Inscrivez-vous ou connectez-vous pour rejoindre votre communauté professionnelle.
العقل والقلب هما القوّتان اللتان تمدّان الإنسان بمختلف فاعليّاته. القلب يتكفل ببثّ الحرارة في كيان هذا الإنسان ليدفعه إلى التحرّك، والعقل يُضفي على تحرّكاته نور البصيرة والفكر.إنّ هاتين القوّتين في صراع دائم، نفسه تدعوه إلى الاستسلام للشهوات والعواطف، وعقله يحفّزه على التعقّل والتبصّر فيما يقوم به.فإذا ألقى نور بصيرته فسينعم بالانضباط والنظام، وأمّا إذا وقع أسير القلب فسيكون في عالَمٍ من سوء التنظيم واللامبالاة.إنّ من آثار الاستسلام إلى أحكام القلب أن تصبح أحكام العقل عقيمة سقيمة وتجانب الحقّ والحقيقة، إذ يحكم العقل حينئذ لصالح ما يهواه قلبه ويعشقه.ونتيجة لذلك ينشأ حسن الظنّ بالنفس. لأنّ غريزة حبّ النفس والذات من أشدّ الغرائز تأثيراً على الإنسان، وفي المقابل يظهر سوء الظن بالآخرين. لأنّ قلبه يمنعه وأحياناً أخرى يُجبر القلبُ العقلَ على الإنصياع لأهوائه، وهو أنّه يعشق نفسه ويحبّها أكثر من أيّ شيء آخر، ذلك أنّ غريزة حبّ الذات من أهمّ الغرائز الكامنة في باطن هذا الإنسان، فيكون أثر ذلك في النتيجة أن ينظر المرء إلى نفسه نظرة إعجاب ورضا.
والنظر إلى النفس كذلك نظرة الإعجاب بها والرضا عنها في جميع الأحوال هو بمثابة وضع منظارٍ لا يرى من خلاله إلّا حسن الظنّ بها دائماً، وهذا ما يجعله يحيد عن الحقّ والحقيقة في الحكم عليها، وعليه فسيرى أخلاقه الرديئة وأعماله السيئة حسنة: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾2.
إنّه يرى نفسه طاهراً نقيّاً لا عيب فيه: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾3.
إذا وقع العقل تحت تأثير القلب فسوف يحيد عن الحقّ، إذ سيحكم بما يهوى هذا القلب وبما يحبّ، لا بمقتضى الحقّ.
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من عشق شيئاً أعشى بصرَه وأظلم قلبَه (عقله)"1. والصراع والجهاد مع النفس الأمّارة يتطلّب نفحة قويّة من القدرة، بل هي القدرة الأسمى، كما ورد في القصّة الّتي تُنقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين مرّ بجمع من الشبّان كانوا يتبارون في رفع صخرة ثقيلة يمتحنون بها أشدَّهم وأقواهم، فقال لهم: "ألا أخبركم بأشدِّكم وأقواكم؟".
قالوا: "بلى يا رسول الله" وقد ظنّوا أنّه سوف يختار منهم أقواهم عضلاً، ولكنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف ما ظنّوا، قال: "أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاط لم ليس بحق"9.
فليس الأقوى من امتاز بقوّة العضل، بل الّذي يمتاز بقوّة الروح.ولأنّ مجاهدة النفس الأمّارة يتطلّب القدرة الأسمى، بل نوعاً من الحرب الداخليّة الّتي هي أشدّ من الحروب العاديّة المتعارفة فإنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد أن رجع مع أصحابه من الجهاد، التفت إليهم وقال لهم:"مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر".
فقالوا: وما الجهاد الأكبر يارسول الله؟!.
فقال "صلى الله عليه وآله وسلم": "هو مجاهدة النفس، ومجالدة هواها".
نعم توجد معركة دائمة بين العقل و القلب
لا طبعا الا لو الانسان ضعيف وبنهم صراع من لا شئ