Register now or log in to join your professional community.
من حيث الشروط والأركان والجوانب الأخرى
نظام البناء والتشغيل ثم الإعادة Build – Operator - Transfer ""BOT"
يقصد بنظام البناء – التشغيل - الإعادة "BOT": الاستثمار الذي يتولى فيه القطاع الخاص بناء Build وتشغيل Operate أحد مشاريع البنية التحتية على أن يتم تحويله Transfer مرة أخرى للحكومة بعد فترة زمنية كافية يتم فيها استرداد رأس المال المستثمر وتحقيق معدّل عائد مناسب للمستثمر
عقد البناء والتشغيــــل ثم التحــويل:
( BOT) – BUILD- Operator- Transfer ويعدّ من أشهر هذه النماذج وبه سميّ نظام الـBOT، ويشتمل هذا العقد على الطرفين المتعاقدين، الطرف الأول الحكومة أو ممثلوها المختارين لإجراء التعاقد، الطرف الثاني شركة المشروع. وبموجب هذا العقد يمنح الطرف الأول (الحكومة ) امتيازاً للطرف الثاني ( شركة المشروع ) لفترة زمنية محددة لتمويل وبناء واستثمار مشروع من مشاريع البنية التحتية ( (طريق أو جسر، أو محطة توليد كهرباء، أو تنقية مياه وغير ذلك ). وبعد الانتهاء من إقامة وبناء المشروع تتولى الشركة إدارته واستثماره وتشغيله وصيانته وتتقاضى الرسوم المفروضة على الجمهور المستفيدين من خدمات هذا المشروع والتي تم الاتفاق عليها سلفاً مع الحكومة، كما تتولى تجميع الإيرادات خلال فترة الامتياز لتغطية تكاليف التشغيل والصيانة ودفع التزامات التمويل وسداد القروض وفوائدها، والإيراد المتبقي بعد ذلك هو ما يكون الربح المناسب للشركة. وبعد انتهاء فترة الامتياز يتم تحويل إدارة واستثمار وتشغيل المشروع للطرف الأول ( الحكومة ) بدون مقابل
عقد البناء والتملك والتشغيل ثم الإعادة:
(BOOT)- Build- Won- Operator- Transfer، ويشتمل هذا العقد أيضاً كسابقه على الطرفين المتعاقدين الطرف الأول الحكومة أو ممثلوها، الطرف الثاني شركة المشروع. وبموجب هذا العقد يمنح الطرف الأول (الحكومة ) حق التملك خلال فترة الامتياز للطرف الثاني وهي الشركة التي ستقوم بتمويل وبناء المشروع واستثماره وتشغيله وصيانته، وتقاضي الرسوم المفروضة على الجمهور المستفيدين من خدمات هذا المشروع والتي تم الاتفاق عليها سلفاً مع الحكومة. كما تتولى تجميع الإيرادات خلال فترة الامتياز لتغطية تكاليف التشغيل والصيانة ودفع التزامات التمويل وسداد القروض وفوائدها ، والإيراد المتبقي بعد ذلك هو ما يكون الربح المناسب للشركة. وبعد انتهاء فترة الامتياز تتنازل الشركة عن ملكية وتشغيل المشروع للطرف الأول ( الحكومة) بدون مقابل
عقد البناء والتملك والتشغيل:
(BOO) Build- Won- Operator وهو كالعقدين السابقين إلا أنه يختلف عنهما بأن الطرف الثاني في هذا العقد ( شركة المشروع )لا تلتزم بعد انتهاء فترة الامتياز بتحويل أو إعادة إدارة أو ملكية المشروع للحكومة وإنما يقوم أعضاء الاتحاد المالي والمساهمون في ملكية المشروع (مؤسسو الشركة ) ببيعه لذلك لا ترحب الحكومات بنموذج هذا العقد إلا في بعض الحالات النادرة كأن تنتهي حاجة الحكومة من الاستفادة من المشروع بعد انتهاء فترة الامتياز، أو يكون المشروع قريباً من نـهاية عمره الافتراضي .
عقد البناء والتأجير ثم التحويل:
(BLT) Build- Lease- Transferوبموجب هذا العقد يمنح الطرف الأول ( الحكومة ) امتيازاً للطرف الثاني (شركة المشروع ) لإقامة وبناء مشروع من مشاريع البنية التحتية ويكون في الغالب مبنى حكومة كبناء مدرسة حكومية أو أي بناء خاص بإحدى القطاعات الحكومية، وبعد الانتهاء من إقامته وبناءه يقوم الطرف الأول (الحكومة ) باستئجاره من الطرف الثاني طول فترة الامتياز. ومن الطبيعي أن يغطي مجموع قيمة الإيجار طول فترة الامتياز تكلفة إقامة وبناء المشروع، إضافة إلى مقدار من الربح المناسب للشركة، وبعد انتهاء فترة الامتياز يتم تحويل المشروع للطرف الأول (الحكومة ) بدون مقابل.
مفهوم عقد البناء والتشغيل والتحويل أو ما يعرف بالانكليزية ( B.O.T )Build Operate and Transfer هو مفهوم جديد ظهر في أوائل الثمانينات من القرن العشرين . لقد ظهرت طائفة من العقود التمويلية الحديثة مع انتشار ظاهرة العولمة الاقتصادية في عدد كبير من البلاد النامية والمصنعة حديثاً ، وهي تشترط على المقاولين وفقاً لهذه الطريقة تأمين تمويل توظيفاتهم من مصادر خاصة أو من بنوك ومصارف غير تلك المتخصصة بإقراض الدولة ، بما يمكن الدولة من تنفيذ مشاريع ملحة وضرورية ، لا يتوافر لها اعتمادات ملحوظة في موازنتها العامة ، بحيث يتم تشغيل المنشآت العامة المنجزة بواسطة القطاع الخاص بالسرعة المطلوبة ، كما تجرمي صيانتها على عاتقه ، مما يرفع العبء الإداري والمالي عن الدولة لفترة معينة ، تستلم بعدها منشآت عاملة ومنتجة . والواقع أن عقود الـ ( B.O.T ) ليست من العقود التي اعتاد عليها القانون السوري والقانون اللبناني والقانون الفرنسي أو سائر القوانين التي تستمد من القانون الاتيني أطرها الرئيسية ، أو القوانين التي تعتمد نظام القضائيين : العدلي والإداري ، وإن هذه العقود أوجدها القانون الأنكلو – ساكسوني الذي لا يعترف بوجود عقود إدارية مميزة عن العقود العادية . ولما كانت التنمية الاقتصادية تمثل الهدف الأساسي لدول العالم أجمع ، وخاصة الدول النامية وتمثل الدراسات الخاصة بها محور اهتمام هذه الدول ، لذلك نجد أن معظم الدراسات تتجه لاستبعاد الاعتماد كلية على ميزانية الدولة والمساعدات والمنح الخارجية ، والتي تؤدي إلى تراكم الديون مما يعيق أي محاولة حقيقية للتقدم الاستراتيجي على الصعيد الاقتصادي ، وسط ظروف وشروط صعبة تفرضها الدول المقرضة . وإزاء ذلك اتجهت هذه الدول إلى الاعتماد على المستثمرين الوطنيين والأجانب وإقامة المشروعات الكبرى ومشروعات التنمية الأساسية مستخدمة في ذلك نظام البوت الـ ( B.O.T ) وذلك لإنشاء وتشييد وتشغيل هذه المشروعات دون تحميل ميزانية الدولة أية أعباء مالية مقابل حصول صاحب الامتياز على عائد الاستثمارات لمدة محدودة ، ويتم بعدها إعادة المشروع للحكومة . ونظراً لأهمية الدور الذي تلعبه هذه العقود في مشروعات الدولة أصبح من الضروري أن تتواكب النظم القانونية والقضائية مع هذا التطور الذي طرأ على الساحة الاقتصادية ، فهذه النظم أصبحت غير كافية لمواكبة التنمية الاقتصادية ، وهذا ما دفع إلى التوجه نج\\حو وسائل بديلة لحسم المنازعات الاقتصادية ومنها التحكيم باعتباره أكثر الوسائل فاعلية للإسهام في إنهاء المنازعات المتعلقة بهذه العقود بطريقة سريعة وسليمة ومنضبطة . التعريف بعقود ( البوت ) وطبيعتها القانونية :إن دراسة التحكيم في عقود البوت تتطلب إلقاء الضوء على تعريف هذه العقود وتحديد الطبيعة القانونية لها ، وهو ما سنستعرضه بالدراسة في هذا المبحث على الشكل التالي : تعريف عقود البوت :مشاريع الـ ( B.O.T ) تعتبر من طرق الإدارة غير المباشرة للمرافق العامة الصناعية والتجارية تتشابه وتختلف في الكثير من النقاط والمواصفات مع عقود أخرى تعرفها الإدارة . إن الغاية من اعتماد أسلوب الـ ( B.O.T ) هي الإفادة من موارد القطاع الخاص لأغراض إنشاء البنى التحتية Infrastructure دون الحاجة على تحميل موازنة الدولة هذه الأعباء المالية أو دون الحاجة إلى الدين العام ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن اللجوء إلى أسلوب الـ ( B.O.T ) يساعد على اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للإفادة من فرص استثمارية تكاد تندر في الدول الصناعية ، مما يساعد الدولة المضيفة للاستثمار في الوصول على تكنولوجيات ومهارات غير متوافرة محلياً . لذلك ، من الممكن تعريف هذا العقد بأنه : (( نمط من أنماط التعاقد الحديثة أو مجموعة من الأحكام التعاقدية التي تلجأ إليها الإدارة ، من أجل تنفيذ أشغال عامة ، وإدارة مرافق عامة وتحويلها من قبل متمولي القطاع الخاص ( Lenders ) الذين يشكلون فيما بينهم (( اتحاداً مالياً )) لإنشائها وتشغيلها واستثمارها لمدة زمنية معينة ، مقابل استثمارها والانتفاع منها خلال تلك الفترة بسعر لا يحدد في العقد ، ومن ثم إعادة كامل ملكيتها إلى الإدارة المتعاقدة ، بعد انتهائها )) . وهو أقرب ما يكون إلى امتياز (( الأشغال العامة )) بصيغة حديثة ذات الارتباط الوثيق بامتياز المرفق العام ، والذي عرفه العلامة (( أندريه دي لوبادير )) بأنه : (( شكل من إشكال تنفيذ الأشكال العامة ، تقوم بموجبه الإدارة بإلقاء عبء التنفيذ على شخص ما ( فرد أو شركة ) ليس مقابل سعر يحدد في العقد وإنما لقاء استخدام المنشأ العام والانتفاع به )) . ويعرفه البعض بأنه طريقة تمويل مشروع تعطي الحكومة بموجبه امتيازاً لفترة زمنية محددة لشركة خاصة تضم مجموعة مقاولين وموظفين من أجل إنجاز وتطوير واستثمار مشروع عام من البنية التحتية حيث تتولى هذه الشركة على نفقتها بناء وإنجاز الأشغال واستثمار المشروع طوال فترة العقد ، وتسترجع بطريق الاستثمار كلفة المشروع والأرباح المرتقبة من العملية ثم تنقل ملكية المشروع إلى الحكومة في نهاية العقد . ويختلف هذا النظام عن نظام ( BOO ) الذي يعني تملك القطاع الخاص للمشروع الحكومي تملكاً كاملاً مقابل دفع قيمته ، فهو يعني الخصخصة الكاملة .مما تقدم نجد أن عقود الـ ( B.O.T ) تحقق فوائد للدولة وهي بالخصائص والميزات التالي : 1- تمكن هذه العقود الدولة من إنشاء مشروع حيوي دون إجراء عملية اقتراض أو ضمان أو ديون أو ضرائب إضافية من أجل زيادة العائدات ، لأن التمويل المباشر من الميزات العامة لن يكون لازماً حيث إن مصادر القطاع الخاص سوف تسخر لإنشاء وتطوير البينة الأساسية ، بشرط أن يسمح له باستغلال المشروع لفترة زمنية كافية لاسترداد ما أنفقه بالإضافة إلى ربح مناسب لما تحمله من مخاطر . 2- تستفيد الحكومة عن طريق عقود البوت من خبرات القطاع الخاص في إدارة وتشغيل هذه المشاريع ، حيث تبين أن القطاع الخاص أكثر حرضاً وكفاءة في إدارة المشروعات الكبرى ، وأن سرعة التنفيذ والاقتصاد في التكلفة أمور يحرص عليها أكثر من غيره . 3- إن أهم ما يقوم به المستثمر في تعاقده مع الدولة هو ضمان مخاطر الـ ( B.O.T ) المالية من كلفة إنجاز المشروع ، ومخاطر الدفع والتضخم النقدي فضلاً عن المخاطر السياسية . لذلك فهو يضطر لانجاز المشروع بدقة وبأقصى سرعة ممكنة ، لكي يتسنى له استرداد التكاليف وتحقيق الأرباح المرجوة . وتبقى للحكومة السيطرة الاستراتيجية على تلك المشاريع التي ستعاد إليها في نهاية المطاف 4- إن أموال القطاع الخاص المستخدمة في مشاريع الـ ( B.O.T ) لا تدخل في أرقام الموازنة العامة ( حساب النفقات ) وبالتالي فإنها تخفف من مقدار عجزها ، وهي تشكل مصادر إضافية مساعدة ، لتمويل وتطوير مشاريع أساسية ، ضمن سياسة الدولة الإنمائية بمشاركة القطاع الخاص الذي يزداد تدخله في مشاريع الدولة المختلفة بشكل مطرد . 5- إن تنفيذ المشاريع بطريقة الـ ( B.O.T ) يشكل حافزاً قوياً لجذب الاستثمارات الخاصة لمشاركة الدولة في تلك المشاريع ، لما يتضمنه من ضمانات الربح للممولين الذي يعتمدون في تقديراتهم على دراسات وتصاميم دقيقة في إنجازها وتشغيلها بالاستعانة بأصحاب الخبرة والاختصاص . 6- إن تشغيل المرافق العامة في ظل امتياز الـ ( B.O.T ) يسير على أكمل وجه ، نظراً لما يتمتع به القطاع الخاص ، وخاصة على مستوى المؤسسات والمنظمات الدولية من الخبرة والدقة في إنجاز المشاريع وإدارتها ، بعد إعداد الدراسات القانونية والمالية والإدارية والتقنية اللازمة ، مما ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي والمالي للبلد المضيف ، ويساهم في تطوي عمل المؤسسات وتشجيع الاستثمارات ، وتوسيع أسواق المال والتسليفات النقدية التمويل أكبر عدد ممكن من المشاريع . 7- إن التلزيم بطريقة الـ ( B.O.T ) يساهم في تطوير إمكانيات البلد الاقتصادية ، وتدريب العمال المحلين على أحدث التقنيات المستخدمة ، ويساهم في إدخال التكنولوجيا الحديثة في شتى الميادين الاقتصادية والإنتاجية ، وفي تطوير أسواق رأس المال الوطنية ، ويساهم أيضاً في الحد من وقوع الهدر بأوجهه المختلفة ، بحسبان إن القطاع الخاص يقوم بتصميم وتخطيط عملية تأمين المواد اللازمة والتجهيزات الضرورية للتنفيذ والتشغيل ، بما يملكه من خبرة عملية وفنية ، بأدنى كلفة ممكنة تحقيقاً للربح وتوفيراً للإمكانيات . 8- إن مشاريع الـ ( B.O.T ) الحديثة ، المطبقة في غالبية الدول النامية ، تتم من خلال إجراء استدراجات عروض دولية بالغة التعقيد ، لاختيار المتعهدين من أجل تنفيذ تلك المشاريع خلال فترة زمنية معينة ، بعد عرض التصاميم الأولية والشروط الخاصة بإجراءات التنفيذ عليهم . 9- إن هذا النمط الجديد في تمويل وإنجاز المشاريع والمنشآت العامة ، يتميز أيضاً عن أساليب التلزيم التقليدية الأخرى ، فهو يختلف عن عقد المخاصصة أو المزارعة الذي يتولى بموجبه أحد الأفراد ، بالاتفاق مع شخص عام موجود أصلاً ، تشغيله على مسؤوليته الخاصة وليس على حسابه لقاء جزء من الإيرادات أو الأرباح الحاصلة بفضل هذا الاستخدام ، يحدد عادة بنسبة مئوية معينة . وضمن هذا المجال يطرح السؤال التالي : هل يمكن اعتماد عقد الـ ( B.O.T ) في الجمهورية العربية السورية كوسيلة قانونية لإنجاز المشاريع الكبرى ؟ على أرض الواقع الميداني نجد وبشكل واضح أن عقد الـ ( B.O.T ) يعتبر احد أهم الآليات التي يتم العمل بها في ميدان العقود الإدارية والتي تساهم في إنجاز المشاريع وإدارتها بعد إعداد الدراسات القانونية والمالية والإدارية بما ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة من جهة والحد من الهدر بإنجاز المشروع بأقل كلفة ممكنة وبأعلى جودة ، وبأقصى سرعة . ومن الجدير بالذكر أن فرنسا اعتمدت هذا النظام ، ومثاله خط انتقال مطار أورلي حيث تم ربط وسط باريس بالمطار عن طريق خط صغير من السكك الحديدية . لذلك فإنني أرى اعتماد الـ ( B.O.T ) كوسيلة قانونية متميزة لتحقيق قفزة نوعية أساسية في مجال إنجاز المشاريع الضخمة ولكن بشرط أن يتم ذلك وفق ضوابط محددة تأخذ بعين الاعتبار واقع الجولة السياسي والاقتصادي وضرورة إحداث تقدم استراتيجي على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والمالية والعلمية بشكل يواكب التطورات العالمية . وقد تم إبرام عقدي الهاتف النقال في سورية مع شركتي الخليوي وفق نظام الـ ( B.O.T ) . وقد علمنا مؤخراً أن المؤسسة العامة للخط الحديد الحجازي تعد مع شركة ماليزية مختصة لإبرام عقد وفق نام الـ ( B.O.T ) لمشروع قطار السكة الواحدة المحمول على أعمدة ويربط دمشق بالمطار ، وهناك مشاريع أخرى قيد الدراسة . وكان وزير السياحة قد أعلن أن هناك عدة مشاريع سياحية ضخمة وفق النظام الـ ( B.O.T ) ولمدة (45) عاماً ستقام في سورية . إن ذلك يؤكد وجود توجه جديد في سورية ورغبة قوية فقامة مشاريع استثمارية ضخمة وفق هذا النظام نظراً لانعكاساته الهائلة على صعيد البنية الأساسية في الدولة . الطبيعة القانونية والتكييف القانوني لعقود الـ ( B.O.T )من خلال ما تم استعراضه تبين أن هذه العقود ذات طبيعة إدارية ، وفي حال كون المستثمر أجنبياً تكون ذات طبيعة إدارية دولية فهو عقد إداري دولي وبذلك سوف يتم في هذا المبحث الحديث عن الطبيعة الإدارية والدولية لعقود البوت والتي لها الدور الهام في تحديد قدرة الدولة وأشخاص القانون العام في اللجوء على التحكيم لحسم منازعات العقود الإدارية . أولاً- الطبيعة الإدارية لعقود البوت : دار خلاف فقهي واسع بخصوص الطبيعة القانونية لعقود الـ ( B.O.T ) ، إذ رأى بعض الفقهاء أن عقود الـ ( B.O.T ) هي عقود التزام مرفق عام وبالتالي تحكمه المبادئ العامة للعقود الإدارية contracts administrative ، بينما يرى بعض آخر أنها عقود دولية Delvolve-ph.Fouchard Pierre . والواقع أنه يمكن اعتبار الـ ( B.O.T ) عقد امتياز مرفق عام كلما توافرت فيه العناصر الثلاثة التالية : 1- أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً عاماً . 2- اشتمال العقد على تنفيذ منشآت عامة تكون لازمة لتسيير وتشغيل المرفق العام . 3- لا يقبض المتعاقد ثمن المنشآت التي نفذها إنما يدير المرفق خلال المدة المتفق عليها ، يقبض خلالها العائد من المستفيدين من المرفق العام . وكذلك يمكن اعتبار عقد الـ ( B.O.T ) عقد امتياز أشغال عامة إذا كان موضوعه إنشاء أوتوستراد أو نفق لقاء جعالة ( Redeuencl ) يستوفيها الملتزم من مستخدمي المشروع والمرفق العام في خلال مدة محددة ، حيث تغطي هذه الجعالة الأموال الموظفة والفوائد والأرباح والتكاليف . وقد اعتبر الاجتهاد اللبناني حديثاً بأن عقد الـ ( B.O.T ) هو عقد امتياز لاستثمار مرفق عام وطني لمدة محددة منح وفق أحكام المادة (89) من الدستور ( الامتيازات ) وأن تسميته الأنجلوسكسونية ( B.O.T ) لا تؤثر في وصفه القانوني بأنه عقد امتياز لأن هذه العناصر التي يتضمنها البناء والاستثمار ونقل الملكية إلى الدولة عند نهاية العقد هي العناصر ذاتها التي يتضمنها عقد الامتياز وفق التعريف المحدد في الدستور اللبناني( منح امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو احتكار إلى زمن محدد ) ، إضافة إلى أن اجتهاد القضاء الإداري في كل من فرنسا ولبنان يذهب على أن المساهمة في تنفيذ المرفق العام ذاته La participation Lexecution meme du Service public هي معيار كافٍ بحد ذاته لاعتبار العقد إدارياً ويدخل في اختصاص القضاء الإداري . إن معيار العقد الإداري في مصر وفرنسا يقوم على أساس شرط مفترض ، ومحورين أساسين يكفي وجود أحدهما في فرنسا ويتعين وجود الاثنين معاً في مصر . أم الشرط المفترض فهو أن يكون أطراف العقد أو أحدهما شخصياً من أشخاص القانون العام وأشخاص القانون العام المعروفة هي : الدولة ، المحافظات ، المدة ، القرى ، الأحياء ، المؤسسات والهيئات العامة ، الأشخاص الاعتبارية العامة الإقليمية . أما المحوران الآخران فيتعلق أحدهما بالمرفق العام وهو محل عقد البوت والثاني يتعلق بالشروط الاستثنائية والتي تمثل في التغيرات التشريعية والإجراءات الانفرادية التي تتخذها الدولة ضد هذه العقود حفاظاً على الصالح العام . ويرى الدكتور مهند نوح أن مفهوم عقد البوت يتطابق إلى حد كبير مع مفهوم عقود التزام الأشغال العامة المعروفة في فرنسة منذ زمن طويل ، لأن جوهره يقوم على نهوض المتعاقد بتشييد واستغلال أشغال عامة مقابل اقتضاء رسوم من المنتفعين من استعمال هذه الأشغال لفترة معينة ، ومن ثم تحويل الأشغال بحالتها الجيدة إلى الإدارة بعد انتهاء مدة الالتزام . ونرى أن عقود التزام الـ ( B.O.T ) يتميز عن عقود التزام الأشغال العامة المعروفة في فرنسا من ناحيتين : 1- إن الأشغال محل العقد والتي يقع على عاتق المتعاقد إنجازها إنما تشكل من حيث الأصل مشاريع بنية أساسية تحتاج إلى إمكانيات ضخمة قد لا تحتمل الموازنة العامة في الكثير من الدول النهوض بعبئها . 2- نظراً لن الأشغال العامة موضوع العقد إنما تعتبر من مشاريع البنية الأساسية فإن إبرام هذه العقود يتسم بالتعقيد الشديد ، ولا سيما من حيث تقديم العروض من قبل المشتركين في المنافسة ، حيث تتكامل عدة شركة في سبيل تقديم عرض واحد وذلك ضمن إطار ما يعرف باتفاقية اتحاد الشراكة ( الكونسورتيوم Consortium ) ، كما أن أصحاب العرض يرتبطون بعقود قرض مع مؤسسات مالية ودولية في سبيل تأمين التمويل اللازم للمشروع فيما لو تم التعاقد معهم وذلك بضمان المشروع عند تنفيذه . وفي سورية ينبع الوصف القانوني للعقد الإداري في المادة (10) من قانون مجلس الدولة ونصها : (( يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في المنازعات الخاصة بعقود الالتزام والأشغال العامة والتوريدات .... أو بأي عقد إداري آخر )) . وطالما أن عقد الـ ( B.O.T ) من قبيل عائلة عقود الالتزام كما ذكرنا سابقاً فإنه يقع ضمن نطاق اختصاص القضاء الإداري السوري عملاً بنص المادة (10) المنوه عنها ولا سيما أنه من العقود الإدارية بطبيعتها لأنه يتضمن تنفيذ المرفق العام ذاته . ثانياً- الطبيعة الدولية لعقود البوت : إن تحديد الصفة الدولية لعقود الـ ( B.O.T ) لها أهمية عملية كبيرة خاصة في فرنسا التي تجعل قدرة الدولة وأشخاص القانون العام الأخرى في اللجوء على التحكيم مرتبطة بتعلق النزاع بعقد دولي . والواقع ان عقود البوت تبرم بين الدولة أو أحد أشخاص القانون العام من جهة وشخص من أشخاص القانون الخاص الوطنية أو الأجنبية من جهة أخرى وفي الحالة الأخيرة يكون العقد متمتعاً بالصفة الدولية . وتحديد الصفة الدولية للعقد يقوم على معيارين أولهما قانوني ، وثانيهما اقتصادي . ومن الممكن الاعتماد على أحدهما أو عليهما معاً لتحديد دولية عقود البوت ، فالمعيار القانوني يقوم على ارتباط النظام القانوني لهذه العقود بأكثر من دولة والعناصر التي يعول عليها في تحديد هذه الصفة هي : جنسية الأطراف ، مكان إقامتهم ، ومكان إبرام العقد ، مكان تنفيذه ، لغته ، العملة المستخدمة في الوفاء . ويذهب الرأي الراجح في الفقه على أن الصفة الدولية تتحد بناء على مجموع الظروف والعناصر الايجابية الملابسة لها وليس بناء على واحد منها فقط ، ويضرب الفقه الفرنسي المثل لذلك بعقد يبرم بين فرنسي وإيطالي مقيم في فرنسا للاتفاق على عمل يتم في فرنسا فإنه يخضع للقانون الفرنسي ، ولا يؤدي اختلاف جنسية أحد الأطراف على اعتباره دولياً . أما بالنسبة للمعيار الاقتصادي ، فيعتبر العقد دولياً إذ كان يتضمن انتقال لرؤوس الأموال والسلع والخدمات من دولة لأخرى . ومما هو جدير بالذكر أن الأخذ بهذا المعيار من شأنه أن يؤدي إلى التوسيع من نطاق دولية العقود . تسوية منازعات عقود الـ ( B.O.T )عن طريق التحكيمثمة اتجاه يزداد يوماً بعد يوم ويرمي على إشراك القطاع الخاص وبصورة متزايدة في المشاريع العامة عن طريق التمويل المباشر ، إما عن طريق الخصخصة وإما عن طريق وسط بين الاثنين وهي مشاريع التمويل الذاتي من قبل المتعهد ( B.O.T ) ونظراً لأهمية الدور الذي تقوم به هذه العقود في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد وذلك بتشجيع الاستثمار الأجنبي وجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية لإنشاء مشروعات البنية الأساسية ، لابد من تفسير النظم القضائية بما يتماشى مع رغبة المستثمر الأجنبي الذي يشك في حياد القاضي الوطني ولا يرغب في تطبيق قانون وطني لا يعلم شيئاً عن أحكامه ، ومن هنا كان التحكيم وسيلة مثالية لحسم منازعات هذه العقود ، وسوف نقسم هذا المبحث إلى فرعين على الشكل التالي : الفرع الأول : قدرة الدولة وأشخاص القانون العام على الدخول طرفاً في اتفاق التحكيم في عقود البوت . الفرع الثاني : كيفية تسوية منازعات البوت بطريق التحكيم . الفرع الأول :قدرة الدولة وأشخاص القانون العامعلى الدخول طرفاً في اتفاق التحكيم في عقود الـ ( B.O.T )إن مسألة قدرة أشخاص القانون العام على الدخول طرفاً في اتفاق التحكيم لا تثير صعوبة في مصر حتى مع اتصاف هذه العقود بالطابع الإداري ، فطبقاً لنص المادة الأولى من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم /27/ لسنة1994 والقانون المعدل له رقم /9/ لسنة1997 يجوز للدولة وأشخاص القانون العام الأخرى اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية وبالتالي يجوز اعتبار التحكيم وسيلة مشروعة لحسم منازعات عقود البوت وطنية أو دولية . أما في فرنسا فإن التوجيه بمنع التحكيم في العقود الإدارية هو مبدأ راسخ في العلم والاجتهاد الإداريين وقد استقر عليه اجتهاد مجلس الشورى الفرنسي . وفي آخر قراراته سنة1989 أكد المجلس نفسه أن هذا المبدأ لا يطبق على العقود الإدارية التي يوقعها أشخاص القانون العام فحسب بل ويطبق أيضاً على العقود الموقعة بين أشخاص القانون الخاص عندما يكون أحدهم صاحب امتياز يتولى بموجبه تسيير مرفق عام . وبما أن منع التحكيم في العقود الإدارية هو مبدأ يتعلق بالنظام العام ويقتضي إثارته عفواً وإذا حصل التحكيم فإن القرار التحكيمي ذاته يعتبر باطلاً ولا يمكن الاحتجاج بمشاركة الشخص العام في إجراءات التحكيم لرفض حقه في الطعن بالقرار التحكيمي ، وبما أن العلم والاجتهاد في لبنان يؤكدان أيضاً على أن مبدأ منع التحكيم في العقود الإدارية يرتبط بالنظام العام لأن من يتولى السلطة العامة لا يمكن التنازل عن امتيازاتها المتعلقة بالمصالح العليا للمجتمع .