينز ، وإن كان هانسن أعطى أهمية كبيرة لمبدأ المعجل . / 3/ سلط الضوء على ضرورة تدخل الحكومة .