Inscrivez-vous ou connectez-vous pour rejoindre votre communauté professionnelle.
استقر في ذهن الغالبية العظمي من الناس أن الحياة هي الروح وأن الروح هي المرادف للحياة, وهذا يجافي الحقيقة فكل حياة ليس شرطا أن يكون بها روح ولكن كل روح يكون معها حياة
استقر في ذهن الغالبية العظمي من الناس أن الحياة هي الروح وأن الروح هي المرادف للحياة, وهذا يجافي الحقيقة فكل حياة ليس شرطا أن يكون بها روح ولكن كل روح يكون معها حياة. وقد نبه الكثيرون إلي هذا من أبرزهم الشيخ متولي الشعراوي ودكتور مصطفي محمود ودكتور أحمد شوقي إبراهيم في سلسلة كتبه القيمةفمفهوم الحياة هو قدرة كل خلية علي الاستمرارية سواء كانت كائنا وحيد الخلية أو جزءا من كائن متعدد الخلايا وهذه القدرة تتم بواسطة عمليات كيميائية تتمثل في استهلاك المواد الغذائية لإنتاج مادة الخلية نفسها لتنمو أو تتكاثر أو تصلح جزءا فسد منها. وهذا النشاط الكيميائي الحيوي يتم تحت سيطرة الحامض النووي' دي إن إيه' الذي يوجد داخل نواة الخلية في أي كائن حي علي وجه الأرض والذي يعتبر بذرة الحياة الأولي. وقد وجد أن مادة الحياة في سائر المخلوقات تشترك في أنها تتألف من نفس العناصر التي نراها حولنا في التراب مثل الكربون,الأيدروجين,الأكسجين....ولكن بنسب وعلاقات مختلفة. والغريب أن الخلية الحية والميتة تحتويان علي نفس العناصر الكيميائية ولكن عند حضور أجل الموت يتوقف' الدي إن إيه' عن إعطاء الأوامر لاستمرارالعمليات الكيميائية, وهذه الأوامر يجوز لنا أن نطلق عليها' سر الحياة' الذي أودعه الله عز وجل في الخلق الأول لكل كائن حي وينتقل موروثا إلي نسله في وسيلة التكاثر سواء كانت حبوب لقاح في النباتات أو حيوانات منوية وبويضات في الثدييات, فسبحان الذي وضع في الخلية سر الحياة وسبحان من ينزعه منها' وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي'( آل عمران:27) وإذا كانت مادة الحياة متشابهة في جميع المخلوقات فإن الإنسان يتميز بمرحلة أخري للخلق هي نفخ الروح. وهناك دلائل كثيرة تؤكد الطبيعة المختلفة للروح عن الحياة. فسر حياة الإنسان يبدأ من النطفة الحية للرجل( الحيوان المنوي) والمرأة( البويضة). والحيوان المنوي كائن حي نراه تحت المجهر يتحرك بنشاط باحثا عن بويضة ليخترقها ويكون النطفة الأمشاج( البويضة الملقحة). وبالرغم من وجود حياة في الحيوان المنوي فليس به روح, وهذا ما أوضحه القرآن الكريم' ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين, ثم سواه ونفخ فيه من روحه'( السجدة:9,8) فنفخ الروح تالي لمرحلة النطفة أو الماء, كما لا يصح وصف الحيوان المنوي بالمهانة مع وجود الروح المكرمة المنسوبة لذات المولي عز وجل. وإذا تأملنا في عمليات نقل الأعضاء من شخص حي لآخر نجد أن العضو المنقول به سر حياة ينتقل معه إلي الشخص المستقبل وبالقطع لا تنتقل الروح بل يحيا ويعمل هذا العضو تحت إمرة جسد وروح آخرين. وعلي مستوي الكائن الإنساني ككل يتبين لنا أن الروح لا تبدئ حياة الإنسان ففي الحديث الشريف'إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا....ثم ينفخ فيه الروح'( البخاري3208, مسلم2643) ونحن نعلم بواسطة العلم الحديث مراحل تكوين الجنين داخل الرحم ونري مظاهر حياته قبل نفخ الروح بواسطة الموجات الصوتية والمنظار الجنيني فنشاهد نبضات قلبه عند أربعة أسابيع من ابتداء الحمل كما نراه يسبح داخل كيس الحمل بنهاية الأسبوع الثامن. والروح تغادر الجسد أثناء النوم وبالرغم من ذلك فكل أعضاء الجسد بها حياة' الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها'( الزمر:24) وقد اتفق جمهور العلماء علي أن الأنفس المذكورة في الآية تعني أرواح الناس. وفي قصة نوم الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه وهم راجعون من غزوة خيبر عند صلاة الصبح حتي طلعت الشمس وحميت فبعدما استيقظ قال لأصحابه:'إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء'( البخاري7471, مسلم680). وعند الموت تغادر الروح الجسد مغادرة نهائية ولكن تظل الحياة في خلايا وأعضاء الجسد منفردة لساعات بل لأيام عديدة, فبعد تحقق حدوث الموت وقبض الروح بعلاماته طبيا ودينيا فإنه يمكن نقل أعضاء الجسد التي ما زالت خلاياها حية مثل القرنية وصمامات القلب بعد اثنتي عشرة ساعة من الموتوبذلك نري أن الروح والحياة ليسا مترادفين ولكن كلاهما لازم للآخر, فحياة الجسد وتسويته ضرورة لنفخ الروح واستمرارها بالجسد فالروح لا تنفخ في الجنين الميت, وكما قال ابن القيم:' إذا فسدت الأعضاء بسبب ينافي الروح وخرجت عن قبول تلك الآثار فارقت الروح الجسد'. وعلي الجانب الآخر فاستمرار الحياة يرتبط باستمرارية وجود الروح, فبالرغم من أن نفخ الروح لم يكن البادئ بسر الحياة ومغادرة الروح للجسد بصفة مؤقتة أثناء النوم لم يأخذ معه سر الحياة فمغادرة الروح النهائية للجسد عند حضور أجل الموت يليه توقف سر الحياةوتبقي نقطة تثير الخلاف: هل يختص الإنسان دون الكائنات الأخري بوجود الروح؟ إذا نظرنا إلي الآية الكريمة' فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين'( الحجر:29, ص:72) فإننا نخرج باستنتاجين هما انفراد الإنسان بهذه الروح التي نسبها المولي عز وجل لذاته, وأن سيادة الإنسان علي الكون سببها تفرده بهذه الروح. ويري الكثيرون أن كل ما به نفس يدخل ويخرج به روح, بينما يعتقد آخرون أن باقي الكائنات بها أثر حياة وليس روحا. وبالتأمل في أحاديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام فإننا نلمس إشارات إلي وجود روح بالكائنات الأخري,' فعندما مر ابن عمر رضي الله عنهما بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها أخبر أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لعن من فعل ما فيه روح غرضا'( مسلم1957,1958), وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:' سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة يصورها نفس فيعذبه في جهنم, قال ابن عباس:فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا روح فيه'( مسلم910). ولكن هذه الروح المحتمل وجودها في الكائنات الأخري هي بالطبع أقل مرتبة من الروح الموجودة في الإنسان وإلا ما سجد الكون كله للإنسان بسبب وجود هذه الروح فيه. وإذا كان الأثر الرئيسي لنفخ الروح في الإنسان هو إعطاؤه العقل المفكر الذي به يستخلف ويكلف فإن العقل الذي يكتسب بالروح المحتمل وجودها في المخلوقات الأخري هو عقل أقل قدرة علي التعلم والابتكار والتواصل, وبالتالي فصاحبه غير مؤهل للخلافة والتكليف
لا شك أن الروح من الله وماهية الروح مجهولة إلا أنها سر بقاء الكائنات حية
الروح هي سر اليقظة، ولذلك تخرج عند النوم وتعود لننام سواء في الحياة او الممات. اما سر الحياة في الإنسان والحيوان والطيور والحشرات باختلافها فهي النفس لذلك لا تخرج إلا مرة واحدة وهي عند الموت
انظر كتاب/ أسرار الحياة الغامضة، لاحمد يحيى زقلي، صادر عن دار اوراس للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة سنة ٢٠٢٢م