Inscrivez-vous ou connectez-vous pour rejoindre votre communauté professionnelle.
الصحة النفسية للفرد لا بدّ أن تبدأ بالأسرة. كل ما زادت قوة الروابط العائلية لدى الفرد منذ طفولته سوف تزداد احتمالية تكوينه لنفسية سليمة، و لذلك تزداد احتمالية انخراط الفرد بالجريمة في مراحل متقدمة إذا ما كان من أسرة متفككة. من بعد الأسرة تأتي المدرسة و التعليم و الإرشاد لأن انخراط الطفل في المجتمع في تلك المرحلة يكون محصور بالعائلة، لذا من الضروري التأكد من وعي المدرسة المختارة بأهمية الصحة النفسية، و كمثال واضح جليل من هذه الناحية: وضع الأطفال في مدارس غير مختلطة في المراحل البدائية يؤثر سلبيا و بقوه على نظرة الطفل في المستقبل للمرأة و سيؤدي إلى إرتفاع هائل في نسبة التحرش الجنسي الذي هو حقيقة ليس ذنب المتحرش أساسا و إنما العائلة و المدرسة، و أكبر دليل على ذلك المجتمعات العربية. ثم يأتي المجتمع، فإذا ما تم تدارك العائلة و المدرسة في المراحل المبكرة يتمكن الفرد من الإنخراط في مجتمع داخلي من إختياره في ما يتلائم مع نفسيته. أما إذا لم يتم التدارك فسيكون تأثير المجتمع يعتمد تلقائيا على المجتمع، إذا كان مجتمعا سليما سيقوم تلقائيا بدو إيجابي، و إذا كان مجتمعا سيئا سيقوم تلقائيا بدر سلبي. عدا عن ذلك يبقى رغبة الفرد بالتطور الإيجابي الذي هو عنصر أساسي بالنفسية السليمة، و لكي يكون هناك هذه الرغبة يجب على الانسان أن يكون لديه عدة انواع من الانتماء، اذكر منها: انتماء للعائلة ينتج عنها رغبة في تطوير تماسكها. انتماء للمجتمع ينتج عنه رغبة للإرتقاء بالمجتمع ككل. انتماء للإنسانية (بإعتقادي أهم نوع) ينتج عنه رغبة بالإرتقاء بالجنس البشري.
الطفل- ودور الأسرة: يعتبر المجتمع من أهم العوامل في المجال النفسي، ويقصد بالمجال النفسي للطفل مجموعة الحقائق والمؤثرات التي يعيها ويدركها وتؤثر في سلوكه حين يصدر عنه السلوك.ومن الناحية الانفعالية فإن الفرد منذ طفولته تتمايز لديه مع نموه انفعالات مختلفة ويكتسب سلوكه أساليب سلوكية معينة من المجتمع الذي يحيط به، فهو يتعلم ضبط الانفعالات ويصل إلى الاستقلال الانفعالي ويهيئ الجو النفسي الصحي المناسب للحياة السعيدة ويحقق الصحة النفسية بكافة الوسائل.والطفل في علاقاته مع مجتمعه يجد نفسه أمام وسائل عديدة منها علاقته مع الأفراد الآخرين في المجتمع، وعليه أن يشترك في كثير من أوجه السلوك، وعلينا أن نعلم أن السلوك مكتسب ومتعلم من المجتمع الذي يعيش فيه الطفل وليس وراثيا وسلوك الطفل أيضا مرتبط بمثيرات ومواقف من مجتمعه، وكذلك للسلوك خصائص انفعالية نفسية.وهنالك وظائف مكتسبة من المجتمع، يحدد المجتمع طريق السلوك ويفسره وينظم العمليات الانفعالية للطفل حول بعض النواحي الموجودة فيه، وكذلك ينعكس المجتمع في سلوك الفرد وفي أقواله وانفعاله وتفاعله مع الآخرين، وييسر للطفل القدرة على اتخاذ القرارات في المواقف النفسية المتعددة في شيء من الاتساق والتوحد. والثقافة من عوامل المجتمع التي تقوم على رعاية الصحة النفسية للطفل، وهي مجموع ما يتعلمه الطفل، وتضم الدين والتراث واللغة والعادات والقيم والتاريخ والجغرافيا والاتجاهات والعلاقات والمعتقدات والأفكار وغير ذلك.والثقافة في النهاية هي للمجتمع، إذا اتبعها الطفل فإنه سيتمتع بالصحة النفسية السعيدة، فالطفل يتعلم دوره الجنسي ويسلكه حسب ما يريد المجتمع فينعم بالصحة النفسية، ويعلم الطفل السلوك المطلوب منه والذي يفرضه المجتمع فيتعلم بالصحة النفسية. ولا ننسى أن للمؤسسات الإعلامية في المجتمع تأثير في المجتمع إيجابيا وسلبيا.فالأسرة من خلال الزواج والإنجاب تتحول إلى أهم عوامل التنشئة الاجتماعية النفسية للطفل، والأسرة هي الممثلة الأولى للثقافة وأقوى الجماعات تأثيرا في سلوك الطفل، وللأسرة وظيفة اجتماعية بالغة الأهمية، فهي المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل، وهي تقوم بتكوين شخصية الطفل وتوجيهه للسلوك الصحيح.وأشار العالم وولر1938 في كتابه الأسرة، أن الأسرة وحده متفاعلة، وأنها نسق مغلق من التفاعل الاجتماعي وتتبلور الأسرة بخصائص عديدة، في عملية التنشئة الاجتماعية، من مثل: إن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل، وهي المسؤولة عن تنشئته، وهي تعتبر النموذج الأمثل للجماعة الأولية التي يتفاعل الطفل مع جميع أعضائها. وللوالدين الدور الكبير على الطفل حيث يؤثران في تكييف الطفل ونموه النفسي والاجتماعي السائد في الأسرة المتكونة من الوالدين والأخوة والأخوات، إذ ليست الأجواء المنزلية من نمط واحد، فهي تختلف من أسرة إلى أخرى، فبعض البيوت تبدو أنها أماكن طبيعية لرعاية الأطفال نفسيا بينما تبدو الأخرى على العكس. ويتحدد دور الأسرة في عملية التنشئة الصحيحة: في أن الأسرة تؤثر في النمو النفسي السوي وغير السوي للطفل، وتؤثر في شخصيته وظيفيا وديناميكا فهي تؤثر في نموه العقلي والانفعالي والاجتماعي: 1. تعتبر الأسرة المضطربة بيئة نفسية سيئة للنمو فهي تكون بمثابة مرتع خصب للانحرافات السلوكية والاضطرابات النفسية الاجتماعية والجنوح. 2. الأسرة السعيدة تعتبر بيئة نفسية لنمو الطفل وتؤدي إلى سعادته. 3. إن الخبرات الأسرية التي يتعرض لها الطفل في السنوات الأولى من عمره تؤثر تأثيرا مهماً في نموه النفسي. 4. وعلى الوالدين معاملة أطفالهم وكأنهم اخوتهم واستشارتهم بأمور الأسرة، والأخذ برأيهم، وكذلك تعليم أبنائهم الأخلاق الحميدة والدين الصحيح والعادات والتقاليد والقيم؛ حتى يعيشوا حياة نفسية سعيدة. 5. وعلى الوالدين بناء العلاقات المنسجمة بين الأخوة، وعدم تفضيل أحدهما على الآخر حتى لا يتولّد لديهم التنافس والغيرة. وكذلك إشباع الحاجات النفسية خاصة الحاجة إلى الإنتاج والأمن والحب، وعليهم تنمية القدرات عن طريق اللعب والخبرات البناءة والممارسة الموجهة واحترام الآخرين وتعليم التوافق الشخصي وتكوين الاتجاهات السليمة بالتغذية والكلام والنوم. الوقاية من مشكلات الصحة النفسية للطفل: مفتاح الصحة النفسية هو أن ينمو الطفل نموا سليما وينشأ تنشئة نفسية سوية وأن يتوافق شخصيا واجتماعيا، ولتحقيق ذلك، فإن على الأسرة اتباع الإجراءات الوقائية النفسية الآتية.1. ضمان وجود علاقة متينة مع الوالدين. 2. الحرية التي تتناسب مع درجة النضج. 3. العمل على تحقيق أكبر درجة من النمو والتوافق في مراحله. 4. المرونة في عملية الرضاعة والفطام والتدريب على الإخراج. 5. التوجيه السليم والمساندة والأسوة الحسنة أمام الطفل. 6. سيادة جو مشبع بالحب يشعر فيه الطفل بأنه مرغوب فيه ومحترم. 7. إمداد الوالدين بالمعلومات الكافية عن النمو النفسي للأطفال. 8. ضمان وجود التعاون الكامل بين الأسرة والمدرسة في رعاية النمو النفسي للطفل. 9. الاهتمام بنمو الشخصية بمظاهرها كافة: الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والاهتمام بتوازنها بحيث لا يغلب بعد على الآخر. ومن العوامل التي تساعد في دعم الصحة النفسية للرضع: 1. ملازمة الذين يعرفهم وعلى رأسهم الأم وبقية أفراد الأسرة الذين ألفهم. 2. احتضان الرضيع في أثناء رضاعته سواء من أمه أو إذا كانت الرضاعة صناعية. 3. ملاعبة الأهل للطفل وحملهم له وابتسامهم في وجهه ومناغاته، وإعطاؤه الحب والحنان. 4. حمايته من الأصوات العالية والمزعجة. 5. التربيت الودود على جسم الرضيع في أثناء مداعبتهم له. 6. تجاهل بكاء الطفل إذا كان نظيفا ولا يشكو من ألم ولا من جوع. 7. التحدث من قبل الأهل والآخرين له بلغتهم الطبيعية وكأنه عاقل. 8. أن لا يبتعد عن الأم خصوصا في الشهور المتأخرة في السنة الأولى. وللوالدين دور كبير حتى يتمتع ابنهما بالصحة النفسية السعيدة، يتلخص في ضرورة تمهيدها للطريق أمام طفلها الرضيع ليكمل مشواره في النمو الطبيعي، ولذلك يجب أن يدرك الوالدان حجم مسئوليتهما تجاه أطفالهم، فيعملا على المباعدة بين الحمل والآخر ويرعيا طفلهما الرعاية الكافية.ومنذ الطفولة وصاعدا يتأثر الأطفال تماما باتجاهات والديهم العاطفية، فينمون وينجحون في منزل يعيش فيه الأبوان سعيدين لا يعكر صفوهما عسر مالي أو غيره من المنغصات، حيث يأخذ كل طفل نصيبه كاملا من حب أهله واهتمامهم دون إفساد، وعلى النقيض لا يأمنون على أنفسهم متى شعروا بخلاف بين الأب والأم أو عندما يكتشفون أن إخوتهم وأخواتهم الكبار قلقون على مستقبلهم، وكذلك عندما يشعرون بأن أهليهم غير مهتمين بهم أو مشفقون جدا عليهم، فإن إحساس الطفل الداخلي بحقيقة موقف الأسرة العاطفي يجعل تظاهر الكبار بعكس ذلك عديم الجدوى مهما بذلوا من جهود لإخفائه عنه.فعلى الآباء لمصلحتهم الخاصة ولمصلحة أطفالهم أن يواجهوا حقائق الحياة وأن يتجاوبوا معها ما أمكن، كما يجب أن يعمل كل من الأم والأب على قيام حالة انسجام بينهما، فمن العقل أن يخفض الأب والأم مستوى معيشتهما نوعا ما بدلا من القلق المستمر على موقفهما المالي، وأن يقللا من المزايا التي يمنحونها لأطفالهم حتى لا يعيشا في قلق وشك واضطراب، ولهذا فالأب والأم الذين يعيشان في توافق وتعاطف قانعين معا متفهمين في نظرتهما إلى الحياة ليضعا لأطفالهما أسسا قوية من الأمن والسعادة لا مثيل لهل.