Inscrivez-vous ou connectez-vous pour rejoindre votre communauté professionnelle.
عُرفت السعادة بأنها صفة يتصف بها العبد عندما ينال الخير الموافق لجسمه وروحه فيتنعم به ويلتذ، وأما الشقاوة فهي فقدان ذلك والحرمان منه. وأغلب التعاريف وإن تعددت من حيث اللفظ إلا أنها ترجع إلى هذا المعنى نفسه الذي قدمناه.
ان لفظ السعادة والشقاء وما في معناهما قد وردت في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف، كما في قوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فأَمّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السّماوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاّ ما شاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ * وَأَمّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرْضُ إِلاّ ما شاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ) سورة هود، الآية:105 -108.وفي الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه واله القائل: «الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه».
هذا الحديث إذا صح وثبت صدوره من النبي صلى الله عليه واله يكون المراد منه أن الإنسان في بطن أمه على صنفين: شقي وسعيد أي إن الذي يولد من نطفة وبويضة لأبوين سالمين روحاً وجسماً يتصف بالسعادة في بطن أمه وتستمر معه في حياته الدنيوية وهذا بخلاف الجنين المتكون من نطفة وبويضة لأبوين عليلين جسماً وروحاً فحياته من هذا الوقت محكومة بالشقاء، (إِلاّ ما شاء رَبُّكَ) فإذن لا ترتبط بالآخرة بل هي مرتبطة بالدنيا، وهناك معنى غير هذا الذي ذكرناه يشرح مراد الحديث الشريف: «عن حمد بن عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه واله: الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه، فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء».أي إن الإخبار بسعادة الفرد وشقائه وهو في بطن أمه مستند إلى علم الله تعالى بأنه سيكون شقياً باختياره للأعمال الطالحة أو سعيداً باختياره للأعمال الصالحة وليس هناك جبر أو تقييد للفرد.
ان السعادة والشقاء من الأمور التي يكتسبها الإنسان في مدة حياته وليسا هما من الأمور الذاتية التي تلازم الإنسان ولا تنفك عنه، فلا يقول عاقل إن السعادة أمر يتصف به الإنسان منذ ولادته وكذلك الحال في الشقاء، بل هما نتيجة عوامل لها درجة الاقتضاء وليس الإلزام سواء كانت هذه العوامل وراثية أم ثقافية أم بيئية، أي الإنسان الذي يتصف بأنه مخلوق مختار لا يفقد اختياره بسبب هذه العوامل في تحقيق السعادة أو الشقاء.