النفط المكمني هو خليط معقد من مئات المركبات الهيدروكربونية المختلفة، ويحتوي النفط المتدفق من بئر نموذجية على خليط من الغازات والسوائل الهيدروكربونية المخلوطة مع بخار الماء وماء حر ومواد صلبة وشوائب،[3] فإذا وُضع مائع مكمني في وعاء مغلَق وسُمح لهُ بالترسب فترةً وجيزة فسوف تلاحظ الأطوار الثلاثة للمائع كالآتي: الماء يكون أكثر كثافةً وغير ذائب في النفط؛ لذلك يتجمع في قاع الوعاء، والنفط سيطفو فوق الماء، أمَّا الغاز فسوف يحتل المسافة المتبقية من الوعاء.[4]
عند جريان النفط من المكامن إلى السطح خلال أنابيب الإنتاج؛ فإنه يعاني انخفاضًا في الضغط والحرارة مما يسبب انبعاث الغازات ويكثف بخار الماء وبعض التغيرات الفيزيائية الأخرى.[3]
لذلك من المعالجات الحقلية المهمة التي تجري على النفط هي فصل الغاز المصاحب له وإنتاج نفط وغاز منفصلَين وصالحَين للبيع بالمواصفات العالمية للتصدير بأقل كلفة ممكنة، وكذلك فصل الماء ومعالجته لأجل استعمالهِ في الأغراض الأخرى مثل الحقن أو غيرها، ولأجل تحقيق ذلك؛ يمر النفط الخام خلال محطات تدعى بمحطات الإنتاج السطحية أو محطات العزل. [3]
إذًا؛ فإن الهدف الرئيس لمحطات الإنتاج السطحية هو إنتاج نفط مُهيَّأ للتصدير بضغط قريب للضغط الجوي ودرجة حرارة 15 درجة مئوية وخالٍ من الغاز المذاب؛ كي يُشحن بصورة آمنة بعيدًا عن مشكلات ارتفاع الضغط وخطر ذلك في الشحن؛ لذلك يُمرّر النفط على عدة مراحل من العزل للتخلص من كل الغازات المذابة فيه. إذ يكون ضغط كل مرحلةِ عزل أقلَّ من ضغط المرحلة التي تسبقها لضمان انسيابية جريان النفط، ويعتمد عدد مراحل العزل ومقدار ضغطها على ضغط المكمن وعادة يكون العدد من 2 إلى 4.[3]
وتكون العازلات عادةً على نوعين: ثنائية الطور وثلاثية الطور.
ويُعزل الغاز في العازلات الثنائية الطور عن السوائل فقط، أمَّا في العازلات الثلاثية الطور فيُعزل الغاز والنفط والماء؛ كل على حدة من طريق ثلاثة مخارج.[3]
إنَّ هناك عاملَين ضروريين لكي تنجح عملية العزل: يجب ألا تكون الموائع ذائبةً بعضها في بعض، ويجب ألا تكون الموائع بالكثافة نفسها.
إن المبدأ الرئيس لعملية الفصل يعتمد على تأثير الجاذبية لفصل الموائع ذوات الكثافة المختلفة؛ لذلك إذا كانت الموائع ذائبة بعضها في بعض فمن الصعب عزلها عن بعضها من طريق تأثير الكثافة فحسب. [4]
إن الخطوات الرئيسة لأيّةِ عملية عزل ومعالجة تتلخص في ثلاث خطوات متتالية: التسخين، والمعالجة الكيميائية وأخيرًا المعالجة الكهربائية.
التسخين:
ما زالت الحرارة من الطرائق التقليدية لفصل الماء عن النفط؛ إذ إنَّها تساعد على تقليل لزوجة النفط، وهناك طريقتان أساسيتان للتسخين:
الأولى وهي التسخين بالطريقة المباشرة من طريق إمرار النفط خلال ملف يتعرض إلى غازات الاحتراق الحارة.
الثانية وهي التسخين بالطريقة غير المباشرة من طريق التبادل الحراري للنفط مع وسط حراري آخر مثل الماء.
إنَّ اختيار طريقة التسخين يعتمد على كمية الماء الحار الموجود في النفط. وإنَّ تأثير الحرارة في تقليل اللزوجة يساعد على زيادة سرعة الفصل بتعزيز اندماج القطرات التي سوف تشكل قطراتٍ كبيرةً نتيجة تصادمها مع بعضها. وعلى الرَّغم من التأثيرات الإيجابية للحرارة على العملية بأكملها فإنَّ هناك بعض التأثير السلبي على النفط الحاوي على مركبات خفيفة، فقد يؤثر تبخرها في حجم النفط الكلي، إذ يُفقد قرابة 1% من الحجم الكلي، وكذلك قد يتسبب تحرر هذه المركبات أو الغازات بحدوث اضطراب يعرقل تجمع قطرات الماء ويمنع استقرارها، وتُعالَج هذه المشكلة بمراعاتها في تصميم العازلة؛ ففي التصاميم الجديدة يُحافظ على النفط فوق ضغط الفقاعة بوضع عازلات صغيرة أعلى أوعية المعالجة.
إذ إنَّ الحرارة المطلوبة لتسخين الماء هي ضعف الحرارة المطلوبة لتسخين النفط.[2][4]
المعالجة الكيميائية:
بعد التسخين يدخل النفط إلى العازلة المائية؛ ولكنْ بعد حقنه بمادة كيميائية تدعى كاسر الاستحلاب (ويعرف الاستحلاب بأنهُ وجود سائلَين لا يذوبان في بعضهما، بل يتشتت أحدهما في الآخر)، ويحصل الاستحلاب إذا بقي الماء عالقًا في النفط وغير قابل للترسب، ومن أهم عوامل الاستحلاب وجود المواد الصلبة، والمواد البارافينية، والمواد الأسفلتية، والحوامض العضوية الذائبة وغيرها. إن «كاسر الاستحلاب» هي مواد بوليمرية ذات أوزان جزيئية كبيرة تعمل على تقليل الشد السطحي لقطرات الماء، وفي أكثر الأحيان يُكسر غشاء القطرة، وبذلك المساعدة على فصل الماء عن النفط. [2][4]
بالإضافة إلى كاسر الاستحلاب يُعالج النفط بماء الغسل الذي يستخدم لغسل الأملاح الذائبة في النفط؛ إذ إنَّ إضافة الماء يؤدي إلى خفض تركيز المحلول الملحي، ومن ثمَّ المساعدة على استخلاص أكبر كمية من الأملاح الموجودة في النفط، ويُضاف ماء بدرجة ملوحة أقل من ملوحة الماء الموجود في النفط.
ويُجهز ماء الغسل من طريق منظومة تدعى منظمة ماء الغسل، أمَّا مواد كسر الاستحلاب فيمكن حقنها في خط دخول النفط إلى العازلة.[2][4]
المعالجة الكهربائية:
وفي داخل العازلة النفطية يصعد النفط إلى الأعلى للدخول في مجال كهربائي، ولهذه الطريقة دورٌ كبيرٌ في اندماج قطرات الماء الصغيرة المنتشرة والمشتتة في النفط، وتنشط هذه القطرات في أثناء تسليط تيار كهربائي عالٍ عليها؛ إذ يصبح الماء مشحونًا بشحنة كهربائية تسبب التجاذب والتنافر مع القطرات الأخرى، ومن ثمَّ تصادمها وتكون قطرات كبيرة تسهل عملية الفصل والترسب وذلك لثقل وزنها.
يُجهز التيار الكهربائي بواسطة بعض المحولات الكهربائية التي تنصبها في أعلى العازلة والمتكونة من شبكة من الأقطاب من سبيكة carbon-steel.
إنَّ ظاهرة اتحاد قطرات الماء مع بعضها نتيجة التيار الكهربائي تُفسَّر بإحدى الظواهر الفيزيائية الآتية: هذه القطرات قد تصبح مستقطبةً وتميل إلى صف نفسها مع خطوط المجال الكهربائي ونتيجةً للعزم؛ فإنَّ هذه القطرات الموجبة والسالبة تتصادم مع بعضها مكونةً قطرات أكبر مما يسهل تجميعها، أو إنَّ المجال الكهربائي يتسبب في كسر غشاء المستحلب؛ فالقطرة تستطيل أفقيًّا وعموديًّا بسبب زيادة الشد السطحي.
وتحوي العازلات النفطية على مجموعتين أو ثلاث من الأقطاب الكهربائية المرتبطة بمحولة كهربائية ويكون دخول النفط عبر أنبوب يحوي فتحات لتوزيع النفط توزيعًا متساويًا في العازلة ليصعد إلى المجال الكهربائي الذي تجهزهُ الأقطاب الكهربائية.[2][4]
إذًا ما يحدث في محطات الإنتاج السطحية وبمساعدة العازلات النفطية يمكن تلخيصه في ثلاث خطوات:
كسر المستحلب.
اندماج القطرات.
الترسب بفعل الجاذبية.
وفي حال حدوث بعض المشكلات التشغيلية؛ فإنَّ النفط الخارج من العازلة لن يكون بالمواصفات المطلوبة من حيث نسبة الماء والأملاح، لذلك يجب تجهيز خط آخر لإعادة النفط إلى المعالجة مرةً أخرى.[2][4]
إذا نجحت عملية الفصل يُحوّل النفط المعالج إلى خزانات لتُضخَّ فيما بعد إلى التصدير، أمَّا الغاز والماء الخارج من هذه العازلات فيذهب كل منهما إلى نظام معالجة آخر لغرض الاستفادة منهما.[1]