par
مها شرف , معلمة لغة عربية , وزارة التربية السورية
قال رحمه الله: (لغز في (أمس) كتب به عز الدين بن البهاء الموصلي إلى الصلاح الصفدي: يا إمامًا شاع ذكره، وطاب نشره، فطيب الوجود وعطر، وفاضلا بيَّن كل معمى ومترجم وأرخ وترجم وعمن عبر عبر، وكتب فكبت الأعادي، وكتب من دون خطر وحطة فرسان الأذهان والأيادي، فتخطى قوام قلمه وتخطر.
إذا أخذَ القرطاسَ خِلت يمينَه ... تفتحُ نورًا أو تنظِّمُ جَوْهَرَا
ما اسم ثلاثى الحروف وهو من بعض الظروف ماض، إن تصحفه عاد فعل أمر، وإن ضممت أوله صار مضارعًا فاعجب لهذا الأمر، إن أردت تعريفه بأل تنكر، أو تغيرت عليه العوامل فهو لا يتغير.
كل يوم يزيد في بُعده ولا يقدر على رده، إن نزعت قلبه بعد قلبه فهو في لعبة النرد موجود، وقلبه سما فلا تناله الأحزاب والجنود، وكل ما في الوجود إلى حاله يعود، به يضرب المثل، ومنه انقطع الأمل، ثلثاه حرف استفهام، إن تعكس يطرد ذلك النظام، وثلثه الأول كذلك، وعكس ثلثيه يترك الحي هالكًا في الهوالك، لا يوصف إلا بالذهاب وليس له إلى هذا الوجود إياب، وهو ثلاثة وعدده فوق المائة، وكم رجل يُعد بفئة، وليس في الوجود، بنى وفيه أس ولكن لا في السماء ولا في الأرض ولا في هبوط ولا في صعود.
طرفاه اسم لبعض الرياحين العطرة، وكله جزء من الياسمين لمن اعتبره، مكسور لا يُجبر؛ وغائب لا يستحضر، أقرب من رجوعه منال معكوسه، يدركه العاقل بفكره وليس بمحسوسه، أبِنه لا زلت تزيل الإشكال وتزين الأضرب والأشكال.
فكتب إليه الجواب: وقف المملوك على هذا اللغز الذي أبدعته، وفهم بسعدك السر الذي ودعته، فوجدته ظَرْفا ملأته منك ظَرفا واسما بنى لما أشبه حرفا، ثلاثي الحروف، ثلث ما انقسم إليه الزمان من الظروف إن قلبته سما وأراد حرف تنفيس وما بقي منه (ما)، ثلثاه (مس)، وكله بالتحريك أمس، وهو بلا أول، تصحيفه مبين، وفى عكسه سم بيقين، التقى فيه ساكنان فبنى على الكسر ووقع بذلك في الأسر، لا يتصرف بالإعراب ولا يدخله تنوين فى لسان الأعراب، يبعد من كل إنسان، وينطق به وما يتحرك به لسان، لا يدرك باللمس، ولا يرى وفيه ثلثا شمس، تتغير صيغته حال النسبة إليه، ويدخله التنوين إذا طرأ التنكير عليه، متى بات فات ولم يعد له إليك التفات، أمين على ما كان من قربه، يعجز كل الناس عن رده، فماضيه ما يرد، وثانيه ما يصد، وطريق ثالثه ما يسد.
ثلاثةُ أيامٍ هي الدهرُ كلُّه ... وما هِي غير اليوم والأمسِ والغدِ ) انتهى.