Inscrivez-vous ou connectez-vous pour rejoindre votre communauté professionnelle.
لا شك ان القضاء الجنائى يسمو على القضاء المدنى ويكون ملزما له - لكن لا شك ايضا انه حتى احكام المحاكم المدنية متى حازت قوة الامر المقضى فانها ملزمة لكافة المحاكم حتى الجنائية - لكن ليست كل احكام البراءة تعنى انتفاء او انعدام المسئولية المدنية فى جانب المخطئ ، فقد يستند الحكم بالبرائة الى عدم كفاية الادلة او ان الفعل المرتكب غير مجرم ، وفى هذه الاحوال لا يمنع حكم البراءة المحاكم المدنية من التحقيق فى اركان المسئولية بما فيها ركن الخطأ ثم الحكم على المخطئ بالتعويض رغم سبق تبرئته امام المحاكم الجنائية . اما لو كان الحكم بالبراءة مبنياً على انتفاء ركن الخطأ فى حق المتهم فإن هذا الحكم يكون ملزماً للمحاكم المدنية ولا يجوز لها الحكم بالتعويض استنادا على احكام المسئولية على شخص قضت المحكمة الجنائية بانه ليس مخطئاً .
أثر القضاء الجنائي على المدني وحكمته وأساسه القانوني: قد يبدو غريبًا أن يقال إن الحكم الجنائي يحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في موضوع مدني بحت مع اختلاف الموضوع والسبب والأخصام في كلتا الدعويين الجنائية والمدنية ففي الأولى يكون الموضوع والسبب هو الفعل الجنائي أو الجريمة المسندة إلى المتهم وخصمه النيابة العمومية وليس الأمر كذلك في الدعوى المدنية وعلى الأخص في دعوى مطالبة المجني عليه وورثته بالتعويضات المدنية من المتهم.
رأي الشارحين للقانون المصري:
أن الحكم الصادر بالبراءة في تهمة القتل أو الجرح بلا عمد لا يحول دون سماع دعوى المجني عليه التي يرفعها أمام المحكمة المدنية مطالبًا بالتعويض الذي نشأ عن الأفعال التي كانت موضوع الاتهام ذلك لأنه إذا كان الإهمال غير كافٍ لتكوين الجريمة وتوقيع العقاب على المتهم إلا أنه يجوز أن يكفي لترتب مسؤوليته المدنية.
وورد رأي يخالف هذا الرأي ومؤداه ما يأتي: أنه إذا قضى الحكم الجنائي ببراءة متهم منسوب إليه القتل خطأ واستند الحكم إلى أنه لم يثبت إهمال أو خطأ من المتهم فلا يجوز رفع دعوى تعويض عليه فيما بعد بشأن هذا الوصف الذي فصل فيه الحكم الجنائي.
رأي القضاء المصري:
المحاكم المصرية تعرج بين المذهبين فالبعض قضى بأحد الرأيين والبعض الآخر بالمذهب الثاني مع ملاحظة أنه لا يمكن القول بأن المحاكم اتخذت مبدأ ثابتًا مستقرًا في هذه المسألة.
والخلاصة: أنه لا محل لافتراض الجنحة المدنية أو شبهها بعد الحكم بالبراءة في تهمة القتل أو الجرح خطأ إذا بني الحكم على أساس نفي الخطأ عن المتهم إنما مناط هذا أن حجية الأحكام الصادرة بالبراءة مقصورة على الوقائع الواردة في وصف التهمة بحيث يجوز أن تترتب المسؤولية المدنية على وقائع أو أفعال أخرى.
لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي الا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا ومع ذلك فانه لا يرتبط بالحكم الصادر بالبراءة الا اذا اقام على نفي نسبة الواقعة الى المتهم. فليس كل حكم براءة يعني بالضرورة تقييد القاضي المدني من الحكم بمستحقات للمجني عليه في القضية الجزائية ..فلو حكم بالبراءة لمتهم لعدم كفاية الادلة ..فذلك لا يمنع القاضي المدني من نظر الدعوى عن ذات الواقعة .. وبحث وقائعها ... ومتى وجد (مثلا) ادلة يستطيع بناء عليها الحكم بالتعويض (ان كان له مقتضى) ضد المتسبب ... فانه يستطيع ذلك رغم صدور الحكم بالبراءة ..